مواكب المحتفلين تجوب شوارع الأقصر في ختام صوم العذراء (صور)    جامعة القاهرة تحصد المراكز المتقدمة في "مهرجان طرب الأول" للجامعات المصرية    الرقابة المالية تطلق مسابقة بحثية في مجالات الأنشطة المالية غير المصرفية    محافظ كفرالشيخ يبحث مع وفد وزارة الإسكان موقف المشروعات بالمحافظة    مدبولي يشارك في مأدبة عشاء رسمية أقامها رئيس وزراء اليابان لرؤساء الوفود بقمة تيكاد 9    السيسي يعود للقاهرة عقب لقاء ولي عهد السعودية    التشكيل الرسمي لمباراة زد وسموحة في الدوري الممتاز    أنهى حياته بالفأس، الإعدام لقاتل جده في الإسماعيلية    صناع "إن غاب القط" في تركيا لاستكمال تصوير الفيلم    تنفيذا لقرار نقابة المهن التمثيلية .. درية طلبة تمثل أمام لجنة مجلس تأديب من 5 أعضاء    الصحة: انخفاض معدل الإنجاب الكلي بالقاهرة ل 2.05 مولود خلال 2024    ماذا لو أن سعد القرش لم يكتب سوى عن ذاته فى روايته «2067»؟    محمد الشناوي يشكر من قدم العزاء في وفاة والده    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    مصدر ب"التعليم" يوضح موقف معلمي المواد الملغاة في الثانوية العامة    تراجع جماعي للبورصة المصرية وخسائر 5 مليارات جنيه    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    الداخلية تكشف ملابسات محاولة سرقة مواطن بالجيزة    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    مفاجأة في تحليل المخدرات.. قرار عاجل من النيابة بشأن سائق حادث الشاطبي    السيسي يصدر قانونًا بتعديل بعض أحكام قانون الرياضة    سلوت: نيوكاسل من أفضل فرق البريميرليج.. وهذه مزايا ليوني    خبراء سوق المال: قطاعا الأسمنت والأدوية يعززان النمو في البورصة    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    تصعيد إسرائيلي واسع في غزة.. وضغوط تهجير مضاعفة في الضفة الغربية    لأول مرة.. جامعة القناة تنجح في جراحة "دماغ واعٍ" لمريض    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    رحيل الشاعر الكبير مصطفى السعدني صاحب «ياست الناس يامنصوره»    قمة الإبداع الإعلامي تناقش تحديات صناعة الأخبار في عصر الفوضى المعلوماتية    بقيمة 8 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات قوية لتجار العملة غير المشروعة    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    لبنان.. بدء المرحلة الأولى من تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    أول رد رسمي على أنباء توقف أعمال الحفر في ستاد الأهلي    نقيب الأطباء: نرحب بجميع المرشحين ونؤكد على أهمية المشاركة بالانتخابات    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    جني جودة تحصد 3 ذهبيات ببطولة أفريقيا للأثقال وشمس محمد يفوز في وزن + 86كجم    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    رئيس مركز القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع "إسرائيل الكبرى"    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    الزمالك يناشد رئيس الجمهورية بعد سحب ملكية أرض أكتوبر    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الف يوم من الحرب في العراق
نشر في التغيير يوم 20 - 12 - 2005

بدا الامر بالغ السهولة. اعلن الرئيس جورج بوش انتهاء الحرب. انجزت المهمة الامريكية. ومرت شهور قبل ان تدرك ان واشنطن ولندن ان الحرب لم تنته. بل انها, في الواقع, كانت تبتدىء لتوها. من بين ال ̄ 18 الف جندي امريكي الذين قتلوا او جرحوا في العراق تبلغ نسبة الذين قتلوا او جرحوا منذ سقوط بغداد 94%.
\r\n
لا يوجد دليل على ان انتخابات الخامس عشر من هذا الشهر سوف تنهي الاقتتال. شارك العرب السنة الذي يشكلون قطب التمرد في التصويت لاول مرة, ولكن ما من حديث عن هدنة. احد المنشورات التي وزعت من قبل احدى جماعات المقاومة عشية يوم الانتخاب شجع اتباع تلك الجماعة على التصويت لكنه حذر من ان »القتال سيستمر ضد الكفرة واتباعهم«.
