\r\n وقد قال أكاديمي هندي في بكين هذا الأسبوع إن الاقتراحات الهندية الأخيرة التي سعت الهند من خلالها لإغراء بكين للدخول معها في شراكات نفطية لم تحظ بأي نجاح يذكر؛ فلم يكن هناك خيار أمام نيودلهي إلا السعي إلى التعاون مع تايوان خصم الصين اللدود. \r\n وكان مداف نالابات أستاذ علم الجغرافيا السياسة بأكاديمية مانيبال للتعليم العالي، قد قال في بكين: \"لقد ظل وزير النفط الهندي يبحث باستماتة عن شراكات مع الشركات الصينية لكن الاهتمام من جانبهم بتشكيل مثل هذه التحالف ضئيلا للغاية\". \r\n وفي محاولة منه لتهدئة معارك المنافسة بين نيودلهي وبكين على شراء مصادر الطاقة قام ماني شانكار أيار، وزير النفط والغاز الطبيعي الهندي، بعقد سلسة من المحادثات مع مسئولي الطاقة وممثلي الأعمال في الصين. وقد تم تحديد موعد آخر للمزيد من المفاوضات في نوفمبر، لكن التصور الذي قدمه أيار للتعاون بين العملاقين الآسيويين في مجال الطاقة قد لاقى رد فعل فاتر من جانب بكين. \r\n وكل من هذين العملاقين الآسيويين في أشد الحاجة إلى سد حاجات نظامي اقتصاديهما الهائلين والمتناميين؛ فهما يتنافسان من أجل ضمان الإمدادات المستقبلية من خلال الاشتراك في شراء حقول جديدة للنفط أو الغاز أو إبرام عقود إمداد كلما ظهرت احتياطات جديدة على الساحة. \r\n وقد أصبحت مزايدة الصين الشرسة وسياساتها النفعية من أجل تأمين امتلاك النفط تشكل عائقا أمام الشركات الهندية الأكثر حذرا. \r\n يقول نالابات: \"لقد خسرنا تقريبا كل المحاولات التي قمنا بها لشراء أصول نفطية خارجية أمام الصين، فنحن لا نمتلك بوصة مربعة واحدة من الأرض تحتوي على نفط في أي مكان في العالم\". \r\n ومن بين مرات الفشل الأخيرة انسحاب الهند من حرب التنافس على شراء أصول شركة نفط كندية تدعى إنكانا كورب في الإكوادور؛ مما أدى إلى فوز اتحاد من الشركات الصينية وهزيمة الهند في السباق على انتزاع ممتلكات شركة النفط الكندية بترو كازاخستان، في جمهورية كازاخستان بوسط آسيا. \r\n ويقول نالابات إن هذه السلسلة من الخسائر في المنافسات ربما تصبح قريبا شيئا من الماضي إذا نجحت نيودلهي في هندسة شراكة مع شركات النفط التايوانية، حيث نشطت نيودلهي في مفاوضات دبلوماسية غير رسمية. \r\n ويضيف: \"إنني أعتبره حلفا لا يمكن هزيمته؛ فاتحاد الرأسمال والإدارة التايوانية مع المهارات الهندية الجغرافية السياسية والنفوذ السياسي يمكن أن يتطور ليؤمن الموارد الحيوية للطاقة\". \r\n ومن المرجح أن يوفر التحالف الصاعد للشركات التايوانية نقطة انطلاق للتكتلات النفطية في أماكن مثل أمريكا اللاتينية وإفريقيا، حيث تستثمر الصين نفوذا اقتصاديا وسياسيا متزايدا. ومن جانبها تتوقع شركات النفط الهندية الاستفادة من الخبرة والمهارة التايوانية. \r\n ويتابع نالابات قائلا إن المفاوضات بين الشركات ظلت جارية لفترة من الوقت، ويُتوقع ظهور صفقة قبل نهاية هذا العام. \r\n وإذا تم توقيع هذه الصفقة فمن المرجح أن تسبب إزعاجا شديدا لبكين، التي ظلت تقوم بتوسيع شراكاتها الاقتصادية مع إفريقيا وأمريكا اللاتينية، على الأقل ليس من أجل الأسباب السياسية؛ فالمنطقتان مجتمعتين بهما 19 دولة من بين الدول ال25 التي لا تزال تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع تايوان. \r\n وقد انفصلت تايوان الديمقراطية عن الصين منذ عام 1949، لكن الحكومة الشيوعية في بكين تعتبر الجزيرة إقليما منشقا ووعدت بتوحيدها مع الوطن الأصلي. \r\n وتحاول تايوان جاهدة منافسة نفوذ الصين المتنامي في دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث قامت تايوان لمدة عقود بتقديم مساعدات اقتصادية للدول في هذه المناطق. وحيثما لم تكف الأموال لتأمين الاحتياطيات النفطية الأجنبية كانت بكين تستخدم الإقناع السياسي، والصفقات السخية من المساعدات التنموية، والإغراء بالتجارة والاستثمار المتزايدين. \r\n وقد ظلت الصين تنافس للحصول على أي نصيب من الاحتياطيات النفطية العالمية من أجل إرضاء المطالب المتزايدة لاقتصادها. وقد استوردت الصين في العام الماضي 2.46 مليون برميل يوميا وهو ما يفسر زيادة بنسبة 40 بالمائة من الطلب الحالي. \r\n وبحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية فإنه بحلول عام 2025 سوف تبلغ صادرات الصين النفطية 9.4 مليون برميل في اليوم من إجمالي 12.8 مليون برميل يتم استهلاكها. وفي نفس الوقت تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يقفز الطلب في الهند إلى 5.3 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2025، سيأتي 80 بالمائة منها من الصادرات. \r\n وتستهلك الصين والهند بالفعل أكثر بكثير مما تستطيع كل منهما أن تنتجه محليا، ومع توسع الإمدادات العالمية بالفعل فإن المنافسة من أجل الوصول إلى المصادر النفطية الدولية ترفع الآن أسعار الاستثمارات في حقول النفط عالميا. \r\n وإصرار الصين على الانفراد في السعي وراء النفط ربما يكون قد تراجع إلى حد ما في أعقاب محاولتها الفاشلة للسيطرة على شركة نفط أمريكية. وكانت الشركة الصينية الوطنية البحرية للنفط، وهي أكبر الشركات الصينية إنتاجا للنفط خارج البلاد، قد اضطرت إلى التخلي عن عرضها هذا الصيف لشراء شركة النفط الأمريكية العملاقة يونوكال بعد ثورة من الانتقادات والمشاعر المعادية للصين من جانب المسئولين الأمريكيين. \r\n وربما يكون المخططون في بكين قد أدركوا أنه في الوقت الذي وصلت فيه الصين والهند متأخرتين إلى لعبة الطاقة في مناطق مستقرة ومنتجة للنفط وأسواق غربية، فإن المؤهلات الديمقراطية للهند تعطي صورة أكثر إغراء من الصين. \r\n وقد أفادت التقارير أن المسئولين الصينيين قد قاموا في مؤتمر النفط العالمي الأسبوع الماضي في جوهانسبرج بدعوة الهند إلى صياغة شراكة إستراتيجية في قطاع النفط. وقد نُقل عن رئيس الوفد الصيني وانج تاو قوله أنه ينبغي على الصين والهند أن تقوما بتوحيد القوى في استكشاف الطاقة ما دام الطلب المتزايد لكل منهما قد دفع بأسعار النفط إلى الزيادة من جديد.