\r\n لكن هناك اربعة اسباب قاهرة تمنع توجيه هجوم جوي اجهاضي الى المؤسسات النووية الايرانية, وهذه الاسباب هي: \r\n \r\n 1- في غياب التهديد الماثل »حيث ما تزال هناك عدة سنوات امام الايرانيين ليمتلكوا ترسانة نووية« فان الهجوم سيشكل عملا حربيا من طرف واحد. \r\n \r\n واذا كان لهذا الهجوم ان ينفذ من دون اعلان رسمي من الكونغرس فانه سيكون غير دستوري ويستدعي خلع الرئيس, كذلك فانه في حالة تنفيذه من دون ترخيص من مجلس الامن الدولي وبشكل منفرد من قبل الولاياتالمتحدة او بالتواطؤ مع اسرائيل فانه سيدمغ منفذيه بصفة الخارجين عن القانون. \r\n \r\n 2- من المحتمل ان تعقد ردود الفعل الايرانية على نحو خطير المصاعب الحالية التي تواجهها الولاياتالمتحدة في العراق وافغانستان, وربما تطلق موجة جديدة من العنف من جانب حزب الله في لبنان, وهي في جميع الحالات تعمل على توريط الولاياتالمتحدة في دائرة العنف الاقليمي لمدة قد تمتد عقدا او اكثر. ان ايران بلد يضم حوالي 70 مليون نسمة والصدام معها يجعل المغامرة الفاشلة في العراق تبدو كلعبة بالمقارنة. \r\n \r\n 3- سترتفع اسعار النفط بشكل حاد وخصوصا اذا عمد الايرانيون الى وقف انتاج نفطهم وسعوا الى تعطيل تدفق النفط من الحقول السعودية المجاورة. وسوف يتضرر الاقتصاد العالمي تضررا كبيرا ويلقي العالم باللوم على امريكا. ويكفي لتقدير هذا الضرر ان نلاحظ ان اسعار النفط قد تجاوزت ال ̄ 70 دولارا للبرميل الواحد لمجرد مخاوف من وقوع صدام ايراني - امريكي. \r\n \r\n 4- من المحتمل ان يزداد استهداف امريكا من قبل الارهابيين وان يستنتج قسم كبير من العالم ان دعم امريكا لاسرائيل هو في حد ذاته سبب رئيسي في تزايد الارهاب. وهكذا ستصبح امريكا اكثر عزلة وبالتالي اكثر هشاشة في وقت تصبح فيه احتمالات التوصل الى تسوية اقليمية بين اسرائيل وجيرانها مستبعدة اكثر مما كانت عليه في اي وقت آخر. \r\n \r\n يتبع ذلك ان الهجوم على ايران سيكون حماقة سياسية تطلق سلسلة متتابعة من الاضطرابات في الشؤون العالمية, ومع اتساع دائرة معاداة امريكا, فان حقبة السيادة الامريكية قد تصل الى نهاية سابقة لاوانها. \r\n \r\n وفي الوقت الذي ينعقد فيه لواء السيادة العالمية لامريكا, فان امريكا لا تملك القدرة ولا النزوع الداخلي اللازمين لفرض ارادتها ومن ثم المحافظة على ذلك الفرض بوجه مقاومة طويلة ومكلفة وقد كان هذا هو الدرس الذي قدمته لنا التجربتان الفيتنامية والعراقية. \r\n \r\n يضاف الى ذلك, ان التلميحات المتواصلة من جانب المتحدثين الرسميين الى ان »الاختيار العسكري مطروح على الطاولة« تحول دون عقد ذلك النوع من المفاوضات التي يمكن ان تجعل ذلك الاختيار غير ضروري. \r\n \r\n كما ان تهديدات من هذا النوع توحد ما بين الوطنيين الايرانيين والاصوليين الشيعة, وتعزز الشكوك الدولية المتنامية حول وجود تشجيع امريكي مقصود للمزيد من التعنت الايراني. \r\n \r\n ومما يؤسف له ان يضطر المرء الى التساؤل عما اذا لم تكن هذه الشكوك مبررة ولو جزئيا. والا فكيف يمكن تفسير الموقف »التفاوضي« الامريكي حيث ترفض الولاياتالمتحدة المشاركة في المفاوضات الدائرة مع ايران وتصر على حصر تعاملها مع اطراف اخرى تنوب عنها وهو الامر الذي يتعارض على نحو حاد من المفاوضات المتزامنة مع كوريا الشمالية والتي تشارك فيها الولاياتالمتحدة بشكل مباشر وفعال. \r\n \r\n في الوقت نفسه, تقوم الولاياتالمتحدة بتخصيص الاموال لزعزعة النظام الايراني وهناك تقارير تفيد بانها تقوم بادخال متسللين من القوات الخاصة الى داخل ايران لتحريض الاقليات العرقية على تفتيت الدولة الايرانية »باسم الدمقرطة«, كما ان هناك افرادا في ادارة البوش لا يرغبون بأي نوع من الحلول التفاوضية يساندهم في ذلك القارعون على طبول الحرب والذين ينشرون الاعلانات على صفحات كاملة من الصحف الرئيسية لتضخيم حجم التهديد الايراني. \r\n \r\n هنالك نوع من المفارقة غير المقصودة في الموقف الايراني حيث تساهم لغة الرئيس احمدي نجاد البذيئة في تبرير التهديدات التي تطلقها