\r\n ويتسلح أوريبي بنسبة تأييد مرتفعة تصل إلى 57% تكفيه لاجتياز الدورة الأولى للانتخابات، حسب التقديرات التي أوردتها مؤسسة \"نابليون فرانكو جروب\" المتخصصة في إجراء استطلاعات الرأي بكولومبيا. ويعزو المراقبون الشعبية المرتفعة التي يحظى بها الرئيس الكولومبي الحالي إلى الشعور السائد لدى الكولومبيين بتحسن أحوالهم الاقتصادية التي أصبحت أفضل من السابق. مايكل شيفتر، نائب رئيس مؤسسة \"الحوار بين- أميركي\" التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، يؤكد بأن \"أوريبي قائد متميز يمتلك إحساساً دقيقاً باحتياجات الناس، إذ رغم المشاكل المتعددة، فإنه استطاع تحقيق تقدم ملموس على الجبهة الأمنية\". \r\n \r\n وبجولة في شوارع العاصمة بوغوتا ثلاثة أيام فقط قبل موعد الانتخابات، يلحظ المرء أن الشباب المرفه يستمتعون بوقتهم في المقاهي الراقية. وسيطالعك الأطفال بزيهم المدرسي وهم يتراكضون في الساحة الرئيسية بالعاصمة، فضلا عن السياح الذين يجوبون المدينة بحثاً عن معالمها التاريخية. والواقع أن كولومبيا لم تكن دائما على هذا المنوال، فعندما تولى أوريبي الرئاسة قبل أربع سنوات كانت حوادث تفجير السيارات والاختطافات جزءا من الحياة اليومية للكولومبيين. وقتها كانت المحادثات بين الحكومة وجماعات التمرد اليسارية لإنهاء 40 سنة من الصراع العنيف، قد انتهت إلى فشل ذريع وسط تدهور الوضع الأمني وتفشي الاضطرابات. أما اليوم فرغم استمرار النزاع بين المتمردين اليساريين والميليشيات اليمينية، وسقوط الآلاف من الضحايا كل سنة، فضلا عن نزوح ما يناهز عن مليوني شخص، حسب تقديرات الأممالمتحدة، فإنه لا أحد يستطيع إنكار التقدم الملموس الذي شهدته كولومبيا على الصعيد الأمني. \r\n \r\n فقد تراجعت معدلات جرائم القتل بنسبة 36% منذ عام 2002. كما انخفضت جرائم الاختطاف من 3000 حالة عام 2002 إلى 800 حالة خلال العام المنصرم، بتراجع نسبته 47% خلال السنة الجارية. ومع استمرار معاناة بعض مناطق البلاد من العزلة وعبث المتمردين، إلا أن العديد من الطرق التي كان يسيطر عليها المتمردون في السابق أضحت سالكة للعموم. وبينما تصر أكبر جماعة متمردة في كولومبيا تضم في صفوفها 17 ألف مسلح، وتعرف باسم \"القوات المسلحة الثورية الكولومبية\"، على رفض التفاوض مع الحكومة، وهي تتهيأ للاحتفال بعيد ميلادها الثاني والأربعين هذه السنة، وافق جيش التحرير الوطني الأصغر حجماً على الدخول في مفاوضات مبدئية مع الحكومة المركزية. ومن جهتها وافقت \"قوات الدفاع الذاتي المتحدة\" التي تضم أكثر من 30 ألف مسلح على تفكيك قواتها. وفي غضون ذلك أدى التحسن الملحوظ في الوضع الأمني إلى انتعاش الاقتصاد، ما انعكس إيجاباً على تطور القطاع السياحي، وارتفاع الاستهلاك الداخلي، فضلا عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية التي تضاعفت، وفقاً لبيانات البنك المركزي، بأكثر من خمس مرات، ليصل حجمها الإجمالي الى 10 مليارات دولار منذ اعتلاء أوريبي دفة الحكم. \r\n \r\n ويحظى أوريبي، وهو خريج جامعة هارفارد، بشعبية كبيرة في واشنطن، حيث سبق أن أشار إليه الرئيس بوش بأنه \"قائد قوي وملتزم\". ولدعم جهوده، قامت الولاياتالمتحدة بضخ ثلاثة مليارات دولار من المساعدات إلى كولومبيا منذ 2002 وُجه معظمها للقضاء على المخدرات. ويؤكد ألفارو فارجاس، الخبير في شؤون أميركا اللاتينية أن أوريبي يشكل حاجزا طبيعياً في وجه هوجو شافيز العدو اللدود للولايات المتحدة في أميركا اللاتينية، مشيراً إلى أن \"أوريبي هو أكثر فعالية في مواجهة شافيز من القادة اليساريين المعتدلين في المنطقة، وواشنطن في حاجة ماسة إلى هذا الدور\". يضاف إلى ذلك انتهاج أوريبي لسياسة حازمة في مواجهة المتمردين واستعداده الدائم لترحيل تجار المخدرات إلى الولاياتالمتحدة، وهي أمور كلها تلعب لصالحه. ففي التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية حول الإرهاب وضعت الجماعات اليسارية واليمينية في كولومبيا على قائمة المنظمات الإرهابية، كما أشاد التقرير \"بالجهود الناجحة للحكومة الكولومبية في مكافحة الإرهاب\". \r\n \r\n وفي حال فوز أوريبي بولاية رئاسية جديدة في الانتخابات المقبلة، سيكون أول رئيس كولومبي ينتخب لفترة ثانية بعدما أجرى البرلمان تعديلا دستوريا السنة الماضية يسمح له بخوض الانتخابات. ورغم احتفاظ أوريبي بمعدلات شعبية مرتفعة ظلت تلامس 70% طيلة ولايته الرئاسية، فإن التجربة التاريخية لأميركا اللاتينية مع تجديد الفترات الرئاسية للمرة الثانية أو الثالثة... تدعو إلى توخي المزيد من الحذر. فقد سبق أن حظي الرئيس الأرجنتيني كارلوس منعم بموافقة البرلمان على الترشح لفترة ثانية، كما قام رئيس بيرو الأسبق ألبرتو فوجيموري بحل البرلمان وتعديل الدستور لتأمين ولاية ثالثة. وفي النهاية غادر كلا الرئيسين منصبيهما وسط شعبية متدنية وتهم بالفساد. وفي هذا السياق يقول الخبير ألفارو فارجاس: \"لن يكون الترخيص بولاية ثانية للرئيس أمراً سهلا بالنسبة للكولومبيين الذين لا يحبذون الإفراط في ممارسة السلطة\". أما الانتقادات الموجهة إلى أوريبي فهي تنصب على اتهامه بإقامة علاقات ودية مع بعض قادة الجماعات شبه العسكرية، وحمايتهم من أحكام السجن. والأهم من ذلك يعاب على أوريبي إهماله للمشاكل الاجتماعية الخانقة التي يعاني منها الكولومبيون، لا سيما وأن حوالي نصف السكان، البالغ عددهم 41 مليون نسمة، يرزحون تحت وطأة الفقر والحرمان. \r\n \r\n دانا هارمان \r\n \r\n مراسلة \"كريستيان ساينس مونيتور\" في كولومبيا \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n