\r\n
ان الغرابة في هذه الحرب كونها قد شنت من قبل الامريكيين في عام 2003 لتغيير الشرق الاوسط على نحو راديكالي وهو المنطقة الاكثر خطورة والتهابا في العالم.وكان هذا الهدف مخالفا تماما لهدف حرب الخليج الاولى عام 1991 عندما كان الهدف الاهم للرئيس جورج بوش الاب هو اخراج صدام حسين من الكويت واعادة الاوضاع الى ما كانت عليه.
\r\n
هناك اختلاف حاد آخر بين الحربين. كان بوش الاب قد بذل جهدا كبيرا من اجل جمع تحالف دولي تحت راية الامم المتحدة لخوض الحرب في العراق. في حين ان ابنه, على النقيض من ذلك, عمل في عزلة. لقد حول الحرب على العراق الى اختبار اعلى لقوة امريكا العسكرية والسياسية. فالولايات المتحدة, باستثناء بريطانيا التي تتبعها, سوف تخوض الحرب وحدها وسوف تكسبها وحدها. ولم تكن بحاجة الى حلفاء لا خارج ولا داخل العراق. لقد تلقى المتمردون مساعدة سرية حيوية من الخارج, لكن التمرد الذي انفجر ضد الاحتلال الامريكي كان محليا بالكامل. كان التخلص من وهم التحرير قد انتشر بين العراقيين مع استيلاء القوات الامريكية على العاصمة بغداد في شهر نيسان 2003 . اندفع الفقراء من الاكواخ المحيطة ببغداد في موجة تدمير ونهب. وقد تم نهب كل شيء حتى الحيوانات المحنطة في متحف التاريخ الطبيعي.
\r\n
كان العراقيون يتوقعون الكثير من سقوط صدام. فقد عانوا من 23 عاما من الحرب والعقوبات الاقتصادية. وكل ما فعلته القوات المسلحة العراقية هو انها حزمت امتعتها والتحقت ببيوتها. لم يكن هناك من يريد ان يموت دفاعا عن النظام القديم. وكان الجميع يأمل بالاستمتاع بثمار الثروة النفطية لاول مرة والعيش على غرار الكويتيين والسعوديين.
\r\n
بدلا من ذلك, اقام الامريكيون نظاما استعماريا. تم تهميش العراقيين وتجاهل ارائهم. وجد العراقيون من حملة شهادة الدكتوراه والمتكلمين بعدد من اللغات انفسهم في موقع تلقي الاوامر من قبل شبان امريكيين لا مؤهل لديهم سوى ارتباطهم بالحزب الجمهوري الامريكي. وقد حلت قوات الامن والجيش. واستفز غضب الطائفة السنية التي يبلغ تعدادها خمسة ملايين. وبدأت الهجمات الاولى على الدوريات والعربات الامريكية. وحيثما تمكنت من زيارة موقع احد الكمائن وجدت الشبان العراقيين يرقصون ابتهاجا حول العربات المشتعلة.
\r\n
بحلول شهر تشرين الثاني 2004 كانت قد اندلعت حرب عصابات خطيرة. ولم يكن الجيش الامريكي في العراق بجنوده ال ̄ 140 الفا مستعدا لمثل هذه المواجهة. شاهدت مرة واحدة مدفعية امريكية تحاول اخماد نزاع بالايدي نشب بين سائقي سيارات عراقيين كانوا يقفون في الطابور انتظارا للحصول على البنزين وكان الامريكيون قد جلبوا معهم مدفعا هائلا من طراز هاويتزر مصمما لاطلاق قذائف ذات مدى 30 كيلو مترا.
