بل يأتي ذلك الخطر من مواطني بريطانيا أقرب حلفائنا. فريتشارد سي. ريد الذي حاول أن يفجر الطائرة الأميركية التي تربط بين باريس وميامي في 2001 بحذاء مفخخ كان بريطانيا. وكذلك كان ساجد بدات الذي أدانته إحدى محاكم لندن قبل أربعة أشهر في لندن لتخطيطه تفجير طائرة تربط ضفتي الأطلسي بواسطة حذاء مفخخ شبيه بذاك الذي استعمله ريتشارد ريد في 2001. \r\n \r\n ولم يكن كذلك أحمد عمر الشيخ الذي خطط لعملية اختطاف مراسل وول ستريت جورنال دانيال بيرل وقتله في 2002 بباكستان إلا بريطانيا من أصول باكستانية. وفي نفس السياق قامت الشرطة البريطانية بإلقاء القبض على 12 شخصا متهمين بالإرهاب أغلبهم يحملون الجنسية البريطانية بما في ذلك عضو القاعدة أبو عيسى الهندي المتهم بالضلوع في التخطيط لهجمات على بريطانيا والولاياتالمتحدة، حيث يتهمه المسؤولون الأمنيون في أميركا بالقيام بدور مراقبة أهداف مالية محتملة في نيويورك وواشنطن في الفترة بين أغسطس 2000 وأبريل 2001. \r\n \r\n وفي خطوة غير مألوفة تورط مواطنون بريطانيون قبل سنتين في تنفيذ عمليات انتحارية خارج الدولة، مما ينذر بأن عمليات مماثلة يمكن أن تنفذ داخل الولاياتالمتحدة. أما خارج أميركا فقد دلف مواطنان بريطانيان من أصول باكستانية في 30 أبريل 2003 إلى أحد أندية موسيقى الجاز المجاور للسفارة الأميركية بإسرائيل ونفذوا عملية هناك. والمزعج في الأمر أنه إذا كانت مثل هذه العملية يمكن أن تحدث في إسرائيل التي تمتلك أقوى التحصينات ضد الإرهاب، فبالتأكيد يمكن أن تحدث في الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n لكن السؤال هو لماذا تفرخ بريطانيا كل هذا العدد من الإرهابيين؟ إن المسلمين في بريطانيا ينتمون في أغلبهم إلى فئة الشباب، كما أنهم يعانون من سوء الاندماج داخل المجتمع البريطاني مما يجعلهم لقمة سائغة للتطرف. وتشير الأرقام في هذا الصدد أن المسلمين يشكلون أصغر الفئات العمرية بين باقي المجموعات الدينية الأخرى في بريطانيا حيث أن ثلثي المسلمين هم أقل من 16 سنة. بالإضافة إلى أن معدل البطالة بين المسلمين يصل إلى 10% وهو يفوق المعدل الوطني للبطالة في بريطانيا الذي لا يتعدى 5%. وترتفع نسبة البطالة تلك إلى 22% بين صفوف الرجال من المسلمين ما بين سن 16 و22 سنة. وبالنظر إلى تلك الأرقام ليس من الغريب أن تُظهر استطلاعات الرأي التي تجرى في أوساط المسلمين البريطانيين إحساساً متنامياً بالاستياء. ويتجلى ذلك الاستياء بشكل واضح عندما يكشف استطلاع للرأي قامت به صحيفة \"الجارديان\" السنة الماضية أن 8 من كل 10 مسلمين يعتقدون أن الحرب على الإرهاب إنما هي حرب على الإسلام. والأدهى من ذلك أن 10% من المسلمين البريطانيين مستعدون، حسب نفس التقرير، لتبرير أي عمليات أخرى قد تقوم بها منظمة القاعدة ضد الولاياتالمتحدة. هذا ولم تخلُ حتى الثقافة الشعبية من التعبير عن استياء المسلمين البريطانيين حيث ظهر السنة الماضية شريط مصور لأغنية تحت اسم \"الكفار القذرون\" جاء في كلماتها ما يلي \"كنجم متلألئ جذبني بن لادن، كمنظر البرجين وهما يستويان أرضا\". \r\n \r\n وعلى صعيد متصل أظهر تقرير صدر عن الحكومة البريطانية في السنة الفائتة أن هناك ما بين 10 آلاف و15ألف مسلم بريطاني يساندون القاعدة أو تنظيمات مشابهة. وترتكز تلك التقديرات على المعلومات الاستخباراتية ونتائج استطلاعات الرأي، بالإضافة إلى تقرير يشير إلى أن 10 آلاف مسلم حضروا مؤتمر في 2003 نظمه حزب التحرير وهو تنظيم تعتبره وزارة الداخلية البريطانية \"منظمة مهيكلة ومتطرفة\". وتعتقد السلطات البريطانية أن ما بين 300 و600 من مواطنيها المسلمين تلقوا تدريبا في معسكرات طالبان بأفغانستان. ونظرا إلى كل تلك الأسباب التي تجعل من بريطانيا مرتعا خصبا للتطرف، وبسبب قوانين اللجوء السياسي المتساهلة نسبيا في بريطانيا ليس غريبا أن يطلق الناشطون العرب المقيمون في بريطانيا على لندن على سبيل التندر \"لندنستان\". \r\n \r\n وإزاء هذا الوضع المقلق في بريطانيا وربما في دول أوروبية أخرى تبرز مشكلة القوانين في الولاياتالمتحدة التي تسمح للمواطنين البريطانيين أن يدخلوا أميركا بواسطة جواز سفر فقط دون الحاجة إلى إجراء لقاء مع المسؤول في السفارة الأميركية. وتنطبق نفس القوانين على عدد آخر من الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا وهولندا وإسبانيا التي لا يحتاج مواطنوها إلى تأشيرات للقدوم إلى الولاياتالمتحدة. غير أنه في الوقت الذي تتمتع فيه تلك الدول بمعاملة تفضيلية حيث عادة لا يتعرض مواطنوها لرفض طلباتهم لدخول أميركا، فإنها مع الأسف لم تنجح كثيرا في إدماج مواطنيها من المسلمين في النسيج العام للمجتمع. ولم يظهر ذلك العجز فقط من خلال العمليات الإرهابية التي ضربت لندن يوم الأربعاء الماضي بل كان ذلك واضحا منذ تفجيرات مدريد في 2004 حيث تبين وجود خلايا إرهابية نائمة لها القدرة والوازع لتنفيذ عمليات إرهابية كبيرة قد تطال حتى الولاياتالمتحدة نفسها. \r\n \r\n ومن المرجح أن يتنامى شعور المسلمين في أوروبا بالاستياء وتزداد النعرات الطائفية مع انكماش سكان أوروبا وتصاعد موجة الهجرة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا. وبالرغم من الإصلاحات التي يمكن إدخالها على قوانين منح التأشيرات، فإن ذلك لن يغير شيئا من واقع الجماعات الإسلامية في بريطانيا وباقي الدول الأوروبية الرئيسية التي باتت تشكل خطرا متزايدا على الولاياتالمتحدة، وستظل كذلك طيلة السنوات المقبلة. \r\n \r\n بيتر برجين \r\n \r\n زميل في مؤسسة \"نيو أميركا\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n