\r\n من المهم ان ندرك ان الأزمة التي تلوح في الافق مع إيران حول برنامجها النووي تشكل فرصة يمكن اضاعتها بسبب توجس العرب من توجهات وسياسات طهران‚ هناك حقيقة لا بد من قولها بداية وهي ان إيران لم تخرق القانون الدولي أو معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية بقيامها بعملية تخصيب اليورانيوم بالشكل الحالي‚ \r\n \r\n لقد سبق وان قدمت طهران وعودا إضافية بالتزام الشفافية من خلال التوقيع على البرتوكول الاضافي لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في ديسمبر 2003‚ كما ان كاميرات المراقبة موجودة في منشآتها النووية في اصفهان‚ ليس هناك الكثير من الأسباب التي تدفعنا للقلق حول عمليات التحويل غير القانونية لليورانيوم المخصب التي يمكن ان تقوم بها إيران من اجل تحقيق اهداف محظورة‚ \r\n \r\n لأشهر عديدة فشل المسؤولون من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا الذين يجرون مفاوضات مع إيران في الأخذ بصورة جدية المقترحات التفصيلية التي تقدمت بها طهران التي تضمن تقديم ضمانات موضوعية للطبيعة السلمية لبرنامجها النووي‚ \r\n \r\n ففي مارس الماضي تسلم المسؤولون الأوروبيون دون «القبول الرسمي» للمقترح الإيراني الذي يحتوي على نصوص تتعلق بتوسيع رقابة الأممالمتحدة أكثر بكثير مما ينص عليه البرتوكول الاضافي‚ \r\n \r\n من وجهة نظر إيران‚ ليس من المنطقي ان تطلب الدول الأوروبية الثلاث‚ التي تتمتع هي نفسها بالوصول غير المقيد للتكنولوجيا النووية‚ منها التنازل عن حقها الذي تنص عليه معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية بامتلاك دائرة الوقود النووي كون هذا الشيء سيدفعها لأن تعتمد باستمرار على مصادر الوقود النووي الاجنبي المستورد غالي الثمن‚ \r\n \r\n لا يوجد هناك مسؤول إيراني واحد بمن فيهم الرئيس الإيراني الجديد محمود أحمدي نجاد على استعداد لتهديد مستقبله السياسي من خلال قبول مثل هذا الطلب‚ لقد كانت هناك معارضة شعبية لا يستهان بها في إيران للتعليق المؤقت لدائرة الوقود النووي الذي صور في حينه على انه «طوعي» من أجل بناء الثقة بموجب اتفاق باريس الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2004‚ \r\n \r\n لقد كان اتفاق باريس يشكل «اتفاقا مؤقتا» يحمل في طياته التزامات بعيدة المدى وقعت عليه إيران بعد حصولها على تأكيدات من الدول الأوروبية الثلاث باحترام حقوق إيران النووية «دون تمييز»‚ ولكن بعدها بعدة اشهر صعد الأوروبيون من مطالبهم من خلال السعي لالزام إيران بالتعليق الدائم لدائرة الوقود النووي دون ان يحاولوا النظر أو الاخذ بعين الاعتبار إلى التكاليف الباهظة التي ستتحملها إيران إذا ما اقدمت على التخلي عن التكنولوجيا الحالية التي تمتلكها وان تعتمد بدل ذلك على الوقود النووي المستورد غالي الثمن‚ \r\n \r\n ان الوكالة النووية للأمم المتحدة التي أحرزت تقدما ممتازا في ضمان تعاون إيران منذ اكتوبر 2003‚ سيلحق بها الضعف إذا ما خضعت للضغوط الأميركية والأوروبية واقدمت على احالة موضوع إيران إلى مجلس الأمن‚ في اسوأ السيناريوهات المحتملة يمكن لايران ان تخرج من معاهدة انتشار منع الأسلحة النووية وهو شيء يدعو إليه الكثير من المتطرفين في المعسكر المتشدد في طهران‚ \r\n \r\n قضية فرض عقوبات دولية على إيران تبدو بعيدة الاحتمال إلى حد كون إيران ملتزمة بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية اضافة إلى امكانية استخدام روسيا أو الصين حق النقض «الفيتو» ضد أي قرار يعرض على مجلس الأمن‚ \r\n \r\n وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد صرح مؤخرا بأن هذه القضية يمكن ان تتسبب باصابة مجلس الأمن بالشلل‚ ان الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري رقم واحد لايران وسيخسر الكثير من اي عقوبات قد تفرض على طهران وهذا سيفيد بالتأكيد شركاء إيران التجاريين في آسيا‚ \r\n \r\n ان أي جبهة أميركية أوروبية يتم تشكيلها ضد إيران ستتسبب في توتير العلاقات مع العالم الإسلامي وهي علاقات مشدودة اصلا‚ \r\n \r\n وإذا ما اندفع الغرب لاتخاذ عمل عسكري ضد إيران فان هذا يعني دفع إيران للسعي بصورة محمومة لتطوير سلاحها النووي الذي ستعتبره الدرع الذي سيحميها من أي هجوم خارجي‚ \r\n \r\n ان الأزمة التي تلوح في الأفق حول برنامج إيران النووي هي أزمة اختيار وليست أزمة ضرورة‚ ان على الدول الأوروبية ان تسعى للأخذ بسياسة تتسم بالحكمة وبعد النظر من خلال تشجيع إيران على الاستمرار بالتعاون مع الوكالة الذرية‚ في الوقت الذي تعمل فيه مع تلك الوكالة على تطوير وسائل كفيلة توفر رقابة وثيقة للوقود النووي الإيراني لضمان عدم الاستعمال الخاطئ لليورانيوم المخصب بهدف انتاج الأسلحة النووية‚ \r\n \r\n بالإمكان تجنب الأزمة المتصاعدة بشأن برنامج إيران النووي وعلينا ان نتعلم من دروس العراق‚ حيث ارتفعت عقيدة الكثيرين بالتهويل من الحظر النووي العراقي‚ ولكن بعد ذلك تبين ان كل المخاوف بنيت على الأوهام ليس الا‚ \r\n \r\n هناك متسع من الوقت للجوء إلى الدبلوماسية من اجل حل أي أشكال‚ وذلك إذا ما اخذنا ما تقوله وكالات الاستخبارات الأميركية من أنه يوجد هناك أمام إيران عشر سنوات على الأقل لصنع القنبلة النووية‚ \r\n