\r\n وقد اتخذت الأسئلة بخصوص ما الذي يقوم به عملاءُ \"جيش القدس\" بالضبط، وما إن كانوا قد تصرفوا بأمر من القيادة الإيرانية طابعاً ملحاً وعاجلاً في وقت تقوم فيه إدارة بوش بإرسال مزيد من القوات الأميركية لإخماد العنف في بغداد. غير أن مراكز السلطة والاستقطاب المتنافسة داخل الحكومة الإيرانية، والسرية الكبيرة التي تجري فيها عملية صنع القرار، يجعلان من التحقق من صحة الأجوبة أمراً صعب المنال. \r\n \r\n وكان وزير الدفاع الأميركي \"روبرت جيتس\" قال للصحافيين يوم الخميس \"إننا نعلم أن جيش القدس يشارك في هذه الأعمال؛ ونعلم أنه ذراع شبه عسكرية للحرس الثوري الإيراني\"، مضيفاً \"ونحن نفترض أن تكون قيادة الحرس الثوري على علم بالموضوع. أما حول ما إن كان المزيد من الزعماء السياسيين الكبار في إيران يعلمون بذلك، فلا ندري\". \r\n \r\n ويرى معظم الخبراء المستقلين أنه من المنطقي افتراض أن تكون إيران نشرت أعداداً كبيرة من العملاء في العراق بعد خلع صدام حسين في 2003؛ ولاسيما أن العديد من رجال الدين الشيعة والساسة وأباطرة المليشيات في العراق تربطهم علاقات وثيقة مع إيران، حيث أمضى البعض منهم سنوات مديدة في المنفى عندما كان صدام حسين وحزب \"البعث\" يحكمان العراق. \r\n \r\n وإضافة إلى ذلك، فقد تحدثت تقارير عديدة عن الدور السابق ل\"جيش القدس\" باعتباره الذراع الطويلة للثورة الإسلامية في الخارج، حيث أنيطت به عدة عمليات عسكرية واستخباراتية وتدريبية في نزاعات سابقة مثل لبنان والبوسنة. أما من حيث تسميته، فترمز إلى التزام الحكومة الإيرانية بطرد الإسرائيليين من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي هذا الإطار، يقول عباس ميلاني، مدير الدراسات الإيرانية بجامعة ستانفورد، إن جيش القدس \"هو نخبة منتقاة بعناية من جيش إيديولوجي نخبوي أصلاً\". \r\n \r\n وباعتباره جزءاً من الحرس الثوري، يخضع \"جيش القدس\" رسمياً لأوامر الزعيم الديني الأعلى علي خامنئي، وليس الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وإن كان يُعتقد أن لهذا الأخير علاقات شخصية مع الكثير من مسؤولي الحرس الثوري الكبار. ولما كان \"جيش القدس\" يعمل تحت غلاف من السرية داخل إيران، فقد أضحى موضوع اجتهادات وتخمينات من قبل المختصين في الولاياتالمتحدة، الذين قدموا خلال حوارات جرت هذا الأسبوع تقديرات حول حجم الجيش الذي يُعتقد أنه يتراوح ما بين 3000 و50000 رجل. أما الرقم الصحيح وتفاصيل القوة العاملة وميزانيته -يقول ميلاني حسب مشرعين حاورهم- فلا يعرفها حتى البرلمان الإيراني. \r\n \r\n والحال أن بعض المختصين يشككون في ما إن كان \"جيش القدس\" موجوداً أصلاً كوحدة رسمية منفصلة عن بقية الحرس الثوري. وفي هذا السياق، يقول والي ناصر، الذي يدرِّس شؤون إيران والإسلام السياسي بالكلية البحرية العليا: \"ربما يسمى كل شخص له دور استخباراتي في الحرس الثوري عنصراً في جيش القدس\". \r\n \r\n وبصرف النظر عن انتمائهم ل\"جيش القدس\" من عدمه، فإن المؤكد أن أعضاء من الحرس الثوري أرسلوا عملاء شبه عسكريين واستخباراتيين إلى لبنان في الثمانينيات؛ حيث قاموا بتدريب مليشيا \"حزب الله\"؛ وإلى أفغانستان، خلال الجهاد ضد السوفييت؛ وبعد ذلك، إلى يوغسلافيا السابقة لفترة من الوقت، قصد دعم المسلمين البوسنيين في مواجهة القوات الصربية؛ ومناطق ساخنة أخرى. \r\n \r\n إلى ذلك، اتُّهم الحرس الثوري أيضاً بدعم عمليات إرهابية خارج إيران، ولعل أشهر هذه العمليات الهجوم بشاحنة ملغومة عام 1996 على أبراج الخُبر في السعودية، والذي أسفر عن مقتل 19 جندياً أميركياً. ومما يُذكر في هذا السياق أن قاضياً فدرالياً أميركياً كان أصدر في ديسمبر حكماً يُحمِّل الحكومة الإيرانية مسؤولية الهجوم على أبراج الخُبر، ويأمر طهران بدفع أكثر من 253 مليون دولار لعائلات الضحايا. \r\n \r\n أُنشئ الجيش الثوري عقب الثورة الإسلامية التي أسقطت الشاه في 1979. ولأن حكومة إيران الثورة لم تكن تثق في الجيش الإيراني الذي كان معروفاً بتأييده للملكية، فقد أنشأ الحكامُ الجدد الحرسَ الثوري باعتباره قوة عسكرية موازية، تضم في صفوفها أشد أنصار الثورة تفانياً وإخلاصاً. وخلال السنوات الخمس والعشرين اللاحقة، تطور الحرس الثوري، الذي يُقدِّر المختصون الغربيون قوامه بما بين 125000 و300000 جندي، تدريجياً إلى أكثر من جيش تقليدي وأصبح أكثر انخراطاً في المشاريع التجارية المربحة داخل إيران وخارجها. غير أن ذلك لم يَحُل دون تنفيذه، بموازاة مع ذلك، لعمليات في الخارج، علنية أو سرية، كثيراً ما كانت تتم تحت مسمى \"جيش القدس\". \r\n \r\n ويرى هوشانغ أمير حمادي، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة روتجرز، أن العمليات التي يقوم بها \"جيش القدس\" لا تصدر بالضرورة عن خامنئي؛ وأن الزعيم الأعلى ربما لا يتوصل بالتقارير حول جميع أنشطة الجيش، ويقول \"إن الحكومة الإيرانية تمثل تجمعاً واسعاً وفضفاضاً لمراكز القوى وأجنحة السلطة\"، وهو ما يجعل خطوط السلطة والمراقبة غير واضحة المعالم. كما يرى أن على القيادة الإيرانية ألا تتنصل من مسؤوليات ما يقوم به عملاؤها في العراق، إذ \"لا يمكن لإدارة بوش أن تقول لدينا وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي)، ولكننا لا نتحكم فيها\"، مضيفاً أن المبدأ نفسه ينبغي أن يسري على الحكومة الإيرانية. \r\n \r\n سكوت شين \r\n \r\n محرر الشؤون الخارجية في \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n