\r\n
بدأ وجه بغداد يتغير. صارت كتل الكونكريت التي تبدو مثل شواهد مقبرة رمادية والتي اقيمت لصد هجمات السيارات المفخخة رمزا للعهد الجديد. وتعزل جدران من تلك الكتل العالية المنطقة الخضراء القائمة في مركز بغداد حيث يقيم الامريكيون والبريطانيون مقراتهم.
\r\n
صار الاثر المرعب للانتحاريين ملموسا في كل مكان. لم يعد احد في امان, تحول مقر الامم المتحدة الى كومة انقاض, وكذلك كان حال المبنى الذي ضم الصليب الاحمر. وعززت مراكز الشرطة العراقية والمواقع الامريكية على عجل. شهدت بعض الايام عشرات الهجمات التي ما لبث عددها ان تناقص لكنها اصبحت اكثر اتقانا وتعقيدا كلجوء الانتحاريين الى ارسال انتحاري لاختراق جدران الكونكريت يتبعه انتحاري يتمكن من الوصول الى المبنى المستهدف.
\r\n
يعيش الناس في بغداد ووسط العراق في هلع دائم من العمليات الانتحارية, والخاطفين, والقوات الامريكية, وافراد الجيش العراقي. فقد تعرضت الطرق المؤدية الى العاصمة العراقية الى القطع من قبل المتمردين او قطاع الطرق, وهرب العراقيون الايسر حالا الى الاردن او سوريا او مصر خوفا من الخاطفين الذين يستهدفون ابناءهم وبمواجهة الهجمة العربية السنية, ازداد اعتماد الامريكيين على الطائفتين الاخريين في العراق. يكون الشيعة 60% من سكان العراق بينما يكون الاكراد 20 بالمئة. يدرك بعض الزعماء العراقيين حراجة المعضلة الامريكية في العراق. في صيف عام ,2003 قال لي احد الزعماء الاكراد: »دعهم يحاولون ادارة البلاد من دوننا وسوف يرون اية ورطة سيواجهون. بعدها سيهرولون الينا طالبين المساعدة«.
\r\n
خلال العام الماضي, ادركت الولايات المتحدة انها تستطيع احتواء التمرد السني لكنها لا تستطيع القضاء عليه. وقد شهد العام الحالي دخول العراق تحت سيطرة تحالف كردي شيعي من المتوقع ان تجدد له الولاية في انتخابات يوم الخميس الماضي.
\r\n
في الوقت الحاضر يشكل العراق واقعا استثنائيا, تتفاوت فيه الظروف والاحوال من منطقة الى اخرى. تعيش منطقة كردستان رخاء لم تعرفه في اية مرحلة اخرى من تاريخها. ويزدحم سماء مدنها بالرافعات. اما في بغداد فلا علاقة تذكر لاي نوع من البناء, وقد هرب سكان المناطق الاكثر غنى من العاصمة وتحولت تلك المناطق الى مقرات للحراس الامنيين المسلحين.
\r\n
في استطلاع للرأي اجرته هيئة الاذاعة البريطانية عشية يوم الانتخابات قال نصف الذين شاركوا في الاستطلاع ان العراق في حاجة الى زعيم قوي. بينما اقتصرت نسب الذين اعتبروا الديمقراطية اولوية من اولويات العراق على 28 بالمئة فقط. لكن من الخطأ الظن بان العراقيين يمكن ان يتفقوا على الرجل القوي نفسه.
\r\n
فالسنة يريدون رجلا قويا يضع الشيعة في مكانهم, بينما يريد الشيعة رجلا قويا قادرا على التعامل مع السنة.
\r\n
لا يملك العراقيون الكثير من الثقة بزعمائهم السياسيين. ومن المتوقع ان تكشف نتائج الانتخابات عن تصويت غالبية العراقيين على اسس طائفية وعرقية, بينما يتحول العراق من دولة موحدة. الى كونفدرالية.
\r\n
لا توجد اية علاقة تدل على ان حرب الالف يوم في طريقها الى الانتهاء. وفي بغداد, تستقبل المشرحة كل شهر حوالي الف جثة لقتلى من العراقيين. انه عراق جديد هذا الذي يأخذ بالتشكل لكنه عراق غارق بالدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.