إعلان القائمة النهائية بأسماء مرشحى الشيوخ وانطلاق الدعاية الانتخابية    سعر الذهب اليوم الخميس 17 يوليو في الصاغة، عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد    أحمد الشرع يكشف عن وساطات أوقفت الضربات الإسرائيلية على سوريا    خريطة حركة المرور اليوم بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    موجة حارة على أغلب الأنحاء وأمطار أقصى الجنوب    أسعار الفراخ اليوم الخميس 17-7-2025 بعد الزيادة الجديدة وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    أكثر من 15 قتيلًا ومصابًا.. مسيرات إسرائيلية تستهدف مدينة السويداء السورية    زلزال بقوة 7.3 درجة يضرب ولاية ألاسكا الأمريكية    سوريا بين خيارين.. قرار مهم من أحمد الشرع بعد القصف الإسرائيلي    ويتكوف: مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تمضي بشكل جيد    كندا ترد على رسوم ترامب: كارني يفرض تعريفات جديدة لحماية صناعة الصلب    بمشاركة ميسي، سينسيناتي يقسو على إنتر ميامي بثلاثية نظيفة بالدروري الأمريكي (فيديو)    رسميًا رابط تحميل كراسة شروط سكن لكل المصريين 7 pdf لمتوسطي ومنخفضي الدخل    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الخميس 17-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 7 بنوك    العد التنازلي لإعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. التصحيح يقترب من المحطة الأخيرة    بينهم طفل.. إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ملاكي ب طريق رأس غارب الشيخ فضل    ترامب يعلن موافقة كوكاكولا على استخدام السكر الطبيعي في مشروبها داخل أمريكا    دراسة تحذر: الأطباء يتجاهلون "سببا شائعا" لارتفاع ضغط الدم    فنان من الزمن الجميل.. «ستوديو إكسترا» يعرض تقريراً عن رشوان توفيق    محمد يوسف المدير الرياضي للأهلي.. رفضنا عودة حمدي فتحي وطلبت الجلوس مع إمام عاشور لتعديل عقده    شادي زلطة: 90 مدرسة تكنولوجية أحدثت نقلة نوعية بالتعليم الفني    رشوان توفيق: الفن له تأثير خطير.. و«الليل وآخره» يحمل رسائل دينية    بمنهجية علمية وشهادات معتمدة.. «الأزهر» ينشر لغة القرآن في قارات العالم    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيراً بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 17 يوليو 2025    منة شلبي تكشف موقفًا لا يُنسى مع يوسف شاهين    خدمات مالية غير مصرفية تتصدر قطاعات الأسهم المقيدة الرئيسية نهاية جلسة الأربعاء    صدمة في وول ستريت بعد تصريح ترامب عن مناقشة إقالة رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي    أكذوبة بعث القومية العربية في عهد ناصر    وزير خارجية إيطاليا: نعمل مع الشركاء على التوصل لاتفاق لضمان الاستقرار في سوريا    الدفاع الجوي الروسي يسقط طائرتين مسيّرتين أوكرانيتين كانتا في طريقهما إلى موسكو    المئات يحتفلون ب مولد الششتاوي بالمحلة الكبرى (صور)    «أنا المصري كريم العنصرين»!    