ورغم أن إسرائيل تتمتع بسجل في القدرة على مواجهة أزماتها السياسية الداخلية فإن رحيل شارون سيؤدي إلى إطلاق صراع سياسي جديد على السلطة، يتم فيه اختبار ما إذا كان حزب ''كاديما'' الذي أسسه الرجل في نوفمبر الماضي سيستطيع البقاء بدونه أم لا! \r\n من المقرر عقد الانتخابات الإسرائيلية في الثامن والعشرين من مارس المقبل، لكن ثمة عاملا رئيسيا يمكن أن يؤثر على نتيجة تلك الانتخابات ألا وهو الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقرر عقدها في الخامس والعشرين من يناير الحالي. ومن المتوقع أن تخسر حركة ''فتح'' التي تمزقها انقسامات مريرة عددا من المقاعد التي ستذهب إلى حركة ''حماس'' الراديكالية. ووفقا لبعض الإحصائيات فإن ''حماس'' يمكن أن تكسب ثلث عدد مقاعد الجمعية التشريعية الجديدة. وسوف يمثل هذا إذا ما حدث تحديا للجميع بما في ذلك الولاياتالمتحدة. \r\n ولكن هناك مشكلة أخرى تعاني منها ''فتح'' وهي افتقارها إلى وجود قائد قوي مثل شارون الذي يتمتع بقدرة خاصة على الإنجاز اشتهر بها على مدار حياته السياسية. وعلى الرغم من أن شارون كان مكروها على نطاق واسع من قبل الفلسطينيين الذين عانوا جراء سياساته الاستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإنه قام خلال السنوات الأخيرة، بتغيير رؤيته الاستراتيجية. وبناء على ذلك التغيير أصدر شارون أوامره بالانسحاب الأحادي من قطاع غزة في وجه معارضة مريرة من أعضاء حزبه (الليكود) ومؤيديه من الجناح اليميني في حركة المستوطنات. \r\n في مقابل ذلك نجد أن غياب قائد فلسطيني قوي يمثل عبئا على شعب يكافح ضد التحديات العملية للدولة الناشئة. فالفلسطينيون في حاجة إلى زعيم لديه القدرة على التفاوض مع بديل شارون، والتوصل إلى اتفاقية بصدد الخطوات التالية لفك الاشتباك الإسرائيلي مع الضفة الغربية. ومن المعروف هنا أن رؤية شارون كانت تقوم على فرض السلام على الفلسطينيين من خلال الإجراءات الإسرائيلية الأحادية الجانب، بما في ذلك تنفيذ المزيد من الانسحابات، والاستمرار في بناء حاجز الفصل الأمني. \r\n ورغم أن الانسحاب من غزة بدا ناجحا عندما حدث، إلا أنه يؤشر الآن إلى ضعف النهج الأحادي الذي اتبعه شارون. فقد أدى ذلك الانسحاب إلى حالة من الفراغ جعلت القطاع منطقة غير مستقرة وخطرة بل يلمح البعض إلى أنه قد أصبح على حافة الحرب الأهلية. وإذا ما تم انسحاب اسرائيلي مماثل من الضفة الغربية بشكل، فستكون لذلك الإجراء تداعيات خطيرة على الإسرائيليين والفلسطينيين معا. \r\n لهذا السبب يجب التفاوض على أي انسحاب رئيسي جديد... لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: مع من تتفاوض إسرائيل؟ وهل هناك قائد إسرائيلي غير شارون لديه السلطة للتفاوض مع الفلسطينيين، وتنفيذ ما سينظر إليه الإسرائيليون على أنه تضحيات مؤلمة لتحقيق حل الدولتين؟ \r\n على الرغم من كل ما يقال عن الديمقراطية في المنطقة، فإن المطلوب في الحقيقة هو وجود قائدين لديهما إرادة لاتخاذ ذلك النوع من القرارات السياسية الحاسمة التي اتخذها كل من أنور السادات ومناحم بيجين في سبعينيات القرن الماضي. صحيح أنه لا يوجد سياسي لا يمكن الاستغناء عنه، إلا أن العثور على زعيم إسرائيلي قادر على اقتفاء خطى شارون، ثم العثور بعد ذلك على زعيم فلسطيني لديه القدرة على أن يكون نظيرا له في العزم والتصميم، سوف تكون مهمة صعبة وشاقة على الأرجح. \r\n