\r\n ليس من السهل تصنيف رويال, فهي ام غير متزوجة لاربعة اطفال وسياسية تتبنى نهجا تقدميا وتدعو الى سيادة النظام وفضيلة الانضباط, وعلى الرغم من انتسابها للنخبة السياسية في بلدها, فقد كونت لنفسها شخصية شعبية نسجت مفرداتها من آراء المواطنين العاديين الذين تصفهم بانهم »الخبراء الشرعيين« بالمشاكل الفرنسية. \r\n \r\n تنصت رويال الى محدثيها بانتباه يذكر بانتباه التلميذات في مدرسة دينية. لكنها لا تظهر اي تبرّم مصطنع من ملاحقة الكاميرات لها. حتى انها لم تغضب ازاء استراق احد المصورين صورة لها وهي في زي الاستحمام »البكيني« واكتفت بالقول: »لماذا يعتقد الناس بان على السياسي ان يكون متجهما وقبيحا ومثيرا للسأم?«. \r\n \r\n تشير الاستطلاعات الى تقدم رويال على المرشحين المحتملين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي سوف تجرى في العام القادم. الامر الذي يرشحها لان تصبح اول امرأة تتولى منصب رئاسة الجمهورية الفرنسية, لكن الوصول الى ذلك المنصب يتطلب من رويال التأقلم مع المؤسسة السياسية الوقور التي لا تبدو مستعدة لمجاراة الجمهور في شدة تعلقه برويال فالاحزاب السياسية الفرنسية لا تزال فئوية ولا يزال الزعماء الذكور مهيمنين على ذهنيتها الايديولوجية, تقول فرانسواز غاسبار, وهي ناشطة نسوية ونائبة سابقة في البرلمان, ان »كل الاستطلاعات تشير الى ان المجتمع الفرنسي يتقبل تماما فكرة مجيء امرأة الى الرئاسة. لكن الاحزاب السياسية ما تزال تتمسك بالعقلية البالية وهي خاضعة لزعماء ذكوريين لا يتقبلون الفكرة »وتضيف غاسبار قائلة: »ان تحول رويال من رفيقة حزبية الى منافسة امر يبدو غير محتمل بالنسبة لاولئك الزعماء« \r\n \r\n ما يزال على رويال ان تنتظر حتى الشهر القادم لكي تكتشف مدى شعبيتها في صفوف اعضاء حزبها عندما يقدم اولئك الاعضاء على اختيار مرشح الحزب للرئاسة, ويتوقع المراقبون ان تواجه رويال تحديات صعبة على الصعيد الداخلي للحزب. وقد امتنعت لحد الان عن الدخول في اية مماحكات كلامية مع اعضاء الحزب مفضلة التخاطب مباشرة مع الجمهور العام وهي تلخص رسالتها كسياسية في »مساعدة الناس على بناء حياتهم وتحقيق السعادة لمن يحبون«. \r\n \r\n ان شعارا هادئا كهذا هو ما يميز رويال عن غيرها من المرشحين. وهي لا تجد غضاضة في الاعتراف بان مواقفها من شتى القضايا يجب ان تكون منطلقة من كونها امرأة. وتصف ذلك بانه »علامة على التغيير« فقد يحاول الناس تجربة ما يمكن ان تحققه المرأة في الميادين التي اخفق فيها الرجال. »ويقول سيتفاني روزيه, احد ابرز العاملين في مجال استطلاعات الرأي في فرنسا, »ان شعبية رويال تأتي من كونها امرأة لا تتبنى مواقف ايديولوجية متشددة. ويرى الناس فيها شخصا معنيا بحل المشاكل اكثر من بقية المرشحين الذكور الغارقين في ضباب الايديولوجيات«. \r\n \r\n كما ان رويال لا تتحفظ ازاء استثمار سحرها الانثوي. تقول ريجين ليموان المؤلفة والكاتبة النسوية, ان »الاستراتيجية التي تتبعها رويال هي استراتيجية الاغراء, وهو امر مستحدث في السياسة الفرنسية«, من جانب آخر, ترى ليموان ان رويال تقدم في شخصها مرآة ترى فيها كل امرأة فرنسية نفسها. وهي الدليل الحي