\r\n في نفس الوقت يدرك بوتين جيدا ان روسيا ليس لها الآن الوزن الذي كان في السابق حيث لا توجد دول تدور في فلكها وليس لديها القدرة على تحدي المصالح الغربية من خلال دعم القوى الثورية او استعراض عضلاتها العسكرية. \r\n \r\n على اية حال سارع الرئيس بوتين لاستغلال تراجع الهيبة الاميركية خاصة فيما يتعلق بالورطة الاميركية في العراق والقضايا المسمومة المتعلقة بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. \r\n \r\n ربما يمكن ذلك السيد بوتين من ادخال بلاده كقوة موازية الى حد ما للنفوذ الاميركي في المنطقة. في الصيف الماضي ساد اجواء الشرق الاوسط ما يشبه اصداء الحرب الباردة. فقد نشبت حرب بين اسرائيل وحزب الله وهو صدام كانت له ابعاد تكتيكية وتسليحية فإسرائيل قاتلت باستخدام السلاح الاميركي وقاتل حزب الله بالسلاح الروسي واستخدمه بفاعلية عالية وتمكن من قنص عشرات الدبابات الاسرائيلية المتطورة بصواريخ روسية. \r\n \r\n روسيا ليست راعيا مباشرا لحزب الله فالميليشيا الشيعية تهرب السلاح عبر سوريا وايران وهما من زبائن السلاح الروسي اكثر منهما حلفاء استراتيجيين. وفي ضوء حدوث «تسريب» للاسلحة الى حزب الله ذكرت روسيا انها اعتذرت بهدوء لإسرائيل ووعدت بتقوية مراقبتها لمبيعاتها من الاسلحة. وترغب روسيا بالاحتفاظ بعلاقات جيدة مع إسرائيل كونها موطنا لمليون روسي هاجروا اليها. \r\n \r\n ونقل عن قائد الاركان الروسي يوري بولفسكي قوله ان الجهود الاميركية لخلق عالم احادي القطبية يسبب مشاكل لدول العالم. وابلغ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف احدى الصحف العربية مؤخرا ان روسيا قد عادت الى العالم وهي اكثر قوة وثقة بالنفس وهذا عامل مهم على طريق ايجاد توازن في الشؤون الدولية والتحرك بالتالي نحو ضمان الاستقرار بدل الفوضى. \r\n \r\n وخلال اجتماع «الرباعية» وهي ناد يضم روسيا واميركا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة انتقد لافروف المواقف الاميركية وعلى رأسها رفض التعاون مع حماس التي فازت في الانتخابات الفلسطينية ووصف هذا الموقف بأنه سلبي. واتهم اميركا بالحاق الضرر بالعملية السلمية من خلال الاخذ بمبدأ «اما معنا او ضدنا». \r\n \r\n لا تمتلك روسيا الكثير من النفوذ على المسائل والقضايا العربية الاسرائيلية فهي لا تساهم سوى ب 1% من المساعدات الاجنبية التي تقدم للفلسطينيين وعندما اقترح بوتين في العام الماضي استضافة مؤتمر للسلام حول الشرق الاوسط تجاهلت اسرائيل ذلك الامر. \r\n \r\n في نفس الوقت عملت روسيا على استغلال الظروف في مناطق اخرى من المنطقة ولنأخذ الطموحات النووية الايرانية كمثال فروسيا تدافع عن البرنامج النووي الايراني وتقول عنه انه بريء وبذلك تكون روسيا قد حققت مكاسب تجارية ودبلوماسية فمن خلال التزامها باقامة مفاعل بوشهر بتكلفة 800 مليون دولار كسبت طلبات باقامة ستة مفاعلات اخرى هذا الشيء يحيي الصناعة النووية الروسية ويحسن من ظروف روسيا لبيع هذه التكنولوجيا في اماكن اخرى في نفس الوقت يبعد عن روسيا اي انتقادات ايرانية بشأن معاملتها للمسلمين في الشيشان. \r\n \r\n كذلك نشط الدور الروسي بعد موافقة روسيا على بيع ايران صواريخ ارض - جو وتطوره تمكنها من الدفاع عن منشآتها النووية من اي هجمات صاروخية اميركية او غيرها ونتيجة للضغوط الدولية اقدم المهندسون الروس على الابطاء في اكمال مفاعل بوشهر الذي لا يتوقع الانتهاء من اقامته الا في الخريف القادم وقد اعتذرت روسيا عن بيع ايران صواريخ اكثر تطورا