\r\n \r\n كان ينظر لمن هو معارض للحرب في تلك الأيام، مثلما هو الحال الآن، وكأنه كائن شيطاني. ومثلما يكتب ماكارثي في وقت لاحق متذكرا: «مع استمرار مسار الحرب بصورة سيئة أصبح دعاتها في موقع أكثر دفاعية. وكانت الدوافع لأولئك الذين تحدثوا ضد الحرب موضع تساؤلات مثلما هو الحال إزاء وطنيتهم، وفي حالة الديمقراطيين كان مدى إخلاصهم لحزبهم الديمقراطي محل تساؤلات أيضا. كان المنتقدون يُنعتون ب«المخنثين المنفعلين» و«المتذرعين الخاصين» وفي لغة المتعاملين مع الماشية فهم يسعون إلى الفرار». \r\n في تلك الأيام كان الصقور يصرون على أن أي شيء أقل من النصر الكامل في فيتنام سيضع الولاياتالمتحدة في «خطر مهلك». \r\n وبالتأكيد الخطر المهلك يصيب الجنود الشباب المتمتعين بصحة جيدة ورجال المارينز الذين ظلت الولاياتالمتحدة تسقطهم باستمرار فوق جبهات القتال. قام جونسون بزيارة مفاجئة إلى فيتنام عام 1966 وحث الصبية الأميركيين على أن يجلبوا معهم «جلد حيوان الراكون» وقتل الآلاف والآلاف منهم وهم يحاولون تحقيق ذلك. \r\n في كتابه الصادر عام 1975 الذي يحمل عنوان «السنوات الصعاب» قال ماكارثي: « لم يقل إلا الشيء القليل جدا حول مسؤولية الدولة تجاه الجندي. وهذا يتجاوز ما هو ملزم تجاه خير الجندي في حالة تعرضه للإصابة أو حينما يتقاعد. بل هو يتجاوز ما هو ملزم للعناية بأفراد أسرته المعتمدين في حياتهم عليه ومساعدتهم. وعلى الدولة واجبات ملزمة أكثر أساسية كي تدرس عدالة وحكمة القضية التي يقاتل من أجلها الجندي». \r\n كان ماكارثي سريع التأثر والانفعال مع قدر من ضيق الأفق، ولم يكن صلبا جدا حتى مع القضايا الأكثر أهمية بالنسبة إليه. كان غاضبا من روبرت كيندي الذي قفز إلى السباق الرئاسي بعد أربعة أيام على انكشاف ضعف الرئيس جونسون حينما احتل ماكارثي الموقع الثاني بعد الرئيس وبفارق قليل في انتخابات هامبشير الأولية. \r\n إلا ان اقوى مؤيدي ماكارثي كانوا يصابون بالدهشة عندما يصرح بأنه حصل في الاقتصاد على درجات أفضل من كيندي، أو أن مؤيديه كانوا أفضل تعليما من معارضيه. \r\n وعندما كان الكثير من مؤيدي ماكارثي ينظرون الى معارضة الحرب كحملة، كان ماكارثي نفسه يبدو قد فقد الاهتمام اثر هزيمته في السباق التمهيدي. لم يكن ماكارثي معارضا للحرب فقط من منطلقات أخلاقية وقانونية وعسكرية وإنما كان يعتقد أيضا أن الحرب كانت سرطانا ينهش هيبة الولاياتالمتحدة. \r\n ساهمت الحرب في جعل المواطن الاميركي العادي يشعر بأنه عاجز سياسيا وان ليس له وجهة نظر في القضايا الكبرى التي تواجه البلاد. فالحرب في نظره كانت تستنزف المال وتصرف الانتباه من القضايا المحلية المهمة، بما في ذلك البرامج التي طرحها جونسون، فضلا عن أنها كانت تمثل دليلا واضحا على ما كان يعتبره ماكارثي «العسكرة المتزايدة» للسياسة الخارجية للولايات المتحدة. \r\n كان ماكارثي يريد أن تصبح الولاياتالمتحدة أفضل مما كانت عليه، وكان يريد أن تواصل البلاد سعيها لاحتلال المكانة العظيمة والمتميزة التي تجسدت في المبادئ التي تأسست عليها. أما فيتنام، فقد كان ينظر إليها ماكارثي كونها عقبة تعرقل سعي الولاياتالمتحدة المستمر في هذا الاتجاه. \r\n وفي كلمة ألقاها في بيركلي في أكتوبر (تشرين الأول) 1967 قبل الإعلان عن نتيه خوض السباق الرئاسي، أوضح ماكارثي السبب وراء أهمية النظر الى الحرب في سياق أكبر من فيتنام. \r\n وقال إن الجدل حول فيتنام كان يدور حول «نوع من التوقعات لسياسة الولاياتالمتحدة الخارجية على مدى ال40 أو ال50 أو ال100 عاما المقبلة، التي اعتقد انه تمت خلالها مناشدتنا لأول مرة لاتخاذ نوع من القرار إزاء ما إذا فهمنا أن دورنا هو استمرار استعراضنا لإثبات أننا يمكن أن نلعب دور شرطي العالم أو ما إذا كان على استعاد لتوجيهه من خلال نفوذ وتأثير أفكارنا». هذا، كما يقول ماكارثي، جوهر جدل اكبر من مسألة فيتنام. \r\n *خدمة «نيويورك تايمز»