بعد مرور عشر سنوات على انتهاء الحرب تبدو البوسنة كبلد يفتقر للمزاج الاحتفالي لإحياء هذه المناسبة‚ في يوليو 1995 تمكنت القوات الصربية البوسنية بقيادة القائد العسكري الجنرال راتكو ملاديتش والقائد السياسي رادوفان كاراديتش من اقتحام الجيب البوسني الشرقي في سيربرنيتشا الذي سبق ان أعلنته الأممالمتحدة «منطقة آمنة»‚ \r\n \r\n وكانت النتيجة عمليات قتل منتظمة نالت أكثر من سبعة آلاف رجل وصبي بوسني مسلم‚ \r\n \r\n اتفاقية دايتون للسلام وعدت بالعدالة لضحايا المأساة البوسنية لكن لا يزال هذا الوعد غير محقق‚ \r\n \r\n الآن سلوبودان ميلوسوفيتش تجرى محاكمته امام محكمة الجزاء الدولية في لاهاي وهو شيء لم يتوقعه الكثير من المراقبين‚ \r\n \r\n كذلك ابدت صربيا في الآونة الأخيرة موقفا بناء تجاه تلك المحكمة وهو موقف يستحق التشجيع‚ ولكن من المحزن ان أكثر فردين تورطا بصورة مباشرة في عمليات تدمير البوسنة وقتل شعبها لا يزالان طليقين وهما ملاديتش وكراديتش‚ \r\n \r\n وفي الوقت الذي تقع مسؤولية تلك الأحداث المؤسفة على عاتق القيادة البوسنية الصربية وحلفائهم في بلغراد‚ إلا ان المسؤولية تطال أيضا الناتو والأسرة الدولية‚ الجهة التي توفر الأمن بصورة أساسية هي الناتو وعليه التزام اخلاقي بالسعي الجاد لالقاء القبض على هذين المجرمين وضمان عدم فرارهما بجرائمهما دون عقاب‚ \r\n \r\n هذا الالتزام انتقل الآن للاتحاد الأوروبي الذي تسلم المسؤولية من الناتو في ديسمبر الماضي‚ وهو التزام سيبقى قائما ولن يسقط مع مرور الوقت ولن يختفي‚ ولن يكون بوسع الأسرة الدولية ان تبعد نفسها عن الشأن البوسني ما دام بقي هذان المجرمان طليقين‚ \r\n \r\n ان الفشل في اعتقال ملاديتش وكراديتش سيبقى يشكل وصمة عار في جبين الأسرة الدولية‚ اننا نناشد الحكومات التي يهمها مستقبل البوسنة بما فيها الولاياتالمتحدة الأميركية ان تبذل كل ما في وسعها لضمان اعتقال هذين المجرمين المتهمين بإبادة الجنس البشري وتقديمهما للمحاكمة‚ \r\n \r\n اضافة الى ما سبق فانه لن يكون بالإمكان تحقيق الاستقرار والتنمية في هذا البلد ما دام لم يتم القبض على هذين المجرمين‚ ان اعتقالهما سيزيل عقبة كأداء في طريق الاصلاح وعقبة استخدمها البعض كذريعة لعدم فعل أي شيء‚ \r\n \r\n ان هذا العام يشكل أهمية رمزية للعلاقة المتداخلة بين جرائم الحرب‚ والمصالحة في البوسنة‚ ومهما كان السبب وراء فشل الناتو في اعتقال ملاديتش وكراديتش منذ أواخر التسعينيات وحتى الآن‚ فإن المتغيرات الداخلة في المعادلة قد تغيرت على الأرض وفي عاصمة الدولة التي ضمنت اتفاق دايتون للسلام‚ ان النقاش الجاري ضمن الاتحاد الأوروبي بشأن الدستور يجب ألا يبعدنا عن ايجاد استراتيجية متماسكة خاصة بجميع دول البلقان‚ ومما يثلج الصدر ان الاتحاد الأوروبي بدأ يدرك ان عليه التزاما لقيادة جهود الاستقرار والتكامل في البلقان‚ واعتقال ملاديتش وكراديتش سيقدم لنا دليلا ملموسا على ان هذا التوجه هو أكثر من مجرد إعلان للنوايا الطيبة‚ \r\n