كونها مشغولة بتنفيذ العقود الحالية. \r\n \r\n التحركات الروسية لا تعجب بالتأكيد الولاياتالمتحدة واسرائيل.. وتأمل روسيا في ان يؤدي الاعتدال الذي بدأ يظهر في الرأي العام الايراني وزيادة الانتقادات لتصريحات ومواقف الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى تراجع التوترات وفتح باب المفاوضات مع الغرب للتوصل الى حل يرضي الجميع. \r\n \r\n لقد فعل المسؤولون الاميركيون والروس خيرا بنزع فتيل الازمة التي نشبت حول خطط واشنطن لاقامة نظام للدفاع الصاروخي في شرق اوروبا وما اثاره خطاب الرئيس الروسي الجريء الذي هاجم فيه وبحدة التفرد الاميركي في الشؤون الدولية. \r\n \r\n ان العالم ليس بحاجة الى حرب باردة جديدة او حتى حرب باردة على المستوى الخطابي فهناك الكثير من القضايا العالمية التي يمكن ان ينتفع منها الجميع اذا ما وجد تعاون افضل بين واشنطنوموسكو. هذا ظهر واضحا وجليا في التعاون والتنسيق بين الولاياتالمتحدةوروسيا والصين والذي ادى إلى التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية. ان القوى العالمية ستكسب الكثير اذا عملت مع بعضها البعض وهو شيء نأمل ان يمتد ليشمل الشرق الأوسط الذي يعيش مسلسلا طويلا من الازمات. وهناك الكثير الذي لا يزال يتوجب عمله في، هذه المنطقة ولن يتحقق الا بوجود تعاون وتنسيق بين القوى العالمية. \r\n \r\n ان على واشنطن ان تعترف بأن سياساتها الأمنية الانفرادية تثير مخاوف الكثيرين، في مناطق عديدة من العالم. ومن المنطقي بل ومن حق روسيا ان تثير التساؤلات حول الخطط الأميركية لاقامة قواعد صاروخية مضادة للصواريخ في بولندا وجمهورية التشيك. المسؤولون الأميركيون يقولون ان هذه الدفاعات ليست موجهة ضد روسيا بل ضد دول «مارقة» مثل إيران التي اطلقت صاروخا إلى الفضاء. \r\n \r\n ان من حق روسيا ان تطرح التساؤلات وخاصة في ظل وجود كثير من التساؤلات حول قدرة دول «مارقة» على تطوير صواريخ فعالة متطورة عابرة للقارات وعلى قدرة الولاياتالمتحدة على اعتراضها واسقاطها. \r\n \r\n ان الولاياتالمتحدة شأنها شأن الدول الأخرى لها الحق في وضع اولويات لها في المجال الامني ومن حقها ايضا ان تتفاعل مع قلق ومخاوف اصدقائها وحلفائها من خلال استغلال تفوقها التكنولوجي الهائل مقارنة بما هو موجود لدى الدول الاخرى. \r\n \r\n على الولاياتالمتحدة ان تعي جيدا ان تجاهل المخاوف الامنية للآخرين وخاصة روسيا القوة العظمى السابقة يزيد من انعدام فرص الأمن وسيجعل العالم أقل امنا للجميع بما فيها الولاياتالمتحدة نفسها. \r\n \r\n ان محاربة الإرهاب الذي ترعاه دول يجب ان يوحد الولاياتالمتحدةوروسيا لا ان يفرقهما. \r\n \r\n موسكو شريك صعب المراس. فهي تحاول تعويض خسارتها للامبراطورية السوفياتية من خلال محاولات فرض نفسها في تلك المنطقة اضافة لاستغلال الطاقة كسلاح سياسي والتلويح بتهديدات تثير في النفس القشعريرة مثل استهداف الصواريخ النووية المنوي اقامتها في قواعد في بولندا وجمهورية التشيك. ان التهديد بالانسحاب من معاهدات مراقبة انتاج ونشر الأسلحة لا يدخل السرور إلى قلب احد. \r\n \r\n ان سعي بوتين للهجوم على الديمقراطية في روسيا ومحاولاته التي لا تعرف الكلل أو الملل من أجل انجاح خليفته في الانتخابات الرئاسية القادمة تشكل عنصر عدم استقرار لروسيا ولجيرانها . \r\n \r\n لكن لو لم تكن روسيا قوة عظمى سابقة فانه يتوجب على الولاياتالمتحدة ان تتعاون مع موسكو بشأن الأمن العالمي فالسياسة الحقيقية وليست الخطابات الحماسية هي الحل. \r\n