بيد ان ثمة بوادر قليلة تظهر ان ادارة الرئيس جورج بوش ربما تكون قد تعلمت بعض الدروس من تجاهلها القوة الناعمة في فترة حكمها الاولى فكما ذكرت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية في زيارتها الاخيرة لباريس : انني أستخدم كلمة القوة بمعناها الواسع لانه الاهم حتى من القوة العسكرية والاقتصادية هو قوة الافكار وقوة الشفقة وقوة الامل ولم يختر بوش ان يزور بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي فحسب بل انه اعلن ان كل ما نأمل في تحقيقه سويا يتطلب بان تظل اميركا واوروبا شريكين قريبين \r\n هل ستنجح مقاربة بوش الجديدة ؟ بشكل واضح يتعين ان تتوازى الكلمات مع الافعال حتى يقتنع الناس واحد المجالات لالقاء نظرة عما اذا كانت الكلمات في طريقها هو في الميزانية التي ارسلها بوش للكونغرس . \r\n فالميزانية العامة لبوش تخفض الانفاق بشكل حذر ( باستثناء الدفاع والامن الداخلي ) بحوالي 1% وتخفض النفقات في اكثر من 150 برنامجا محليا ومع ذلك وفي هذا الجو من الخفض في الميزانية يطالب بزيادة الاسهامات للمنظمات الدولية ومشروع حساب تحدي الالفية الجديدة لتوفير المساعدة للدول المتعهدة بتحقيق تقدم في الحد من الفقر والمبادرة العالمية لفيروس اتش اي في (الايدز) فهذه استثمارات في القوة الناعمة . \r\n كما تتضمن ميزانية بوش الجديدة زيادة في تمويل الدبلوماسية العامة كما تمت زيادة برامج التبادل التعليمي والثقافي لوزارة الخارجية والتي تتضمن مراكز ابحاث في الخارج ومكتبات وبرامج زيارة بحوالي 25%. \r\n في كلمته في تقديمه طلب الميزانية للكونغرس قال بوش: نادرا ماتبدو الحاجة لجهد دؤوب لتحقيق فهم خارجي لدولتنا ومجتمعنا بهذه الدرجة من الوضوح وياتي هذا بعد فترة الحكم الاولى التي لم تشهد فيها الدبلوماسية العامة اي اهتمام يذكر واشارت لجنة استشارية في وزارة الدفاع الى الصورة السيئة للولايات المتحدة بانها ازمة في الدبلوماسية العامة . \r\n حتى مع هذه الزيادات لايزال هناك طريق طويل للسير فيه في هذا الميدان فقد طالب تقرير حديث غير حزبي لمجلس الدبلوماسية العامة بوكالة جديدة للدبلوماسية العامة داخل وزارة الخارجية وبث اذاعي على مدار الساعة باللغة الانكليزية من جانب اذاعة صوت اميركا وزيادة الميزانية باربعة اضعاف لبرامج الدبلوماسية العامة على مدى السنوات الخمس المقبلة ولايزال لدى الادارة الكثير الذي يجب عمله في الترويج للافكار وان كانت الاشارات الاولية تظهر مجددا تغيرا عن الاهمال الذي اتسمت به في ذلك الادارة في فترة حكمها الاولى. \r\n مع ذلك فان الدبلوماسية العامة لاتكفي فافضل اعلان لايستطيع الترويج لسلوك سيئ فعوامل الجذب للدولة او القوة الناعمة تنبع ليس فقط من ثقافتها وقيمها بل ايضا من سياسات هذه الدولة عندما ينظر اليها على انها شرعية وقائمة على التشاور والاخذ في الاعتبار مصالح الاخرين. \r\n فلن يكون كافيا لبوش ان يبدأ ولايته الثانية بخطاب سياسي عريض عن القيم وزيادة الاستثمار في الدبلوماسية العامة فاذا لم تتواءم السياسات مع القيم فان التناقض سيزيد الاتهام بالنفاق الذي يمكن ان يقوض القوة الناعمة فعند الحد الادنى فان بوش سيحتاج الى انتهاج سياسات تسعى الى تحقيق حل سياسي في العراق وتقدم في عملية السلام الاسرائيلية- الفلسطينية ونمط اكثر تشاورا. \r\n وهنا ايضا تبدو الاشارات مشجعة فالمشاركة بنسبة 60% في الانتخابات العراقية ومشاهد العراقيين وهم يخاطرون بارواحهم من اجل الاقتراع قد عزز الامال بان تسوية سياسية قد تكون ممكنة في النهاية فالانتخابات هي مجرد خطوة اولى فالمقاومة تتواصل وحتى احتمالات الحرب الاهلية قائمة ومع ذلك فان الاشارات الاولى هي ان الانتخابات قد خففت من مشهد عدم الشرعية الذي خيم على سياسة بوش في العراق العام الماضي . \r\n بشكل مشابه وفيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الاوسط فان وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وتولي محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية خلفا له والانتخابات الفلسطينية واللقاءات بين عباس وارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي توحي بامكانية احراز تقدم . \r\n وعلى صعيد القضايا النووية الصعبة للمستقبل مثل تلك التي تطرحها كوريا الشمالية وايران يتبع التشاور والتنسيق مع قوى اخرى . \r\n هذا وان كان هناك قضايا صعبة اخرى باقية مثل المحكمة الجنائية الدولية والتغير المناخي العالمي فثمة احتمالية ضئيلة ان يتخلى بوش عن معارضته لاتفاقية كيوتو وان كان من المهم ان نرى حجم ما ينوي على عمله للتوافق مع جهود رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في جعل التغير المناخي اولوية خلال فترة رئاسة بريطانيا لمجموعة الدول الثمانية الكبرى. \r\n لعله من السابق لاوانه بشكل كبير الحكم على سياسات بوش في ولايته الثانية ومع ذلك فعندما ينظر بوش في كتب التاريخ فسيدرك ان القوة الخشنة وحدها لاتقوي وضعه في نفس الوقت فحتى لو اعطيناه استفادة من الشك وافترضنا انه يخطط لمقاربة اوسع تجسد القوة الناعمة فان الاحداث والحوادث يمكن ان تدفع افضل الخطط بعيدا عن مسارها غير انه اذا استطاع ان ينجح في التوليف بين القوة الخشنة والقوة الناعمة فان اميركا يمكن ان تعود لتصبح قوة ذكية. \r\n \r\n جوزيف ناي \r\n استاذ في جامعة هارفارد وكان عميدا لكلية كنيدي لنظم الحكم حتى العام الماضي ومؤلف عدد من الكتب السياسية كما شغل منصب رئيس مجلس المخابرات القومية ومساعد وزير الدفاع في ادارة بيل كلينتون. \r\n خدمة (غلوبال فيوبوينت ) خاص ب(الوطن)