\r\n عمل المحكمة الدستورية يمكن تبريره بموجب الدستور التركي الذي يجبر التحرك ضد الاحزاب السياسية اذا ما مزقت المبادئ الديمقراطية والعلمانية للجمهورية» هذا النص يحيط به الغموض ويمكن تأويله على اكثر من وجه. \r\n \r\n وينظر للدستور التركي الحالي على انه قديم وانه اقر من قبل المؤسسة العسكرية قبل ربع قرن. \r\n \r\n رئيس الحزب ورئيس الحكومة رجب طيب اردوغان ليس ضحية تماما حيث ساهمت بعض الاخطاء التي ارتكبها في اثارة الشكوك حول نوايا حزبه الحاكم. \r\n \r\n فقد عمد الى تضييق الدائرة الضيقة من المستشارين المحيطين به ولم يدفع الاصلاحات السياسية والاقتصادية التي وعد بها بصورة اسرع والاخطر من ذلك انه سمح لنفسه بالدخول في مواجهة سابقة لاوانها وان كانت محتملة الوقوع مع العلمانيين بشأن غطاء الرأس الاسلامي والسماح بارتدائه داخل الجامعات. \r\n \r\n باختصار خسر اردوغان الكثير من رأسماله السياسي الذي تمكن من تحقيقه في الصيف الماضي واثار الشكوك حول وجود اجندة سرية لجعل تركيا مكانا اكثر اسلامية. \r\n \r\n الموقف الاميركي يتمثل الآن في التزام الصمت وعدم اتخاذ موقف محدد تجاه اي طرف على امل ان تحل هذه القضية عبر المؤسسات التركية القائمة وحسب ما يراه الناخبون الاتراك مناسبا. هذا الموقف يعني اللاموقف فالقول بأن المؤسسات هي التي يجب ان تحل هذه القضية يعني ان المحكمة الدستورية فوق السياسة وهي ليست كذلك. بأي حق تنظر المحكمة الدستورية في اعلان حزب وطني اعطى تركيا افضل حكومة منذ سنوات طويلة عندما قدم الى السلطة في 2002 وسط تأييد شعبي جارف غير مسبوق ووسط تأييد الاسواق المالية العالمية؟ \r\n \r\n ما يقوله العلمانيون هو ان اردوغان يحاول تحويل تركيا الى جمهورية اسلامية وهو امر مشكوك فيه ولا يمكن اخذ مثل هذه الاقوال بجدية. \r\n \r\n الحقيقة ان الانتخابات التي نظمت في عام 2007 والمكاسب الضخمة التي حققها حزب العدالة والتنمية اوجدت لأول مرة في تركيا جبهة اصبحت تشكل تهديدا حقيقيا لسيطرة النخبة التي جاءت الى السلطة في العشرينيات مع كمال اتاتورك والتي لم تتغير نظرتها للامور منذ ذلك الحين حتى الآن هناك شعار ترفعه هذه النخبة منذ ايام اتاتورك يقول «من اجل الشعب ورغما عن الشعب» رغما عن الشعب كان له ما يبرر رفعه خلال زمن اتاتورك حيث حاول لملمة اجزاء تركيا المهزومة ودفعها نحو التحديث والحداثة بعد الحرب العالمية الاولى الآن اختلفت الازمان وها هي تركيا قد اصبحت دولة مرشحة لدخول الاتحاد الاوروبي. \r\n \r\n الخبراء في الشأن التركي يقولون ان هناك احتمالا قويا لاتخاذ المحكمة قرارا بحظر حزب العدالة والتنمية ومنع كبار القادة فيه من ممارسة النشاط السياسي بمن فيهم اردوغان لمدة خمس سنوات ولكن ذلك لن ينهي الحزب او اردوغان فاذا نظرنا الى السابقة الماضية فإن الحزب سيظهر من جديد وسيسيطر على البرلمان ثانية ولكن تحت اسم جديد. سيبقى اردوغان لاعبا رئيسيا على المسرح التركي ولو من وراء الستار. \r\n \r\n نتائج حظر الحزب ستكون كئيبة على تركيا ومن السهل توقعها وهي على النحو التالي: تعطيل البرلمان والمؤسسات البيروقراطية وحدوث استقطاب وطني وتبخر الاستثمارات الأجنبية وحصول تباطؤ في النمو الاقتصادي وتعطيل المسار التركي على طريق الاتحاد الأوروبي. \r\n \r\n الخسارة لن تطال تركيا فقط بل ستطال أيضا الكثيرين نظرا للاهمية الاستراتيجية التي تمثلها تركيا سواء في الشرق الأوسط او في آسيا الوسطى. \r\n \r\n ان حظر حزب العدالة والتنمية سيشكل نكسة خطيرة للديمقراطية في المنطقة في وقت عصيب وشديد الحساسية. \r\n \r\n ان عدم الاكتراث الاميركي لمصير حزب العدالة والتنمية يتسم بقصر النظر ومن الضروري تصحيح هذا الموقف قبل فوات الأوان.