\r\n \r\n مع انصراف انتباه العالم وتركيزه إلى العراق، وكوريا الشمالية، والصدام المحتمل مع إيران بسبب الأسلحة النووية، اختفت كوسوفو من على شاشة الرادار. إلا أن هذه الغفلة سوف تنتهي قريباً؛ فالقرار بشأن مصير الإقليم بات يلوح في الأفق الآن. \r\n لقد أعربت الولاياتالمتحدة ومعها أصدقاؤها الأوروبيون مراراً وتكراراً عن اعتزامهم اتخاذ القرار الصعب قبل نهاية هذا العام بشأن فصل كوسوفو عن صربيا أو عدم فصلها. والحقيقة أن هذا القرار الذي يشكل أهمية حاسمة بالنسبة لمستقبل ذلك الإقليم غير المستقر سوف يعمل بمثابة اختبار لعزيمة الغرب ووحدته. \r\n كانت المفاوضات التي جرت هذا العام في فيينا، بوساطة من جانب الولاياتالمتحدة، قد أكدت استبعاد احتمالات التوصل إلى تسوية متفق عليها بين صربيا وكوسوفو بشأن \"الوضع النهائي\". وما زالت المحادثات مستمرة، إلا أنها، كما وصفها مفاوض الأممالمتحدة ورئيس فنلندا الأسبق مارتي أهتيساري في تقريره إلى مجلس الأمن، محادثات خامدة. \r\n لن يقبل أي من زعماء الصرب باستقلال كوسوفو، وذلك لأن النزعة القومية ما زالت تشكل القوة السياسية المهيمنة في البلاد. والحقيقة أن رئيس الوزراء فوجيسلاف كوستيونيكا رائد القومية الصربية، ظل يبذل قصارى جهده لإضعاف حكومة كوسوفو المؤقتة. وهو الآن يستعجل عقد استفتاء وطني هذا الشهر حول دستور جديد بدون أي مناقشة جدية في البرلمان. وتكمن أهمية هذا الدستور الجديد في فقرته التمهيدية التي تعتبر كوسوفو جزءاً لا يتجزأ من صربيا. \r\n ولقد أعلن ألبان كوسوفو أنهم لن يقبلوا أي ارتباط بصربيا، مهما كان ذلك الارتباط ضعيفاً أو بسيطاً. وطيلة فترة تسعينيات القرن العشرين، أختار ألبان كوسوفو عملياً رفض كوسوفو التي تديرها حكومة صربية، وذلك عن طريق إنشاء مؤسسات موازية. وبعد خروجهم الإجباري الجماعي في العام 1999، ثم التدخل من جانب منظمة حلف شمال الأطلنطي، والذي أنهى الحكم الصربي وأسس شبه دولة تحت إدارة الأممالمتحدة، أصبح أي خيار غير الاستقلال غير مقبول بالمرة في نظرهم. \r\n في غضون شهر أو شهرين من الآن، من المقرر أن تنظر مجموعة اتصال البلقان الولاياتالمتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وروسيا في توصيات أهتيساري بشأن الوضع النهائي لكوسوفو، وربما تقترح المجموعة حلاً على مجلس الأمن، الذي يرجع اتخاذ القرار النهائي له. ولقد حرص كافة أعضاء المجموعة، في المجالات الرسمية، على ترك مسألة الوضع النهائي لكوسوفو مفتوحة، إلا أن الولاياتالمتحدة وبعض حلفائها قد أبلغوا الطرفين بصورة غير رسمية أنهم سوف يقترحون الاستقلال في غضون هذا العام. \r\n إلا أن بعض أعضاء مجلس الأمن وبصورة خاصة روسيا والصين يعارضون محاولات فرض التسوية أو يشككون في احتمالات نجاحها، وهناك القليل من الحكومات التي قد تؤيد تقسيم أراضي دولة أخرى، مهما كانت الظروف قهرية. وإذا ما كان مجلس الأمن سيوافق على الاستقلال فإن هذا يعتمد إلى حد كبير على تفادي استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو)، وهو الأمر الذي سيتطلب قدراً كبيراً من الجهود الدبلوماسية. \r\n سوف تكون طبيعة الاستقلال على قدر كبير من الأهمية أيضاً. ذلك أن كوسوفو المستقلة لابد وأن تكون آمنة، ولابد وأن تحظى الأقليات فيها بالحماية. أما