تامر حسني بعد ترند "لينا ميعاد": تعبت تعب مش طبيعي ودخلت مستشفيات وبحاول أكون واجهة جميلة لمصر    رد فعل غاضب من الخطيب تجاه وسام أبو علي.. ياسمين عبدالعزيز تكشف    «كانو بيمثلوا».. الحنفي: وليد سليمان وأيمن حفني وأحمد عيد اعتادوا ادعاء السقوط بمنطقة الجزاء    مصرع شخصين اختناقًا داخل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار في الغربية    ضبط المتهمين بالتشاجر وإصابة 4 أشخاص بمدينة 6 أكتوبر    الحكومة: مقترح شامل لتأسيس كيان موحد لمنظومة التعليم الأهلي في مصر    حدادًا على رحيل ميمي عبد الرازق.. المصري يجمّد أنشطته 3 أيام    الأهلي يكشف كواليس عرض الحزم السعودي لضم أحمد عبد القادر    3 أبراج «ضد الكسر».. أقوياء لا ينهارون بسهولة ويواجهون الأزمات بثبات عجيب    حدث بالفن | وفاة مطرب وتعرض نجل مخرج لحادث وسوزي الأردنية تدخل التمثيل    أول تعليق من ريهام عبدالغفور قبل عرض مسلسل "كتالوج"    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    لو لقيت حاجة فى الشارع.. أمين الفتوى يوضح التصرف الصحيح شرعًا (فيديو)    أمين الفتوى يحسم حكم فوائد البنوك.. حلال أم حرام؟    فرج عامر ناعيا ميمي عبد الرازق: رحل رفيق الدرب    البابا تواضروس يهنئ الناجحين في الشهادة الإعدادية    ما حكم "تجميد البويضات"؟.. مفتي الجمهورية يجيب    متى يصدر قانون الإيجار القديم.. 1 أغسطس آخر موعد وفقا للمادة 123 من الدستور    ظلام تام في عز الضهر.. تفاصيل أطول كسوف كلي للشمس تشهده 10 دول عربية    لغز يكشف الحلم الذي تخفيه في قلبك.. ماذا ترى أولاً؟    كان حالة خاصة.. رانيا فريد شوقي تكشف إمكانية تقديم السيرة الذاتية لوالدها (فيديو)    ميكالي: حلمي لم يكتمل مع منتخب الشباب.. وأتمنى العودة للتدريب في مصر    عميد القلب السابق يكشف المعدن السحري لصحة الإنسان (فيديو)    مستشفيان بالفيوم يحصدان المركز الأول في جراحات الأورام والقلب المفتوح على مستوى الجمهورية    كيف نواجة الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    «الأوقاف» تُنظم ندوات ب 1544 مسجدًا بالتعاون مع الأزهر الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الواقعية والمثالية في سياسة أميركا الخارجية
نشر في التغيير يوم 20 - 07 - 2006


\r\n
غير ان المثالية فقدت بعض بريقها، لأن المحافظين الجدد، الذين اخاف صعودهم جماعات الليبرالية ودفعهم نحو مرحلة جديدة من البحث عن الذات، يبدون مثاليين للغاية، يعملون على نشر الديمقراطية وحقوق الانسان. ان المثالية هي التي دفعت العديد من الليبراليين الى الانضمام الى المحافظين الجدد في تأييد الحرب في العراق، التي لم تكن مثالية. واذا ما اعدنا النظر مرة اخرى، فإن الواقعيين الذين كانوا يتشككون في الغزو، مثل برنت سكوكروفت وصمويل هانتينغتون، يوصفون بالحكمة.
\r\n
\r\n
لقد كان ذلك اختيارا غير جذاب: بين المصالح الذاتية او الايثار الساذج الخطر؟ ولحسن الحظ، هذا اختيار زائف. فخلال مرحلة الحرب الباردة، تغير مفهوم الامن كثيرا، وفي بعض الاحيان نحو الأسوأ. انظر الى دور «اللاعبين من خارج الدولة» في الاسبوع الماضي في الهند واسرائيل والعراق. ولكن هذه البيئة المتغيرة لديها صفة نادرا ما نهتم بها: فقد اصبح من الممكن الان اعداد نموذج للسياسة الخارجية تؤدي الى التقارب التوازن بين الاهداف الانسانية للمثاليين مع المنطق القوى للواقعيين. وتبني هذا النموذج يمكن ان يجعل انتشار الفوضى التي حدث في الاسبوع الماضي امرا عاديا في المستقبل.
