و قد أسهمت السياسات البريطانية المتساهلة و المتحررة التى لا ترى غضاضة فى توفير المأوى للمنشقين الاسلاميين فى تجمع عدد كبير من المتشددين الاسلاميين بمدينة لندن لدرجة جعلت عددا كبيرا من النقاد والمراقبين يطلقون على المدينة اسم (لندنستان) . وكان (روهان غوناراتنا) قد ذكر فى كتابه الصادر فى عام 2002 و الذى يحمل عنوان (القاعدة من الداخل) أن لندن كانت المركز الروحي لتنظيم القاعدة فى العالم الغربى. \r\n و قد صدرت معظم بيانات أسامة بن لادن انطلاقا من العاصمة البريطانية لندن. و كان عالم الدين المتشدد المعروف باسم (أبو قتادة) الذى يوصف بسفير بن لادن فى أوروبا يقيم فى لندن. و قد عرف عن تنظيم القاعدة امتلاكه لشبكة قوية من المؤيدين له فى أوروبا. و يمكن القول بأن إحدى الخلايا الارهابية التابعة لتنظيم القاعدة فى مدينة هامبورغ الألمانية هى التى نفذت هجمات الحادى عشر من سبتمبر بدعم و تخطيط من خالد شيخ محمد أحد أبرز أعضاء تنظيم القاعدة. \r\n و تحمل التفجيرات الأخيرة عددا كبيرا من السمات المميزة لتنظيم القاعدة مثل تنفيذ هجمات متزامنة تهدف إلى اغتيال أكبر عدد من المدنيين قدر الإمكان. و يبدو أن مركز الهجوم انطلق من أحد الأحياء الاقتصادية الهامة على غرار الهجمات التى استهدفت برجى مركز التجارة العالمي فى مدينة نيويورك. \r\n و قد تسببت التفجيرات الارهابية التى شنها تنظيم القاعدة ، و التى استهدفت محطات القطار فى العاصمة الإسبانية مدريد يوم 11 مارس 2004 فى مقتل 191 شخصاً، و جرح الآلاف من المدنيين الأبرياء. و نفذ الارهابيون هذا الهجوم بوضع المتفجرات و العبوات الناسفة فى القطارات المزدحمة بالركاب وقت الذروة الصباحية. و أكد قادة تنظيم القاعدة على أنهم نفذوا تلك الهجمات بسبب انتشار القوات الإسبانية فى العراق. و أسهمت تفجيرات مدريد فى سقوط حكومة رئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه ماريا أثنار فى الانتخابات التى جرت بعد هذه الهجمات بثلاثة أيام. و بعد فوزه فى الانتخابات ، سحب رئيس الوزراء الإسبانى الحالي لويس ثاباتيرو القوات الإسبانية من العراق فى سابقة شجعت المنظمات الارهابية على شن مزيد من الهجمات. \r\n و فى بيان نشرته على شبكة الانترنت ، وصفت جماعة تنظيم القاعدة هجمات لندن على أنها انتقام ضد الحكومة البريطانية الصليبية بسبب المذابح التى ترتكبها بريطانيا فى العراق و أفغانستان . و حذر البيان الحكومات الصليبية الأخرى بوجه عام ، و حكومتى إيطاليا والدنمارك بوجه خاص من التعرض لهجمات مشابهة إذا لم تسحب قواتها من العراق و أفغانستان. \r\n و على خلاف الحكومة الإسبانية، تبدو الحكومة البريطانية مصممة على إكمال مسيرتها فى العراق على الرغم من مضايقات الجماعات الارهابية. و بسبب إدراكها لهذا الأمر، اختارت الجماعات الارهابية شن هجماتها خلال فترة اإنعقاد قمة الدول الثمانى الكبرى فى اسكتلندا بدلا من شن هذه الهجمات خلال الانتخابات البريطانية الأخيرة. و لا شك فى أن تلك الجماعات ترغب فى إحداث هوة بين الولاياتالمتحدة و بريطانيا من جهة و بين بريطانيا و الدول الأخرى الأعضاء فى قمة الثمانى التى تبدى إلتزاما أقل بمقاومة الارهاب فى العراق و أفغانستان من جهة اخرى. \r\n و قد أثبتت هجمات لندن و مدريد إمتلاك الارهابيين لخلايا مؤثرة فى بعض المدن الأوروبية الرئيسية. و رغم عدم قدرة هذه الخلايا الارهابية على شن هجمات كبرى على غرار هجمات الحادى عشر من سبتمبر داخل المدن الأوروبية الكبرى بسبب تعزيز إجراءات الرقابة و الاستطلاع فى هذه المدن، فان هذه الاجراءات يجب أن يتم تعزيزها بصورة أكبر لمنع حدوث الهجمات الارهابية الصغيرة. و قد أثبتت تجربة مدريد أن الانسحاب و التهدئة قد يؤديان إلى تحقق السلام و لكنهما يقافمان من أحداث العنف. و بات لزاما علينا أن نتعقب المنظمات الارهابية و نحد من نشاط خلاياها فى معظم انحاء العالم. \r\n \r\n جيمس فيليبس \r\n باحث متخصص فى دراسات الشرق الأوسط بمعهد ديفيز للدراسات الدولية التابع لمؤسسة هيريتدج. \r\n خدمة (كيه.آر . تى) خاص بالوطن.