\r\n فأنا تعلّمتُ في المدرسة أن الحدود بين أوروبا وآسيا على مضيق البوسفور، وتمر وسط اسطنبول. ولا شك في أن النفوذ الآسيوي في تركيا يحاكي نفوذ «شمال أفريقيا» في أسبانيا أو إيطاليا. ولكننا، في أوروبا، قررنا منذ أمد بعيد أين نريد أن تكون تركيا موجودة. ففي 1952 دعونا نحن، أي الولاياتالمتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وبلدان أخرى، تركيا الى الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي. وفي 1963 وقعت تركيا اتفاقية تعاون أفضت إلى إنشاء اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي. ولوحت الاتفاقية لتركيا بأمل العضوية في الاتحاد الأوروبي. وفي 1987 تقدمت تركيا بطلبها الى الاتحاد الاوروبي. وفي 1999 أقر لها بصفة بلد مرشح الى عضوية هذا الاتحاد. وفي 2002 قرر المجلس الأوروبي بدء مفاوضات دخول تركيا الاتحاد الاوروبي عند استيفائها المعايير السياسية لهذه العضوية. وصدرت قرارات الاتحاد الأوروبي، في شأن تركيا، عن طبيعة أوروبا التي نحن (الاوروبيين) في صدد إنشائها. واليوم ينبغي علينا الاختيار بين أوروبا متقوقعة على نفسها أو أوروبا منفتحة على العالم. ولا قدرة لنا، فعلاً، على الاختيار. فنحن نعيش في عالم يعج بتحديات عالمية ومنافسة شاملة. ولن تقوى أوروبا جامدة، أو راكدة، على جبه التحديات. فالعزوف عن التوسع يضعف قدرة أوروبا على التنافس مع الأنظمة الاقتصادية الآسيوية الناشئة (...). \r\n \r\n والأمل في العضوية، وفي الحصول عليها، كان سائغاً قوياً على التغيير في إسبانيا والبرتغال واليونان، في سبعينات القرن المنصرم وثمانيناته، وفي أوروبا الشرقية في التسعينات. ويوم بدأ عدد من هؤلاء الأعضاء الجدد المفاوضة مع الاتحاد الاوروبي كان معظمهم بعيداً من استيفاء معايير الاتحاد. ولكن هذه البلدان تغيرت في أثناء عملية الانضمام الى الاتحاد شأنها شأن تركيا التي ستتغير مع استحقاق موعد انضمامها إلى الاتحاد. \r\n \r\n ولم يضعف التوسع استقرار البلدان الأعضاء أو ازدهارها، بل عززهما. ووحد، سلماً، أوروبا بعد أجيال من الانقسام والنزاع، وزاد نفوذ الاتحاد الأوروبي في العالم. \r\n \r\n وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد التركي قد يحقق نسبة نمو تبلغ عشرة في المئة في 2006. وهي نسبة تفوق نسبة نمو اقتصاد أي من الدول الاعضاء. ونصف تجارة تركيا هي مع الاتحاد الأوروبي. فتركيا هي أكبر سوق لصادرات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. وأما الشق السياسي لانضمام تركيا فيفوق نظيره الاقتصادي أهمية. فهو يدل الى أن تنوع الثقافة والدين لا يتعارض مع وحدة الهدف. وخير مثال على ذلك هو وجود تركيا المستقرة والمزدهرة، وهي دولة علمانية ذات أكثرية مسلمة، في الاتحاد الأوروبي. فالأوان آن لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. وأدى الأمل في عضوية الاتحاد الأوروبي في السنوات الثلاث المنصرمة الى عملية تغيير لافتة في تركيا. وانتهجت حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان برنامج إصلاح دقيقاً وشجاعاً تضمن إلغاء عقوبة الإعدام، ووضع تدابير لمكافحة التعذيب. \r\n \r\n ورأى الاتحاد الأوروبي في كانون الأول (ديسمبر) المنصرم أن تركيا استوفت معايير كوبنهاغن السياسية لبدء مرحلة المفاوضات في الثالث من تشرين الاول. ولكن المشكلة التي تعرقل الوصول الى هذه المرحلة هي، جزئياً، مسألة جزيرة قبرص المقسمة. وتجدر الإشارة إلى أن بريطانيا ساندت انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي في 1997، وذهبت الى أن غياب التسوية في قبرص يجب ألا يعوق الانضمام. ومع الأسف لم يكلل توحيد الجزيرة الذي رعته الأممالمتحدة، ودعمه الاتحاد الأوروبي، بالنجاح. وأمامنا كثير من التفاصيل ينبغي انجازها وإتمامها قبل الثالث من تشرين الاول. والارادة الطيبة هي سبيل تحقق ذلك. وينبغي ان يمضي الاتحاد الاوروبي قدماً في تطبيق قراره بدء المفاوضات في إشراف المفوضية الأوروبية الصارم. والقيام بخلاف ذلك يسيء إلى صدقية الاتحاد، ويعرّض التقدم الملحوظ الذي أحرزته تركيا للخطر. \r\n \r\n (وزير خارجية بريطانيا)، انترناشونال هيرالد تربيون،