\r\n
\r\n
وكل نموذج يحتاج الى اسم، وافضل اسم لهذا الواقعية التقدمية. وهذا الشعار يتسم باللطف (من يقف ضد التقدم؟) كما انها تلمح الى جاذبية حزبية مشتركة.
\r\n
\r\n
هذه واقعية يمكن ان تجذب العديد من الليبراليين وتقدمية يمكن ان تجذب العديد من المحافظين.
\r\n
\r\n
ومع مثل هذا التداخل المحتمل، فإن هذا النموذج ربما يساعد ايضا الديمقراطيين على الفوز في الانتخابات الرئاسية. ولكن الديمقراطيين يمكنهم تبنيه فقط اذا كانوا يرغبون في مضايقة جماعة او اكثر من اصحاب المصالح ورفض منطق انتشر مؤخرا في دوائر السياسة الديمقراطية في الآونة الاخيرة مفهوم السياسة الخارجية الليبرالي المدعوم ببعض المقويات. وحتى اذا ما ساهمت تلك الوصفة في الفوز بالانتخابات، فإنها لن تنجح في حماية اميركا.
\r\n
\r\n
1
\r\n
\r\n
تبدأ الواقعية التقدمية مع نظرية اساسية للواقعية التقدمية: هدف السياسة الخارجية الاميركية هو خدمة المصالح الاميركية.
\r\n
\r\n
ولكن خدمة المصالح الاميركية، هذه الايام، تعني التخلي عن اعتقاد تقليدي آخر للواقعيين وهو ما دامت الحكومات الاجنبية لا تعرض المصالح الاميركية على رقعة الشطرنج الجيوسياسية للخطر، فإن شؤونهم الداخلية لا تهمنا. ففي العصر الذي يتعرض فيه الاميركيون للتهديد من مختبرات الاسلحة البيولوجية وانتشار وباء الانفلونزا، الى التلوث الصيني الذي يدخل رئات الناس في اوريغون، ومن الدول الافريقية التي يمكن ان تتحول الي ملاذ للارهابيين، ومن النظم العربية القمعية التي تدفع الشباب نحو الراديكالية، فإن عدم اهتمام الواقعي الكلاسيكي بما يحدث داخل الامم لم يعد له سند.
\r\n
\r\n
ويعتبر الواقعيون التقدميون مثل المحافظين الجدد والليبراليين التقليديين: يهتمون برفاهية الاجانب، وإن كان من منطلق المصلحة الوطنية التام. ولكن الواقعية التقدمية تحتوي على فكرتين اساسيتين تميزهما، وتنعكس على معنيين مختلفين لعبارة «تقدمي».
\r\n
\r\n
اولا تعني الكلمة الاعتقاد في التقدم. انتشار الاسواق الحرة في العالم اعتمادا على قوة انتاجيتها وتميل الليبرالية الاقتصادية الى دعم الحرية السياسية. نعم يمكن للحكومة الصينية الغاء وحظر التطور الجاري في وسائل التعبير المستمر منذ اكثر من عقدين، ولكن لا يتم ذلك إلا بالتقييد الحاد لتقنية المعلومات التي اعتبرت شرطا من شروط الازدهار. وفي الوقت نفسه، بالرغم من الجهود الحادة للقهر فإن التعددية السياسية تنتشر في الصين.
\r\n
\r\n
والغريب ان قناعة الواقعية السياسية في الاسواق تبدو أقوى من قناعة المحافظين الجدد بذلك المبدأ. ففي النهاية اذا ما كنت تعتقد ان التاريخ يقف الى صف الحرية السياسية وقدم هذا العصر التقني للحرية دفعة قوية فإن منطلقك لنشر الديمقراطية لا يتم عن طريق غزو البلاد وفرضها بالقوة. واذا كنت تعتقد ان سيادة الرأسمالية تسهم في نشر الديمقراطية، فلا يجب عليك تهديد التفاعل الاقتصادي مع الصين من اجل مكاسب صغيرة مثل الافراج عن عدة سجناء سياسيين.
