د.مازن النجار بجانب قدرته على خفض حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية بشكل كبير، فإن أحد أدوية خفض كولسترول الدم الضار منخفض الكثافة، المسماة كمجموعة "ستاتين"، هو روسوڤاستاتين أو (rosuvastatin)، ويعرف أيضاً باسمه التجاري "كرستور"، أبدى فائدة هامة أخرى، بتخفيض معدل تجلط الدم بالأوردة. وجد باحثون قدموا نتائج دراستهم مؤخراً بمؤتمر كلية طب القلب الأميركية، أن المرضى المشاركين في الدراسة لم تكن مشكلتهم بداية ارتفاع مستويات الكولسترول الضار منخفض الكثافة، بل ارتفاع مستويات مؤشر التهابي، هو بروتين "سي آر پي". هذا يشير لإمكانات مفيدة لعقاقير "ستاتين" في تحسين الدورة الوريدية، وليس فقط الشريانية. لكن خبراء يحذرون من أن بيانات الدراسة قد لا تكون حاسمة بما يكفي لاستخدام تلك العقاقير لهذا الغرض فقط. وتشير النتائج لأن عقاقير ستاتين تستمد بعض فوائدها من تأثيرها على بروتين "سي آر پي". بل إن دراسة أخرى بنفس المؤتمر وجدت أنه بجانب خفض الكولسترول الضار، يُعزى نجاح عقاقير ستاتين في خفض مشكلات القلب والشرايين، كالأزمات، جزئياً لخفض مستويات بروتين "سي آر پي". استندت الدراستان إلي بيانات مشروع دراسة "جوبيتر" المسحية واسعة النطاق. ونشرت إحداهما بدورية "نيوإنغلند جورنال أوف مديسن"، والأخرى ستنشر بالعدد القادم من مجلة "لانسيت" الطبية. مشروع بحثي واسع انخرط بمشروع "جوبيتر" حوالي 18 ألف رجلاً وامرأة، أكثر من ثلثهم بدناء ومتوسط أعمارهم 66 عاماً، وتم تصنيفهم عشوائياً، بحيث يتلقى أحدهم يومياً 20 مليغراماً من كريستور أو قرصاً من علاج بالإيهام (بلاسيبو مكون من السكر والنشا). بدا جميع المشاركين "أصحّاء"، بمستويات كولسترول دون 130 مليغراماً/ديسيلتر دم، ومستويات حساسية عالية لبروتين "سي آر پي" عند 2 مليغراماً/لتر أو أكثر. بعد متابعة بمتوسط عامين، وجد الباحثون أن كريستور قد خفض مخاطر التجلط بالأوردة بنسبة 43 بالمائة مقارنة بالبلاسيبو. وجاء انخفاض المخاطر لدى الأكثر تعرضاً لمخاطر التجلط، كمرضى السرطان والجراحات، والأقل تعرضاً لها أيضاً. لم ترتفع مخاطر النزيف لدى الذين تلقوا كريستور. ويتوقع روبرت غلين، إخصائي الإحصاء الحيوي بمستشفى بريغهم ببوسطن ومؤلف الدراسة الأولى، أن يكون التأثير الإيجابي مشتركاً بين عقاقير "ستاتين" الأخرى. وجدت الدراسة الثانية أن المشاركين انخفضت لديهم مستويات الكولسترول الضار وبروتين "سي آر پي"، كما انخفضت أيضاً مشكلات الأوعية الدموية بنسبة 65 إلى 79 بالمائة. النشاط البدني والغذاء وكان مشروع "جوبيتر" قد توقف العام الماضي عندما رصد الباحثون انخفاضاً نسبته 44 بالمائة في حدوث الأزمات القلبية والسكتات لدى مجموعة كريستور. آليات خفض عقاقير "ستاتين" لمخاطر التجلط غير مفهومة تماماً، رغم اعتقاد بعض الخبراء بأن خفض مستويات بروتين "سي آر پي" قد يفسر ذلك. والمعلوم أن ارتفاعها يزيد مخاطر أمراض الشرايين، وربما الأمر ذاته صحيح لأمراض الأوردة. وهذا يدعم الفكرة القائلة بأن الكولسترول أو بروتين "سي آر