\r\n فعلى مقربة من العاصمة بكين‚ هناك مبنى عملاق لشركة «Beijing Oriental Ye Yang\" لصناعات الأقمشة والنسيج‚ نحو مليوني ثوب‚ معظمها مصنوع من الصوف والقماش الكشميري‚ \r\n \r\n وعلى أية حال‚ فإن أول ما يلفت الزائر الغريب للصين‚ هو تلك التكنولوجيا الهائلة المستخدمة في صناعات الأقمشة والنسيج فيها‚ كما يلفت النظر أيضاً‚ أولئك الفنيون الذين يرتدون الزي الأبيض‚ الذين يراقبون عملية الإنتاج الحاسوبي للمنسوجات والأقمشة‚ تحت عدسات مجاهرهم الكبيرة‚ والغرض من هذه المراقبة الدقيقة والمستمرة بالطبع‚ هو التأكد من مطابقة المنسوجات والأقمشة المنتجة‚ للمواصفات والمعايير العالمية‚ \r\n \r\n ومع أنه ما من مواطن أميركي واحد‚ يستطيع العيش على الرواتب التي تصرفها هذه الشركات والمصانع الصينية لعمالها‚ إلا أن علينا ألا ننسى أن الصين نفسها‚ تكتظ بالعمالة الرخيصة‚ لكن ما يميز الصين في الوقت ذاته‚ هو جودة منتجاتها ومصداقيتها‚ فضلاً عن انخفاض أسعارها‚ صحيح أن الولاياتالمتحدة قد نشطت وعلى امتداد عدة عقود‚ في تمويل ودعم صناعات المنسوجات والأقمشة في كل من أميركا اللاتينية وإفريقيا‚ إلا أن الحقيقة هي أن دول هاتين القارتين‚ بدأت تخسر أسهمها العالمية في هذه التجارة‚ لصالح الصين مؤخراً‚ ومن جانبهم لاحظ المستهلكون لهذه المنتجات على نطاق العالم بأسره‚ منحنى الانخفاض المستمر للأسعار‚ والحقيقة التي لم تعد خافية وراء ذلك‚ أن الصين ظلت تعمل جنباً إلى جنب مع كبرى شركات تجارة التجزئة العالمية‚ مثل «وال مارت» و«كوستو» وغيرهما‚ وليس ذلك فحسب‚ بل يعلم المستهلكون أن الصين قد دشنت فيما يبدو‚ ثورة مستديمة لانخفاض الأسعار‚ عالمياً في هذه الصناعات‚ ولكن ما لا تزال تفتقر إليه الصين حتى الآن‚ هو قنوات التعامل المباشر مع جمهور المستهلكين‚ ولا يزال عليها‚ بناء قنوات تسويقية‚ تستطيع أن تنافس بها‚ شركات تسويق كبرى‚ مثل «آبيل» و»باربري» وغيرهما‚ ففي مثل هذه القنوات يكمن المال الحقيقي‚ الذي يوجد في التسويق وليس التصنيع‚ \r\n \r\n وبالطبع‚ فإن الصين تعمل جاهدة للحاق بسوق المنافسة العالمية في كل المجالات‚ وليس في صناعة النسيج والأقمشة وحدها‚ ففي ديسمبر من العام الماضي‚ على سبيل المثال‚ توصلت شركة «لونوفو» مقرها في هونغ كونغ إلى اتفاق ستشتري بموجبه قسم الكمبيوتر التابع لشركة «آي‚ بي‚ إم» مما يعني أنها ستضع يدها على عملاق عالمي هائل في مجال تقنية المعلومات‚ وهكذا يمكن القول إن سباق الصين نحو «جنة الرأسمال» وشراء الشركات والماركات العالمية الكبرى‚ قد بدأ بالفعل‚ وعلى رغم أن التأرجح والصعود والانخفاض المالي‚ هما من السمات الأصيلة لكل نظام اقتصادي عالمي‚ إلا أن للصين سماتها الخاصة في هذا الجانب‚ فعلى سبيل المثال‚ نحن نتحدث هنا عن دولة تعرف بأنها شيوعية على المستوى الرسمي‚ ونقصد بهذا كما هو مفهوم‚ سيطرة القطاع العام أو قطاع الدولة على كافة مفاصل الاقتصاد الصيني‚ والذي يحدث هو أن الشركات نفسها‚ والعاملين فيها‚ إنما يجري دمجهما معاً‚ في النظام السياسي الحاكم في هذا البلد‚ \r\n \r\n وبمناسبة الحديث هنا عن السياسة‚ أليس حرياً بنا أن نتساءل عن حرية الصحافة والرأي وحرية الأديان؟ هذه هي الأسئلة التي يفضل معظم الصينيين عدم الخوض فيها‚ لكن وما دامت الصين ظلت تواصل تفوقها العالمي في مجال الإنتاج‚ فهل هذا التساؤل ضروري أصلا؟! \r\n