\r\n
\r\n
ان التأكيد الديمقراطي القوي على التفاعل الاقتصادي يهدد دائما بتنفير نشطاء حقوق الانسان الليبراليين، وقادة نقابات العمال الذين يشعرون بالقلق من العمالة الرخيصة في الخارج. إلا ان الخسائر يمكن تقليلها بسبب المعنى الثاني للديمقراطية.
\r\n
\r\n
2
\r\n
\r\n
شاهد الاميركيون التقدميون قبل قرن النشاط الاقتصادي ينتقل من المستوى الاقليمي الى المستوى الوطني. كما ان بعض جوانب الحكم اصبحت على المستوى القومي، وهو ما نتجت عنه بعض القوانين مثل قانون مكافحة التروستات الفيدرالي وقانون العقاقير والاغذية النقية. وبالمثل فإن المشاكل التي تصحب العولمة اليوم في حاجة الى رد فعل دولي مؤسسي.
\r\n
\r\n
وفي المجال الاقتصادي، تعني التقدمية استمرار الدعم لمنظمة التجارة العالمية لمواجهة الحمائية ولكن مع منحها السلطة لمواجهة قضايا العمال، كما طالب قيادات النقابات منذ امد بعيد. ويجب ايضا على المنظمة مواجهة القضايا البيئية عن طريق هيئات اقليمية وعالمية.
\r\n
\r\n
وتباين هذا التركيز على الحكم على الصعيد الدولي مع الآيديولوجية الجمهورية يبدو اكثر وضوحا في مسألة الحد من التسلح. فمنهج المحافظين الجدد المعروف إزاء اسلحة الدمار الشامل يقوم فيما يبدو على اساس غزو أي دول يشك في حيازتها لهذا النوع من الاسلحة، إذ ان تجربة العراق تشير الى ان الاعتماد المتكرر على هذه السياسة يمكن ان يصبح مرهقا. ويمكن القول هنا ان الرئيس بوش بدأ يفهم هذا الوضع، اذا حكمنا عليه بالإشارات التي وجهها الى إيران أواخر مايو (ايار) واللهجة غير المتشددة تجاه كوريا الشمالية. لكنه لا يزال بعيدا عن تبني الخيار اللازم، أي اتفاقيات الحد من التسلح التي تفرض اجراءات تفتيش صارمة على كل الأطراف.
\r\n
\r\n
المحافظون الجدد وأتباع اليمين انصار بوكانان ينظرون الى هذا النهج كونه تضحية غير مقبولة بالسيادة الوطنية.
\r\n
\r\n
إلا ان هذه «التضحيات» يمكن ان تعزز من قوة الولايات المتحدة. ومن ضمن أسباب فشل المفتشين الدوليين في معرفة تفاصيل كافة جوانب البرنامج النووي الايراني ان اتفاق الحد من الانتاج النووي يمنح المفتشين الحق في تفتيش المواقع «المعلنة» فقط. هل ستعمل الولايات المتحدة على تغيير هذه القاعدة وتسمح للمفتشين بتفتيش مواقع اميركية على العموم ليس لدينا ما نخفيه؟
\r\n
\r\n
هناك قاعدة تتجاوز مجرد مفهوم الحد من التسلح: يمكن خدمة المصلحة الوطنية من خلال قيود على سلوك الولايات المتحدة عندما تفرض قيودا على شعوب اخرى. هذا المنطق يغطي مجال الحكم على الصعيد الدولي، من الاحتباس الحراري (سنخفض من كمية ثاني اكسيد الكربون المنبعث اذا فعلتم نفس الشيء) الى الحرب (سنمتنع عن الحرب اذا فعلتم نفس الشيء).