شخصيات في الادارة الامريكية والتي تساعد احمدي نجاد في استغلال تعنته لغرض كسب المزيد من التأييد الداخلي لذاته وللمشروع النووي الايراني. \r\n \r\n ولهذا, فان الوقت قد حان للادارة الامريكية ان تصحو, وان تفكر بطريقة استراتيجية وبمنظور تاريخي واضعة المصلحة الوطنية الامريكية في صدارة اهدافها. لقد نجح الردع في العلاقات الامريكية-السوفييتية, والعلاقات الامريكية-الصينية, والعلاقات الهندية-الباكستانية. \r\n \r\n ان الفكرة القائلة بان ايران سوف تقوم في يوم ما بتسليم القنبلة النووية الى جهة ارهابية ما تتجاهل الحقيقة التي تفيد بان ذلك سيكون بمثابة انتحار من جانب ايران لانها ستكون المشتبه به الاول كما ان عمليات التتبع العلمي ستجعل من الصعب اخفاء منشأ القنبلة الاصلي. \r\n \r\n الا ان ثمة شيئا من الصحة في القول بان حصول ايران على السلاح النووي في نهاية المطاف سوف يصعد التوترات في المنطقة. فاسرائىل ستشعر, رغم ترسانتها النووية الكبيرة, بانها باتت اقل امنا. ولهذا فان منع ايران من الحصول على السلاح النووي امر مبرر, ولكن على الولاياتالمتحدة, وهي تسعى الى تحقيق هذا الهدف, ان تضع في حساباتها الاحتمالات بعيدة المدى على مستوى التنمية السياسية والاجتماعية في ايران. \r\n \r\n ان لدى ايران تطلعات موضوعية (خصوصا بين صفوف الشباب) لاتباع خطى تركيا في تحقيق التطور في مجالات التعليم ومكانة المرأة والطموحات الاجتماعية. والملالي هم ماضي ايران, وليسوا مستقبلها, وليس من مصلحتنا التورط في افعال تساهم في قلب هذا التسلسل. \r\n \r\n ان المفاوضات الجادة لا تتطلب المشاركة الصبورة وحدها انما الاجواء البناءة ايضا. ان وضع مواعيد نهائىة مصطنعة من جانب الاطراف غير الراغبة حقا في التفاوض عمل غير مفيد. ولا يمكن لاطلاق الشتائم وقعقعة السلاح والامتناع عن اخذ الهموم الامنية للجانب المقابل بنظر الاعتبار ان تكون مفيدة الا لمن يرغب في وقف العملية التفاوضية. \r\n \r\n وبناء على ما تقدم فان الاستنتاجات التالية قد تكون ذات فائدة للسياسة الامريكية الحالية: \r\n \r\n - على الولاياتالمتحدة ان تصبح طرفا مباشرا في المفاوضات وان تلتحق بالدول الاوروبية المفاوضة الثلاث وربما بروسيا والصين ايضا بصفتهما دولتان تمتلكان حق استخدام الفيتو في مجلس الامن وان تجري مفاوضات مباشرة مع ايران على غرار المفاوضات الحالية متعددة الاطراف مع كوريا الشمالية. \r\n \r\n - كما هي الحال مع كوريا الشمالية, ينبغي للولايات المتحدة ان تدخل ايضا في مفاوضات مع ايران حول القضايا الاقتصادية والامنية المثيرة للخلاف. \r\n \r\n - على الولاياتالمتحدة ان تكون طرفا موقعا على اية ترتيبات تعويضية في حالة التوصل الى حل مرض للبرنامج النووي الايراني ولقضايا المنطقة الامنية. \r\n \r\n - في زمن ما في المستقبل, يمكن لما تقدم ان يقود الى اتفاقية اقليمية لجعل الشرق الاوسط منطقة منزوعة السلاح خصوصا بعد ابرام اتفاق السلام الاسرائيلي- الفلسطيني وتبني جميع الدول العربية في المنطقة كذلك الاتفاق. اما في المرحلة الراهنة, فان اقحام هذه القضية المعقدة في العملية التفاوضية مع ايران سابق لاوانه. \r\n \r\n ان الاختيار الان يقوم بين الاندفاع الى مغامرة طائشة تضر بالمصالح الوطنية الامريكية بعيدة المدى او التعامل بجدية مع عملية اعطاء المفاوضات مع ايران فرصة حقيقية في النجاح. \r\n \r\n لقد كان الملالي في طريق الانحدار قبل سنوات لكنهم منحوا دفقة حياة جديدة عن طريق تكثيف المواجهة مع الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n ان الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة الذي يمكن العمل على تحقيقه من خلال التفاوض الحقيقي وليس التظاهر بالتفاوض, ينبغي ان يكون فصل الوطنية الايرانية عن الاصولية الدينية ومن شأن التعامل مع ايران باحترام ومن منظور تاريخي ان يخدم هذا الهدف. \r\n \r\n وعلى السياسة الامريكية ان لا تنساق لتأثيرات جو من التحذيرات المصطنعة التي تذكرنا بالاجواء التي سبقت التدخل في العراق.