الأسلحة الصغيرة هي أسلحة الدمار الشامل الحقيقية، وأصبحت تجارتها العالمية بمثابة عامل ردع في العلاقات السياسية والفردية في دول فاشلة في أفريقيا والأحياء الخارجة عن القانون في أمريكا اللاتينية وآسيا، ناهيك عن الخلطة السامة بينها وبين المخدرات في بعض المدن الأمريكية، والتي ترغم المواطنين على المكوث في بيوتهم والالتزام بحظر تجول مفروض ذاتيا. \r\n \r\n في شوارع كينشاسا، يمكن شراء بندقية رشاشة من نوع كالاشنيكوف مقابل 30 مجرد دولار. وعندما تقع في أيدي طفل قاصر عادة ما تضفى عليه شعورا بالقوة والأمان في حين تزرع فيه في الواقع بذور التشويه والتدمير الذاتي. \r\n \r\n هناك 100 مليون بندقية كالاشنيكوف في مختلف أنحاء العالم، يستخدمها أساسا لا الجنود وإنما اللصوص وقطاع الطرق والسفاحين ورجال يسعون إلى البرهنة على رجولتهم وأطفال يسخرون في خدمة أسياد الحرب. \r\n \r\n نشأت البندقية من طراز \"آ ك 47\"، وهى سلاح المتمردين المفضل، لأغراض مختلفة تماما، فقد صممها الجيش السوفيتي لمحاربة النازيين، ولم يستكمل تصميمها النهائي في الواقع حتى نهاية الحرب. وأثناء الحرب الباردة، صدرها الاتحاد السوفيتي إلى حلفائه في شرق أوروبا. \r\n \r\n واثر انهيار الكتلة الشرقية، بدأ مخزون الأسلحة الصغيرة في التسرب إلى مواقع النزاعات من البلقان إلى وسط أفريقيا، وانتشرت في رواندا لتساعد المناجل في ذبح 900 ألف مدني بين أبريل ويوليو 1994. \r\n \r\n والآن أصبح طراز \"آ ك 47\" آلة القتل المفضلة لدى أسياد الحرب وزعماء المتمردين بل وعدد من الحكومات أيضا. وتنتج نحو 60 دولة، نسخا من هذا الطراز وأفضل منتجيها روسيا والصين. \r\n \r\n وكدليل على انحطاط أخلاقيات تجارة هذه السلاح، تذكر حالة فيكتور باوت، رجل الأعمال الشاب في مرحلة ما بعد حكم السوفييت، والذي ذاعت شهرته في العقد الماضي لإدارته لعلميات شحن أسلحة صغيرة على متن أسطول من 60 طائرة نقل من العهد السوفيتي، بصحبة زهور وإمدادات ومؤن إغاثة بل وحتى قوات سلام تابعة للأمم المتحدة. \r\n \r\n واستمر نجاح باوت حتى بعد أن وقعت الأممالمتحدة في شرك تهريب السلاح فواصلت الاستعانة بخدماته لعدم إمكان العثور على منافس له أو منافس بالسعر الذي يناسب ميزانيتها. \r\n \r\n وتهادى نجاح باوت بين العالمين المشروع وغير المشروع، والحماية الضمنية من قبل سلطات روسية، في دليل على مدى صعوبة تقليص تجارة تدخل خيوطها في نسيج الصفقات القانونية والعمليات المغطاة لأجهزة المخابرات والأمن الوطنية أيضا. \r\n \r\n لاشك أن استئصال وباء علميات تهريب الأسلحة الصغيرة يواجه صعوبات جبارة، لأنها رخيصة وسهلة الاستعمال ومتوافرة في كل مكان. وعلى النقيض من الألغام مثلا، فهي تتنقل من يد إلى يد ويمكن استخدامها لأغراض مختلفة. \r\n \r\n كما اصطدمت الجهود التي بذلت لرصد ووقف تجارة الأسلحة الصغيرة بتنظيمات خاصة جيدة الإعداد والتنظيم وبدول قوية تستخدمها كوسيلة لمكافحة المتمردين وتنظيم حروب بالوكالة. \r\n \r\n وأخيرا، وبعد سنوات طويلة من تجاهل المشكلة، شحنت الجمعية العامة للأمم المتحدة حملة للعمل بمعاهدة لتنظيم تجارة الأسلحة الصغيرة. بيد أنه رغم طاقتها وقدرتها على التدمير، فان كثير من الحكومات بما فيها الولاياتالمتحدة، تتردد في السماح بالعمل بنظام من شأنه أن يقيد قدرتها على توزيعها بحرية. \r\n \r\n *مارك سومير، برنامج الاذاعة الدولى \"عالم من الامكانيات\" www.aworldofpossibilities.com (آي بي إس / 2007)