پي" أو كلاهما يلعبان دوراً في مرض تجلط الأوردة والشرايين. ويبدو أن عقاقير "ستاتين" تلعب دوراً مفيداً كذلك. يقدر الخبراء أن نتائج مشروع "جوبيتر" الأصلية، القائلة بأن تعاطي كرستور يخفض الأزمات والسكتات بنسبة 44 بالمائة، ربما أضافت 11 مليوناً لجماعة سكانية كبيرة من الأميركيين المسنين الذين يتناولون "ستاتين". لكن هل ينبغي للجميع بنهاية المطاف تناول "ستاتين" لوقاية صحة القلب؟! يرى الباحثون أنه بجانب ارتفاع ثمن هذه الأدوية، من الخطأ القول: تناول قرص الدواء ولا تنشغل كثيراً بصحتك. بل ينبغي للجميع ممارسة النشاط البدني وتغيير نظامهم الغذائي. خفض مخاطر حدوث السكتات الدماغية وفي نفس السياق أيضاً، وبعد ظهور الدراسة الأميركية مباشرة، جاءت نتائج دراسة أخرى أوروبية أجرى مؤلفوها مراجعة بحثية، ووجدوا أن أدوية خفض الكولسترول أيضاً تقلل مخاطر حدوث السكتات الدماغية بنسبة الخُمس، وخلصت الدراسة إلى ضرورة التوسع في استخدام هذه الأدوية لوقاية المرضى الأكثر تعرضاً للسكتات. المعلوم أن السكتة الدماغية أحد أكبر الأمراض المسببة للوفاة ببريطانيا، وينجم عنها 67 ألف وفاة سنوياً، وتصيب أكثر من 150 ألف مريضاً سنوياً. من ناحية أخرى، أجرى الباحثون مراجعة لأكثر من 24 دراسة سابقة، ووجدوا أن انخفاض مستويات الكولسترول كان مرتبطاً بانخفاض مخاطر حدوث السكتة الدماغية. فقد هبطت المخاطر بنسبة 21 بالمائة مقابل كل انخفاض في مستوى الكولسترول الضار منخفض الكثافة. كذلك، ارتبط انخفاض مخاطر تكرار السكتات الدماغية، الناتجة عن الجلطات الدموية، عند من أصيب بها سابقاً، بانخفاض مستويات ذلك الكولسترول. تؤخذ عقاقير خفض الكولسترول منخفض الكثافة لتقليل مخاطر حدوث الأزمات القلبية، لأنها تخفض كمية الكولسترول الذي ينتجه الجسم، وتدفع الجسم لتخليص مجرى الدم من الكولسترول، وبذلك تتراجع مستوياته الإجمالية. وتشمل آثارها الجانبية أحياناً آلاما عضلية وإرهاقاً ومشاكل كبد واضطراب النوم وصداعاً. يرى الباحثون أن لخفض شحوم الدم بأدوية الكولسترول فعالية في تقليل حدوث السكتات الدماغية الأولية والمتكررة. ونظراً لارتباط هذا التأثير بمقدار انخفاض الكولسترول منخفض الكثافة، فالخطوة البحثية التالية هي تقييم فعالية وسلامة المزيد من خفض هذا الكولسترول عقب سكتة دماغية. يشير الباحثون أيضاً إلى أن العلاجات المؤدية لزيادة الكولسترول النافع مرتفع الكثافة، قد تخفض بدورها أيضاً مخاطر حدوث السكتات الدماغية. بعض الخبراء بالمجال يعتبرون أن هناك كفاية وزيادة من المعلومات المتاحة والقائلة بضرورة تعاطي أدوية الكولسترول بالنسبة للمرضى الأكثر تعرضاً لمشكلات الأوعية الدموية، كالسكتات الدماغية والأزمات القلبية. وينبغي التوكيد دائماً على استمرارهم في استخدام هذه الأدوية، وتوعيتهم بخطورة التقصير والقصور في هذا الأمر. على صعيد متصل، توصلت دراسة أخرى هولندية إلى أن استخدام "الباراستيمول" كعلاج لمرضى السكتات الدماغية، الذين يتعرضون لارتفاع درجات الحرارة، يجنب هؤلاء المرضى مخاطر حدوث عاهات أخرى لاحقاً.