\r\n
\r\n
هذا لا يعني بالضرورة الانضمام الى الملتزمين بصرامة بالقانون الدولي والتعهد بعدم خوض حرب لا يؤيدها مجلس الأمن. ولكن بالتأكيد يعني، في حالة العراق، ان تجاهل مجلس الأمن والرأي الدولي له تكاليف باهظة: (1) تقليص نزعات الغزو غير المبرر بالدفاع عن النفس او الخوف من خطر وشيك، (2) إضاعة فرصة ذهبية عقب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 لتعزيز سلطة الامم المتحدة في مجال التفتيش عن الاسلحة. الرسالة التي نحتاج ان نبعث بها هي الرسالة التي بعث بها بوش وهي تتلخص في ان الدول التي تستسلم للضغوط بغرض قبول المفتشين ستتعرض للغزو في كل الأحوال. تقليل الأخطار التي تشكلها التكنولوجيا النووية في كوريا الشمالية وإيران ستكون خادعة في كل الأحوال ولكن هذه الرسالة جعلتها خادعة بصورة اكبر. (هل فكر احد في السبب وراء طلب ايران «ضمانات امنية»؟)
\r\n
\r\n
خطأ تقديرات الادارة الاميركية فيما يتعلق بالعراق يسلط الضوء على الفارق بين الشفافية وتغيير النظام. اذا أرجأنا الغزو وطالبنا بدلا بتوسيع وتمديد عمليات التفتيش التي تجريها الامم المتحدة ربما تمكنا من التوصل عبر الشفافية الى ان العراق لا يشكل خطرا وشيكا. تغيير النظام لم يكن امرا اساسيا.
\r\n
\r\n
لا شلك ان سقوط الانظمة التسلطية يعتبر هدفا رئيسيا على المدى البعيد. الدول التسلطية لا تملك شفافية ديمقراطيات السوق الحر، وتطور التكنولوجيا الحيوية سيجعل الشفافية جانبا حيويا ومهما للأمن. إلا ان هذه الدرجة من الشفافية ستصبح تدريجيا وببطء متطلبا للأمن القومي لأن الأسلحة البيولوجية المتوفرة للارهابيين في المدى القريب ليست اسلحة دمار شامل بالفعل. (الانثراكس، على سبيل المثال، ليس معديا وهناك مصل مضاد للجدري). بوسعنا الآن ان نتحلى بالصبر ونقبل على تغيير النظام من خلال التفاعل الاقتصادي وأشكال النفوذ السلمي.
\r\n
\r\n
النتيجة ستكون ايجابية ومتوافقة مع الوضع المحلي وستكون السبل المفضية الديمقراطية موثوق بها من الناحية الثقافية، مقارنة بالغزو او الانقلابات المدعومة اميركيا وستكون لها صلة بأمن اميركا، مقارنة بالوضع الحالي في العراق. بوسع الجمهوريين الانضمام الى الرئيس بوش في الإعلان عن ان «الحرية في تقدم» دون ان يشتري معادلته لمساعدتها.
\r\n
\r\n
عندما تعبر إدارة بوش عن ازدرائها للحكم على الصعيد الدولي، فإنها تتحول من رؤية محافظين جدد مثالية الى نظرة واقعية عقلانية. ويقولون إن السياسة الخارجية ليست للسذج الذين يجري إغراؤهم بأوهام التعاون الدولي.
\r\n
\r\n
اذا سلمنا بالافتراض الخاطئ بأن حرب العراق ستجعل العالم كله آمنا من الارهاب، لماذا ينبغي على الولايات المتحدة ان تسكب كل هذه الدماء؟ ولماذا تسمح لبقية الحضارة بأن تحقق أشياء دون مجهود او كلفة؟
\r\n
\r\n
ويعتمد ذلك الأمن الداخلي، بشكل متزايد، على المشاعر الشعبية في الخارج، مما يجعل من المهم بالنسبة لأميركا أن ينظر اليها باعتبارها مواطنا عالميا جيدا، يحترم القوانين والمعايير الدولية ويتحسس حاجات الجيران. وكان أحد استخدامات الرئيس بوش الأكثر فاعلية للسلطة جهود الاغاثة في تسونامي عام 2004، مما عزز احترام الأميركيين في اندونيسيا التي تعتبر أكبر بلد اسلامي في العالم. ان الكثير من الحرب على الارهاب ليس عسكريا.
