كان رد الفعل الإسرائيلي متوقعا ، لكن ما أسبابه؟ وهل هو سخط محض أم ماذا؟ \r\n لقد قالت مير شيتريت ، وزيرة التعليم الإسرائيلية: هذه المبادرة طعنة حقيقية في الظهر ، وتساءلت: ماذا ستقول موسكو لو دعونا ممثلي الشيشان إلى القدس بالمقابل؟ \r\n بيد انه ليس من الصواب مقارنة الوضع في الشيشان بالوضع الفلسطيني ، ذلك أن الشيشان جزء من روسيا ، وهو ما يعترف به المجتمع الدولي ، بينما الأراضي الفلسطينية تقع تحت احتلال إسرائيلي ، كما تنص على ذلك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. \r\n وتتناسى الوزيرة الإسرائيلية أيضا أن حماس جاءت إلى السلطة عبر طريق انتخابات شرعية ، وأن المجتمع الدولي اعترف بشكل غير مباشر بهذا الحق بقبوله لنتائج الانتخابات. بالمقابل فإن موسكو تشعر بالانزعاج عندما تستقبل دول أخرى أناسا فقدوا حق تمثيل مصالح الشيشانيين أو لم يملكوا أصلا هذا الحق. فالشيشان لها برلمان شرعي ورئيس ، وهم الوحيدون الذين يملكون حق التحدث باسم الشعب الشيشاني الذي انتخبهم. \r\n إن الرئيس بوتين لم يدع قادة حماس إلى موسكو إلا بعد أن فازت المنظمة بالانتخابات البرلمانية ، ولا يمكن الزعم بأن مبادرته تقوض شرعية الحكومة الفلسطينية. \r\n كما أن انتصار حماس حقيقة لا يمكن إنكارها من دون إنكار نتائج الانتخابات أيضا. \r\n ويتهم السياسيون الإسرائيليون موسكو بالعمل بما يناقض البيان الأخير للمجموعة الرباعية الدولية التي تضم روسياوالولاياتالمتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقد تم تبني هذا البيان حول نتائج الانتخابات الفلسطينية في لندن في 30 يناير الماضي. والإسرائيليون يحبون الإشارة إليه ، رغم انهم في الماضي فضلوا تجاهل مثل هذه الوثائق ، ناهيك عن قرارات مجلس الأمن التي تتعارض مع مصالح إسرائيل. زد على ذلك أن إسرائيل قبلت بخارطة الطريق للتسوية في الشرق الأوسط مع وضع 14 تحفظا. وطبقا للتفسير الإسرائيلي لبيان الرباعية الأخير ، ليس لموسكو حق في استقبال قادة حماس. \r\n في واقع الأمر ، لم يدع بيان 30 يناير إلى مقاطعة حماس ، بل انه لم يشر إليها حتى. إن البيان يقول إن المساعدة المستقبلية لأي حكومة فلسطينية جديدة قد تراجع من قبل الأطراف المانحة في ضوء التزام الحكومة بمبادئ اللاعنف والاعتراف بإسرائيل وقبول الاتفاقات والالتزامات السابقة ، بما في ذلك خارطة الطريق. ولاحظوا كلمة (قد) حيث تراها إسرائيل (يجب). \r\n غني عن القول إنه لا يوجد محك للحكم على أفعال الفلسطينيين لأن الحكومة الفلسطينية لم تتشكل بعد ، وليس ثم سبب يدعو لاتهام روسيا بخيانة الرباعية ، وقد قال دبلوماسيون روس بعد إعلان بوتين عن مبادرته إن المباحثات مع حماس ستتم في إطار مقررات الرباعية ، وستهدف في جزء منها لضمان سلامة إسرائيل. \r\n من هنا ، يمكن تفسير مخاوف إسرائيل من المبادرة الروسية بأنها لاعتبارات سياسية داخلية ، وإلا فمن غير الواضح لماذا يلوذ الذين يدينون المبادرة الروسية بالصمت حول محادثات حماس مع مصر أو اقتراح تركيا التوسط بين حماس وإسرائيل ، ثم إن شاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي ذهب إلى مصر لمناقشة الوضع الإقليمي مع الرئيس حسنى مبارك وليرسل مطالب إسرائيل إلى حماس عن طريق مصر. فلماذا لا تستطيع روسيا القيام بدور الوسيط؟ \r\n ثمة سبب واحد محتمل وهو أن الرباعية ، وبضمنها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ، سيقيمون توقعات الحوار مع حماس حسب نتائج مباحثات موسكو. فإذا استطاع الدبلوماسيون الروس إقناع نظرائهم الأميركيين والأوروبيين بأن الحوار ممكن ، فإنه سيكون من الصعب على إسرائيل تجاهل التزاماتها تجاه الفلسطينيين. \r\n إن إسرائيل لم تشر انه في 30 يناير ، ذكرت الرباعية الطرفين بالتزاماتهما بموجب خارطة الطريق لتفادي الأعمال أحادية الجانب التي تضر بقضايا التسوية النهائية. وهذا التحذير موجه بالأساس إلى إسرائيل ، التي تنتهج سياسة أحادية تسمح لها بصبغ ملكية الأراضي المتنازع عليها بصبغة رسمية تحت ذريعة أنها لا تجد شريكا تفاوضيا في فلسطين. وقد يقبل المجتمع الدولي بذلك دون أن ينبس بكلمة لو انه اعترف بأن الحوار مع حماس مستحيل. \r\n وثمة سؤال آخر: لماذا أقدمت الحكومة الإسرائيلية على التحاور مع فتح ، التي حكمت فلسطين قبل الانتخابات ثم تنكر هذا الحق على حماس؟ مع العلم أن الجناح المسلح لفتح اكثر نشاطا من ميليشيات حماس ، التي احترمت في الأغلب اتفاق التهدئة. \r\n على أن هذا لا يعني انه يتعين على المجتمع الدولي أن يغفر لحماس هجماتها الإرهابية التي ارتكبتها في الماضي ، وروسيا لا تفرق بين الهجمات في موسكو أو تل أبيب أو لندن أو نيويورك أو أي جزء من العالم ، وهي لم تقبل أبدا بمثل هذه الأشكال للكفاح السياسي ، وسوف تبحث هذه المسألة مع الوفد الفلسطيني. غير انه إذا كان ثمة فرصة بأن تتخلى حماس عن الإرهاب ، فلماذا لا نستغلها؟ نحن لم يدر بخلدنا قبل 20 عاما أن الإسرائيليين قد يتفاوضون مع منظمة التحرير الفلسطينية ، التي تأتي فتح في القلب منها ، ولكنها فعلت. \r\n إن موسكو تتفهم قلق إسرائيل من حماس ، ولكن على العالم أن يرى أن عزل حماس قد يدفع الحركة باتجاه اكثر تطرفا ، وإذا منع الغرب مساعداته عنها فلسوف تسعى إلى رعاة آخرين يعطونها المال اللازم للإرهاب وليس للإبداع. وحتى الآن ، يملك المجتمع الدولي فرصة التأثير في سياسة حماس المستقبلية , وقد تكون التغيرات بطيئة أو قد لا تحدث على الإطلاق ، ولكن هذا لا يعني انه يتعين علينا التوقف عن المحاولة. هذا ما تفعله روسيا - ألا وهو محاولة إخراج أزمة الشرق الأوسط من مأزقها الحالي. \r\n ماريانا بيلينكايا وارثر غابدراخمانوف \r\n معلقة سياسية بوكالة نوفوستي الروسية الإخبارية ومقيمة ببيروت \r\n معلق سياسي بنفس الوكالة ومقيم بإسرائيل \r\n خدمة كيه ار تي - خاص ب(الوطن)