\r\n ولأن هذه التصريحات التي عبر عنها المشاركون تكسر ما تعودنا سماعه عن كراهية العالم الإسلامي لأميركا قررت أن أزفها لكم باعتبارها أنباء سارة. فقد لاحظت أن الأشخاص الذين أتوا من البلدان الإسلامية لقضاء فترة من الوقت في الولاياتالمتحدة ضمن برامج التبادل الثقافي لا يكتفون فقط بالتعبير عن إعجابهم بالثقافة الديمقراطية التي يجدونها في أميركا، بل الأكثر من ذلك أنهم يعودون إلى أوطانهم وهم أكثر إصراراً على توطيد تلك القيم في بلدانهم وزرعها بين ذويهم وأهلهم. وكما أوضح ذلك أحد المدرسين في تركمانستان الذي عاد إلى وطنه بعد قضائه فترة في أميركا قائلا: \"عندما رجعت إلى أرض الوطن قررت أن أبذل كل ما أستطيع ليصبح بلدي مكاناً أفضل للحياة بعدما ألهمتني التجربة الأميركية إمكانية تحقيق ذلك\". \r\n \r\n وإليكم مزيداً من الأمثلة استقيت جلها من المنطقة الإسلامية التي كانت في السابق تابعة للاتحاد السوفييتي، وتحولت اليوم إلى جبهة محورية في حرب الأفكار المعلنة ضد الاستبداد والأصولية الإسلامية. ففي أذربيجان صرحت امرأة شابة قائلة \"إثر زيارتي لأميركا تغير تماماً فهمي للحياة\". واللافت بالنسبة لهذه المرأة كما عبرت عن ذلك بنفسها أنها بسبب ما لمسته من حرية التعبير والاعتقاد في أميركا، فضلاً عن احترام القانون والتقيد بأحكامه قالت \"بدأت أقرأ القرآن واستطعت الاقتراب من ديني في أميركا أكثر مما كنت في بلدي\". وفي الوقت نفسه قررت المرأة الأذربيجانية في ضوء ما لمسته في أميركا من \"مؤازرة الأميركيين لبعضهم بعضاً\" أن تتبنى القيم ذاتها: \"قررت أن أفتح قلبي للناس وأن أمد لهم يد العون كلما استطعت ذلك\". واليوم هي امرأة مسلمة تؤمن بالقيم الديمقراطية، ما جعلها تكرس نفسها للعمل من أجل الدفاع عن الأطفال وتأمين حقوقهم. وفي كازاخستان حيث تأثر بعض المدرسين بالنموذج الأميركي في الحريات العامة والمساواة الاجتماعية قرروا العمل من خلال مدارسهم لتشجيع تطور المجتمع المدني في بلدانهم والسعي إلى ترسيخ مفهومه في أوطانهم في أفق تحويلها إلى \"بلدان ديمقراطية\". \r\n \r\n ومن جهتها تناضل امرأة من تتارستان، وهي جمهورية روسية تقع شمال كازاخستان، لدعم قيم التسامح والعيش المشترك في بلادها بعدما عايشت تلك القيم خلال مقامها في الولاياتالمتحدة. وتحاول اليوم إقناع مواطنيها بالتوقف عن إثارة الأسئلة المحرضة على الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد مثل \"هل يتعين على شعب تتارستان دعم إخوانه من المسلمين، أم يتكاتف مع جيرانه الروس؟\". ولتعزيز مشروعها في التعايش المشترك بين الحساسيات المختلفة التي يمور بها المجتمع التتاري أنشأت برنامجاً تربوياً متعدد الثقافات يسعى إلى الدفع بقيم التسامح وترسيخها بين أفراد المجتمع. وهناك رجل طاجيكي قضى فترة مهمة من حياته في الولاياتالمتحدة وصرح بأنه أصبح \"أكثر قوة ونشاطاً في الدفاع عن حقوق الإنسان\"، حيث قرر بفضل ذلك الانخراط في دراسة القضايا المتعلقة بحقوق الأفراد وكيفية ضمانها لأبناء مجتمعه. ومباشرة بعد عودته إلى بلاده التحق الرجل بمنظمة حقوقية ترفع تقاريرها بانتظام عن انتهاكات حقوق الإنسان في السجون وغيرها إلى الوكالات الأممية المختصة. كما يسهر على مراقبة مدى مطابقة القوانين في طاجيكستان مع الميثاق الدولي للحقوق السياسية والمدنية. \r\n \r\n وفي قيرغزستان قالت إحدى المدرسات إنها طيلة مكوثها في الولاياتالمتحدة اكتشفت أن الديمقراطية \"ليست مجرد كلمة تعني الحرية المطلقة، بل هي الحرية مقترنة بالمسؤولية\". وقد اتخذت المدرسة من هاتين الكلمتين شعاراً ترفعه باستمرار في مؤسستها التعليمية، جاعلة هدفها الأساس دعم الديمقراطية في محيطها الصغير، ومن تم العمل على نشر قيم الديمقراطية في المحيط الأوسع للمجتمع ككل. وثمة شخص آخر من قيرغزستان أعلن أن أميركا \"كسبت حليفاً\" متمثلاً في شخصه عندما زار الولاياتالمتحدة في إطار برنامج للتبادل الثقافي. وهو اليوم يحاول من خلال مبادرة خاصة تشكيل تحالف واسع يضم 55 منظمة غير حكومية لنصرة المجتمع المدني في بلاده استعداداً لترشيح نفسه في الانتخابات البرلمانية المقبلة تحت برنامج سياسي واضح يرتكز على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تعلمها خلال دراسته في الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n ورغم أن تلك النماذج تبدو فردية ومتفرقة، فإنها تشير إلى وجود مئات من الأشخاص يزفون إلينا أنباء سارة من ساحة معركة الأفكار التي نخوضها من أجل نشر قيم ديمقراطية في العالم الإسلامي وباقي الدول النامية دونما الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة. وبالطبع يمكننا توسيع دائرة المدافعين على الديمقراطية والمؤمنين بضرورتها من خلال استضافة المزيد من الأشخاص ضمن برامج التبادل الثقافي لضمان استفادتهم من التجربة الديمقراطية في أميركا ونقلها لاحقاً إلى بلدانهم. \r\n \r\n \r\n جيمس سلوان ألين \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n