\r\n
\r\n
ومن الطبيعي ان بعضه كذلك، وسنحتاج القدرة على استخدام القوة في أي مكان وأي زمان. غير أن الحساب الكامل لكلفة التدخل يجعل من الواضح اننا لا نستطيع ان نكون جيش العالم.
\r\n
\r\n
ومن حسن الحظ، فان العولمة جعلت من الانهاء السلمي لبعض أشكال الاضطراب عملية أيسر. وجعل الاعتماد الاقتصادي المتبادل من الحرب بين الدول اقل جاذبية، ولم يحدث من قبل أن خلق هذا الاعتماد المتبادل الكثير من الصلات العابرة للحدود بين رجال الأعمال والسياسيين.
\r\n
\r\n
ولذا، فانه ليس مما يسبب صدمة ان الهند والصين، اللتين تصادمتا مرارا وتكرارا بسبب الحدود المتنازع عليها خلال عهد الحرب الباردة، أبقتا الأمور هادئة منذ أن انغمرتا في الاقتصاد المعولم، أو أن البلد الأكثر اثارة للقلق في الوقت الحالي، وهو كوريا الشمالية، هو الأكثر عزلة عن الاقتصاد المعولم. أو أن منافسه في اثارة القلق، أي ايران، بعيدة عن الانغمار الكامل.
\r\n
\r\n
ومن الواضح أن الحروب يمكن أن تحدث حتى عندما تكون لاعقلانية. غير ان لاعقلانيتها المتزايدة هي قوة تقدمية تستحق التقدير. انها تعزز قضية المشاركة الاقتصادية وعمل الهيئات الاقليمية والدولية التي تساعد على تقوية التداخل التجاري مع التعاون السياسي.
\r\n
\r\n
3
\r\n
\r\n
حفزت تطرفات مثالية المحافظين الجدد الباحثين المختلفين على تبني مبادئ واقعية ازاء عالم متغير. وكان اخصائيا في العلوم السياسية جون ايكنبري وتشارلز كوبتشان قد حددا سمات «الواقعية الليبرالية» قبل عامين، وأظهر كتاب ايكنبري الموسوم «بعد النصر» كيف ان التحكم الدولي يمكن ان يخدم مصالح القوى المهيمنة. وفي الخريف الحالي، سينشر المؤرخان أناتول ليفن وجون هولسمان بيانا في السياسة الخارجية يحمل عنوان «الواقعية الأخلاقية».
\r\n
\r\n
ومثل هذه الأعمال تتوافق مع روح هانز مورغنثاو، المعماري الرئيسي للواقعية. وفي منتصف القرن العشرين اكد ان دلائل الواقعية يمكن ان تتغير ارتباطا بتغير العالم. فالسلم العالمي يمكن أن يتطلب تقييدات جذرية على السيادة القومية، كما قال، والدولة القومية قد تتقلص اهميتها بينما تظهر «وحدات أكبر».
\r\n
\r\n
ويبدو أن مورغنثاو تحسس شيئا اعتمد عليه اخصائيو العلوم السياسية لاحقا: التكنولوجيا تجعل دول العالم أكثر اعتمادا على بعضها بع، أي أن مصائر أميركا ترتبط على نحو أوثق مع مصائر دول بعيدة. ويصبح اقل عدد اللعاب التي تتسم نتائجها بالربح والخسارة، بينما يتزايد عدد النتائج المرتبطة بفوز الطرفين او خسارة الطرفين.