على ان المرأة ليست مضطرة الى التخلي عن انوثتها لكي تكون زعيمة سياسية«. \r\n \r\n في نظر معارضيها, تبدو التكتيكات غير المتكلفة التي تنتهجها رويال غطاء تتعمده لاخفاء فراغها الايديولوجي الذي لا بد له ان ينكشف عاجلا ام آجلا. يقول ليونيل جوسبان, رئيس الوزراء الفرنسي الاسبق, ان »التكنيك لا يعوض عن السياسة. اذ ان ينبغي ان تكون لدى المرشح افكار وقناعات ومواقف واضحة«لكن جوسبان الذي قال بان ازدراءه لاساليب رويال دفعه الى الترشيح كمنافس لها, اضطر الى الانسحاب الاسبوع الماضي. الا ان انسحابه لم يضع نهاية للانتقادات التي توجه لها. فقد صرح احد مستشاري منافسها شتراوس كاهن ان »الاستطلاعات تقيس الشعبية ولا تعكس الكفاءة«. ومن هنا, فهو يرى ان المعيار الحقيقي لكفاءة المرشح الرئاسي يكمن في الافكار التي يطرحها في قدرته على مناقشة المشاكل المطروحة. ويتساءل »ترى ما هو موقف رويال من مشكلة الديون? وما هي مواقفها ازاء السياسة الخارجية?« ويخلص الى انه لا يكفي المرشح لمنصب الرئاسة ان يخاطب انداده السياسيين بنفس الخطاب الذي يتوجه به الى الجمهور. \r\n \r\n تعتقد رويال انها تستطيع ان تستقطب الناخبين من جميع الوان الطيف السياسي الفرنسي عن طريق تخفيف التركيز على الجانب الايديولوجي وفي تصريح لها لمجلة »تايم« قالت رويال »من اجل الفوز في الانتخابات الرئاسية العام المقبل, سيكون على اليسار ان يحصل على اصوات الناخبين من جميع الانتماءات حتى من الجبهة الوطنية ذات الاتجاه اليميني«. وتبرر رأيها هذا بأن »30 بالمئة من الناخبين اليساريين يصوتون للجبهة الوطنية اليمينية لانهم يائسون بسبب حالة عدم الاستقرار التي يواجهونها في العمل او في الجوار. وبدلا من الاهتمام بناخبي الوسط, يستحسن لمرشح اليسار ان يهتم بهذه الشريحة من الطبقة العاملة المهيأة للاحتجاج على قادتها الايديولوجيين لاخفاقهم في حل مشاكلها«. \r\n \r\n لا ينصح المقربون من رويال الناخبين بالانخداع بمظهرها الرقيق. فهي تحسن جيدا التعامل بشدة متى ما اقتضى الامر. فقد ولدت في داكار بالسنغال وكان ابوها ضابطا في الجيش الفرنسي ونشأت بين ثمانية اخوان في منزل عائلي كبير. وقد تلقت تعليمها في مدرسة داخلية كاثوليكية في مقاطعة اللوراين في فرنسا قبل ان تلتحق بالكلية الوطنية للادارة وهي المعهد الذي يؤمه الطامحون الى الالتحاق بالنخبة السياسية في البلاد. وكان زميلها في الكلية دومينيك دي فيلبان, رئيس الوزراء الفرنسي الحالي. \r\n \r\n ما زال الطريق الى قصر الأليزيه طويلا امام سيغولين رويال, فعليها, اولا, ان تفوز بترشيح حزبها قبل الدخول في منافسة مع مرشح الحزب المقابل. ومن اجل الفوز سيكون على رويال ان تقنع الناخبين بجدارتها كامرأة قبل اقناعهم بجدارتها كيسارية. تقول دلفين باتو, عضو الامانة العامة للحزب الاشتراكي, بأن زملاء رويال, قبل ناخبيها, بانتظار اللحظة التي سوف تنهار فيها وتجهش بالبكاء. وتضيف معلقة: »ليس هناك في نظر الرجال ما هو أسوأ من امرأة لا تبدي الهشاشة«. لكن رويال ليست من النوع الهش. وهي تدرك ان المرونة غير الهشاشة. وان المرونة تتقدم على المظهر الجميل في معارك شرسة مثل معركة الرئاسة الفرنسية. \r\n