الجزء الشمالي من كوسوفو، والذي يقع إلى حد كبير الآن تحت سيطرة بلغراد، فلا ينبغي له أن ينفصل إلا بالاسم فقط. ويتعين على مجلس الأمن ألا يحاول في إطار سعيه إلى تخفيف الصدمة عن صربيا، أن يمنح كوسوفو الاستقلال على نحو ملتوٍ إلى الحد الذي يجعل الدولة الجديدة غير قادرة على أداء وظائفها. \r\n إذا ما فشل مجلس الأمن في التوصل إلى قرار بشأن الوضع النهائي، فلسوف يؤدي هذا إلى الانزلاق إلى موقف خطير: فلسوف تعلن كوسوفو الاستقلال من جانب واحد، وسيصبح لزاماً على كل الدول أن تتخذ القرار بشأن ما إذا كانت ستعترف بالدولة الجديدة أم لا. وإذا ما حدث ذلك فمن المرجح أن يعلن صرب شمال كوسوفو استقلالهم. ولسوف تبادر صربيا على أقل تقدير إلى شن حملة قوية ضد الاعتراف بالدولة الجديدة. \r\n الحقيقة أن حكومة صربيا قد شرعت بالفعل في بذل المحاولات لإقناع الغرب بتأجيل القرار حتى منتصف العام 2007. وهي تزعم أن الحزب الراديكالي المفرط في القومية سوف يتسلم السلطة في الانتخابات القادمة إذا ما حصلت كوسوفو على استقلالها. كما تعتقد صربيا أن عقد انتخابات مبكرة في هذا العام من شأنه أن يحمل مجموعة الاتصال على تأجيل تقديم اقتراحها إلى مجلس الأمن. فضلاً عن ذلك فقد شجعت الحكومة زعامات جمهورية الصرب في البوسنة على التهديد بإجراء استفتاء على الانفصال عن دولة البوسنة التي ما زالت هشة. وما زال الصرب يحاولون بغير نجاح إقالة أهتيساري عن منصبه بغرض إطالة محادثات فيينا. \r\n ويبدو أن توقيت الاستفتاء على الدستور جزء من إستراتيجية التأخير هذه. ويأمل البعض أن يؤدي التأجيل إلى التحريض على العنف في كوسوفو، الأمر الذي قد يحمل الغرب على إعادة النظر في الاستقلال. \r\n قد يلاقي هذا التكتيك بعض النجاح. ذلك أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي منزعجة بشأن الأحداث التي قد تترتب على اقتطاع أراضي دولة ما، علاوة على تأثير استقلال كوسوفو على الديمقراطية في صربيا. ونظراً للاستقرار السياسي المفقود في صربيا، فإن هذه الدول تشكك في الضرر الذي قد يترتب على التأجيل لفترة قصيرة. إلا أن التأخير لن يؤدي إلا إلى منح كوستيونيكا الفرصة لتعقيد احتمالات توصل مجلس الأمن إلى قرار. \r\n يتعين على الغرب أن يتجاهل ذلك الإنذار الكاذب من قِبَل بلغراد. ذلك أن السياسة الصربية سوف تظل في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في المستقبل المنظور، ولسوف يحاول الساسة الصربيون الاحتجاج بهذا الأمر كعذر لتجنب خسارة كوسوفو. وعلى نحو مماثل، فلسوف تنشأ المشاكل فيما يتصل بمحاولات ترسيخ الروابط بين صربيا وكوسوفو أياً كانت الظروف. \r\n لكن الإخفاق في إحراز تقدم حاسم الآن بشأن وضع كوسوفو النهائي من شأنه أن يؤدي إلى دفع البلقان بالكامل إلى موقف أكثر سوءاً، ومنع صربيا من التحرك نحو الغرب والالتحاق بعضوية الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف، والحكم على الأقليات العرقية في كوسوفو بالحياة في ظل ظروف ملتبسة خطيرة، وتهديد الدول الهشة في المنطقة مثل البوسنة، ومقدونيا.لا يوجد حل عملي لقضية كوسوفو غير الاستقلال. وإذا ما كانت صربيا راغبة في الانضمام إلى الغرب فلابد وأن تحرص على عدم إهدار الفرصة بحبس نفسها وراء قضبان ماضيها القومي \r\n \r\n