ما هذا الكلام؟ إنه يبدو وكأنه خطاب يفيد بوجود «ضوء في آخر النفق وفي اليوم التالي ردد الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش صدى الخلاصات التي خرج بها نائبه، معلناً أن الازدياد المفاجئ في حدة العنف بالعراق دليل على أن التمرد يلفظ أنفاسه الأخيرة. ولم نسمع مثل هذه العبارات المتفائلة منذ 3 يوليو 2003. \r\n \r\n \r\n عندما تحدى بوش أولئك المضللين الذين وجدوا فرصة سانحة لقتل الأميركيين في العراق، قائلاً لهم: «هاتوا ما عندكم!» ومنذ آخر الأنباء السارة في العراق يوم انتخابات 30 يناير، وما تبعها من توقف وجيز في وتيرة الهجمات على الأميركيين العراقيين، قتل أكثر من 700 عراقي في موجة التفجيرات والهجمات الإرهابية التي تزداد تطوراً وفتكاً يوماً بعد يوم. \r\n \r\n \r\n ولقد قتل إلى الآن أكثر من 1600 جندي أميركي في العراق. حصيلة القتلى الأميركيين آخذة بالازدياد فيما يواصل الرئيس بوش حديثه، «الثبات على الدرب» ونائبه تشيني لا يزال يعتقد أن صدام حسين على تعاون وثيق مع بن لادن، وكان على وشك إنتاج سلاح نووي. \r\n \r\n \r\n وكان يستعد لإطلاق سحب السموم الكيماوية والبيولوجية القاتلة على العالم عامة وعلى الأميركيين خاصة. في هذه الأثناء يمضي وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قدماً في أفكاره المتعنتة حول كيفية تغيير بنية القوات المسلحة بحيث تصبح أخف وأسرع وأكثر رشاقة. حتى إن رامسفيلد يحقق نجاحاً فقط في تفكيك الجيش وفرق مشاة البحرية. \r\n \r\n \r\n كما أفاد توم لاسر، مراسل وكالة «نايت ريدر» أخيراً، فإن القادة الأميركيين الميدانيين في العراق يقولون إن عدد جنودنا المنتشرين على الحدود السورية قليل جداً لدرجة سمحت ببقاء المنطقة مفتوحة لعبور المقاتلين الجهاديين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي والذين يأتون للقيام بعمليات يقتلون بها أنفسهم ويحصدون معهم أرواح عراقيين مسلمين مثلهم. \r\n \r\n \r\n وصلنا إلى العراق قبل أكثر من سنتين، ونحن نعلم أن أكثر من مليون طن من القنابل القذائف المدفعية، الألغام الأرضية، الصواريخ المحمولة المضادة للطيران، قذائف الهاون، قاذفات «الأر بي جيه» والبنادق الآلية كانت تقبح في أكثر من 600 مستودع ذخيرة في مختلف أنحاء البلد. \r\n \r\n \r\n لكن بسبب عدد وجود ما يكفي من الجنود الأميركيين على الأرض، فإننا استصلحنا تأمين حوالي 25 بالمئة فقط من هذه المستودعات، في حين يتولى حراسة بعض المستودعات الأخرى جندي عراقي خائف مسلح بمسدس صديء، يقف على البوابة. وعندما تتوقف أمام هذا الحارس شاحنة مليئة بالمقاتلين المجهزين بالأسلحة الثقيلة، ويعرض عليه هؤلاء خيارين لا ثالث لهما إما الحصول على مئة دولار أو الموت. \r\n \r\n \r\n فإنه بلا شك سيأخذ المئة دولار، ويسمح لهم بالدخول لينجو بروحه، وهكذا يقوم هؤلاء بتحميل شاحنتهم بالقنابل الثقيلة والقذائف المدفعية والعبوات الناسفة التي تقتل الجنود الأميركيين والعراقيين اليوم التالي أو الأسبوع التالي.في إطار سعي رامسفيلد وراء ضالته المنشودة المتمثلة في قوات مسلحة أخف وأسرع. \r\n \r\n \r\n ثم توجيه الأوامر لفرق الجيش بترك نصف دباباتها وعرباتها المقاتلة في قواعدها الدائمة في الوطن قبل التوجه إلى العراق. وهكذا أنزل أفراد طواقم الدبابات والمدفعيات من مركباتهم ثم تحويلهم إلى وحدات مشاة خفيفة وأرسلوا على متن مركبات نقل خفيفة من نوع «هامفي» للقيام بدوريات أمنية في أخطر طرق العالم وشوارعه. \r\n \r\n \r\n ولقد دفع هؤلاء الجنود الثمن ولا يزالون يدفعونه يوماً بعد آخر.هؤلاء الجنود اليافعون الذين جاء العديد منهم من فرق الحرس الوطني أو الاحتياط، يحصلون على ستة أو تسعة شهور أو 12 شهراً فقط بين مناوبتهم في العراق، وهذا الحل هو زيادة نطاق قوات الجيش ومشاة البحرية، بحيث يتم توزيع العبء على عدد أكبر من الجنود. \r\n \r\n \r\n لكن رامسفيلد يرفض هذا الحل، حتى وهو يرى بنفسه أن قواتنا بدأت تتصدع، وإن معدل انضمام المجندين الجدد للقوات المسلحة الأميركية انخفض بنسبة 25 بالمئة تحت الحد الأدنى المطلوب. وفي البلدان الأميركية المعروفة بتاريخها العريق في الجيش في ولايات مثل جورجيا وتكساس ونورث كارولينا يقيم الآن ممثلو شركات التوظيف ندوات مطولة حول الفرص المتاحة للضباط الشباب برتبة «كابتن» أو «ميجور» الذين يتركون الخدمة في القوات المسلحة. \r\n \r\n \r\n ويعرض المقاولون الخاصون على ضباط الصف والذين خدموا في القوات الخاصة مرتبات كبيرة بحدود 20 ألف دولار شهرياً مقابل قيامهم بالمهام نفسها التي كانوا يقومون بها في العراق مقابل مرتبات أدنى من ذلك بكثير، ولذلك فإن أفراد العمود الفقري للقوات المسلحة يتركون الخدمة الآن بأعداد كبيرة. \r\n \r\n \r\n ويعرض الجيش على هؤلاء مكافأة إضافية قدرها 196 ألف دولار مقابل تجديد عقودهم مع القوات المسلحة وعدم ترك الخدمة . لقد حان الوقت لإجراء مراجعة معمقة الإمعان في أين نحن الآن في هذه الحرب، وإلى أين نحن ماضون، وكيف يجب أن تكون استراتيجيتنا للخروج من العراق وما الذي يمكن فعله لمنع حدوث كارثة على غرار فيتنام في الشرق الأوسط. \r\n \r\n \r\n والإجابة عن هذه الأسئلة ليست فق «الثبات على الدرب» إذا كان الدرب الذي نسير فيه يمضى بنا إلى الاتجاه الخاطيء. والحل ليس في التفاؤل الزائف الذي يظهره أولئك الذين يذهبون إلى القول بأن ارتفاع وتيرة هجمات المتمردين دليل على أن التمرد يلفظ أنفاسه الأخيرة . \r\n \r\n \r\n أو أن الفتيان العراقيين الأغرار سيتحملون قريباً مسؤولية المهام الأمنية التي يقوم بها الآف الجنود الأميركيون. إن رؤساءهم العسكريين والمدنين يدينون لجنودنا ولنا جميعاً - بأكثر من مجرد التلفيق السياسي. هم، ونحن معهم، نستحق الواقعية والحقيقة. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n