\r\n
\r\n
ويكمن هذا المبدأ في جوهر الواقعية التقدمية. ان تداخل المصائر، أي ان يكون المرء مع آخرين في القارب نفسه في شؤون الاقتصاد والبيئة والأمن، هو ما يجعل الحكم الدولي يخدم المصلحة القومية. وهو أيضا ما يجعل المصلحة الذاتية الواعية مصلحة انسانية في الواقع. ويرى الواقعيون التقدميون ان أميركا يمكن ان تزدهر على افضل نحو اذا ما ازدهر الآخرون، أي اذا ما تماسكت الدول الأفريقية، واذا ما شعر مسلمو العالم انهم يستفيدون من النظام العالمي، واذا ما تعززت الصحة الشخصية والبيئية، واذا ما تقلصت المظالم الاقتصادية في الخارج بحيث ان الديمقراطيات الفتية يمكن أن تكون مستقرة وقوية.
\r\n
\r\n
ومن الطبيعي ان الموارد ليست بدون نهاية، والعالم لديه كثير من المشاكل. ولكن التركيز على المصلحة القومية يساعد على التركيز على الموارد. وفضلا عن مذبحة الأسبوع الماضي في الشرق الأوسط، فان عدد الناس الذين يموتون في الحرب الأهلية في سري لانكا اكثر من عدد ضحايا النزاع الفلسطيني الاسرائيلي. ولكن اذا ما أخذنا بالحسبان الارهاب المناهض لأميركا فان صياغة حل يؤدي الى دولتين في الشرق الأوسط اولية اهم من تحقيق سلام دائم في سري لانكا.
\r\n
\r\n
ويبدو هذا فظا، ولكنه ليس سوى اعتراف بشيء غالبا ما يترك دون قول: السياسة الخارجية لبلد ما ستفضل، على الدوام، مصالح مواطنيها، وبالتالي فانها تفتقر الى الكمال الأخلاقي. ويمكننا أن نكون في الأقل ممتنين من أن التاريخ، عبر جعل مصائر الشعوب متداخلة، تجعل المصلحة القومية اقرب الى المثل الأخلاقية.
\r\n
\r\n
ان كبح هذه الآلية الحميدة هو ليس السمة العلاجية الوحيدة للواقعية التقدمية. فقد أكد مورغنثاو ان الاستراتيجية السليمة تتطلب «فهما محترما» لكل المشاركين في اللعبة. وكتب يقول ان «اللاعب السياسي يجب ان يضع نفسه موضع اللاعب الآخر وينظر الى العالم ويقيمه كما يفعل ذلك اللاعب».
\r\n
\r\n
ويدعى الانغمار في أفق الآخر احيانا «المخيلة الأخلاقية»، وهو أمر صعب. ففهم سبب كره بعض الناس لأميركا وقيام الارهابيين بالقتل، مسألة شاقة ليس فكريا فقط بل عاطفيا ايضا. غير ان ذلك حاسم وهو ما يفتقر اليه الرئيس بوش الذي يدخر وقتا عبر نسب السلوك الذي يهدد اميركا الى كره الحرية أو الى الشر. وكما رأى مورغنثاو، فان معرفة الأسباب العميقة للسلوك السيئ، بعيدا أن يكون نقطة ضعف عاطفية، تشي بالاستخدام البارع للسلطة. فالسياسة الواقعية هي السياسة المعتمدة على الواقع.
\r\n
\r\n
هل الواقعية التقدمية قابلة للتسويق؟ قد تكون رسالة الادارة فيما بعد الحادي عشر من سبتمبر أكثر جاذبية: تخلصوا من عالم الشر، وافعلوا ذلك بجرأة وقوة مروعة. ولكن هذه الطريقة اكتسبت بعض النتائج السلبية من العالم الواقعي، وهناك رغبة متزايدة بالنسبة لأميركا لاستعادة الاحترام الذي بدده الرئيس بوش. وربما كان الأميركيون مستعدين للقاء الواقع في اطار شروطه الخاصة.
\r\n
\r\n
* زميل في مؤسسة «نيو أميركا»
\r\n
\r\n
* خدمة «نيويورك تايمز»
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.