والواقع فإن تلك الخطوة إذا وقعت ستكون خطأ فادحا. فبوصفها لعناصر الحرس الثوري الإيراني الذي يبلغ قوامه 125 ألف فرد على أنهم إرهابيون فإن واشنطن بذلك تتخلى عن فرصة وجود احتمال لاستغلال الإنشقاقات الداخلية داخل تلك المنظمة ومن ثم تقليص أي فرص للضغوط الدبلوماسية على طهران. \r\n وبدلا من ان تزيد الولاياتالمتحدة من احتمالية اللجوء الى الخيار العسكري الكارثي عليها أن تدفع نحو إحداث تغييرات داخل الحرس الثوري لصالح المعتدلين وبعيدا عن المتشددين الذين ستكون لهم الكلمة العليا في حالة العزلة أو المواجهة. \r\n والحرس الثوري الذي أنشئ بعد فترة وجيزة من قيام ثورة 1979 وأخذ على عاتقه إعلاء مبادئ الثورة والدفاع عنها يفوق المؤسسة الدينية فيما يتمتع به من قوة سياسية واقتصادية. ومع تزايد النفوذ السياسي للحرس الثوري تزامن ذلك أيضا مع ازدياد قوته الاقتصادية. فخلال العامين الماضيين فقط منحت الشركات العاملة مع الحرس الثوري عقودا نفطية بقيمة 10 مليارات دولار اضافة إلى المليارات الأخرى التي يحصلها كعوائد من أنشطة التصدير والتهريب لأشياء مثل الوقود والسيارات والخمور. \r\n وأكثر ما يثير قلق واشنطن هو نشاط الحرس الثوري في إدارته للسياسة الخارجية الإيرانية في العراق وأفغانستان ولبنان حيث يعتقد أن أنه يقدم المساعدة للقوات المتشددة التي تستهدف الجنود والمصالح الأميركية كما ترتبط المنظمة أيضا بالبرنامج النووي الإيراني. \r\n وكان الجنرال رحيم صفوي الذي تولى قيادة الحرس الثوري حتى الشهر الماضي قد أعلن في إحدى المرات أن إيران لديها استراتيجية لاستئصال جذور حضارة الأنجلو ساكسون. \r\n والمؤكد أن الحرس الثوري له خصائص مقيتة إلا أنه وعلى خلاف القاعدة لا تربطه علاقة وثيقة بالمتشددين الإسلاميين. وكانت استطلاعات للراي قد أجريت داخل ثكنات الحرس الثوري عامي 1997 و2001 قد أظهرت ان نحو ثلثي أفراده يؤيدون الرئيس الإيراني في ذلك الوقت محمود خاتمي المعروف بأنه من الإصلاحيين وهو دليل يعكس أوضاع المجتمع الإيراني وحالة عدم الرضا أكثر مما كان عليه الاعتقاد في السابق. \r\n كما أن محسن رضائي الذي تولى لفترة طويلة رئاسة الحرس الثوري وما يزال له ثقله المؤثر بين أعضائه قد دافع عن إعادة المصالحة بين الولاياتالمتحدةوايران لسنوات عديدة معبرا عن أصوات كثيرين من أفراد الطبقة المتوسطة ممن تقابلت معهم في طهران. ولا يختلف الأمر كثيرا عن التجربة الأميركية الحديثة أن الأفراد الذين خدموا في الجيش وعايشوا رعب القتال يكونون عادة أقل ميلا عن زملائهم المدنيين إلى تأييد أية مغامرات عسكرية جديدة. \r\n كما أن المقولة التقليدية أن الحرس الثوري حليف قريب من الرئيس الإيراني أحمدي نجاد هي قول مغلوط. ففي ظل افتقاده إلى القاعدة الشعبية العريضة التي كان يتمتع بها الرئيس السابق خاتمي فقد مد أحمدي نجاد يده إلى الحرس الثوري ليكتسب به السلطة والنفوذ وليس العكس. كما أن كبار القادة في الحرس كانوا قد صوتوا في انتخابات 2005 الرئاسية لصالح زميلهم محمد باقر قاليباف عمدة طهران حاليا وهو إصلاحي معتدل يدافع عن نهج المصالحة في السياسة الخارجية كما أن نجمه السياسي يأخذ منحنى صاعدا على النقيض من نجم نجاد. \r\n وهناك موقفان للسياسة الخارجية الأميركية يمكن الاسترشاد بهما في هذا المقام. أولهما أنه في الوقت الذي يميل المسؤولون في إدارة بوش إلى تشبيه سياستهم نحو إيران بسياسات أميركا خلال الحرب الباردة فإنهم يتجاهلون جانبا جوهريا من عملية الإصلاح التي شهدها الاتحاد السوفيتي وشرق أوروبا اللذان بدءا في جني الثمار عندما أصبحت الشيوعية والجيوش على قناعة أن مصلحتهم في تبني نظام آخر. \r\n والدرس الثاني من العراق. فعندما تم حل جيش البعثيين الذي كان يضم حوالي 300 ألف عنصر ولم يكن من بينهم سوى عدد قليل للغاية تربطهم علاقة قرابة بالرئيس صدام حسين شعر أعضاؤه أنهم قد فقدوا قوام حياتهم ولم يعد لهم مكانا في مستقبل العراق ونتيجة لذلك فقد اختار كثير منهم الانضمام إلى المسلحين. \r\n وفي ايران اليوم هناك منظمتان فقط تجمعان بين التسلح والتنظيم وهما الحرس الثوري وميليشيا الباسيج والأخيرة أكبر حجما إلا أنها أقل مرتبة. وأي إصلاح سياسي ناجح يجب أن يتقرب لهاتين القوتين ويطمئنهما على مكانتهما في مستقبل إيران. \r\n فوصف الحرس الثوري على أنه منظمة إرهابية من شأنه أن يجعل أعضاءه يشعرون بشكل متزايد أن مصلحتهم في الإبقاء على الوضع الراهن. \r\n بيد أن الولاياتالمتحدة يمكنها بل ويجب عليها أن تزيد من الضغوط على الحرس الثوري وأن تبذل جهودا نشطة لإثناء الشركات الأجنبية عن العمل مع الكيانات التابعة للحرس الثوري وأن تستهدف بكياسة وفطنة الأنشطة المالية الخاصة بكبار قادة الحرس الثوري. فعلى ضوء الأنشطة التي يقوم بها الحرس الثوري في العراق إلى جانب المسألة النووية ليس هناك الكثير من المتسع للانتظار إلى أن يحدث التغيير الديموقراطي الليبرالي في إيران. \r\n والهدف يجب أن يكون توسيع الانقسامات الموجودة داخل صفوف النخب الحاكمة المتفاوتة في إيران وليس توحيدهم خلف التوجه السادر نحو المواجهة والذي لا يرغب فيه سوى قليلين. وربما لا يكون لدى غالبية المسؤولين في الحرس الثوري ميلا كبيرا لأسلوب نجاد بيد أنه من غير المتوقع أنهم سيدافعون عن توجه يدعو إلى المصالحة مع حكومة الولاياتالمتحدة التي تعتبرهم جميعا إرهابيين. \r\n \r\n كارم ساجادبور \r\n مدير الدراسات الإيرانية في معهد كارنيجي للسلام الدولي \r\n خدمة واشنطن بوست خاص ب (الوطن) \r\n