موعد مباراة الدنمارك وسلوفينيا في أمم أوروبا يورو 2024 والقنوات الناقلة    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراة المقاولون العرب وطلائع الجيش    توافد الآلاف من المواطنين لأداء صلاة عيد الأضحى بمسجد الحسين.. فيديو    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    الرئيس السيسي يشيد بحسن تنظيم السلطات السعودية لمناسك الحج    حماس: نتنياهو يراكم كل يوم العجز والفشل.. والحقائق تؤكد انهيار جيش الاحتلال    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم سيارتين على الطريق السياحي بالفيوم    الأرصاد: درجات الحرارة على محافظات الصعيد أول أيام العيد تصل إلى 48    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    الحجاج يرمون جمرة العقبة الكبرى فى مشعر منى    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    محافظ جنوب سيناء يشارك مواطني مدينة الطور فرحتهم بليلة عيد الأضحى    قوات الاحتلال تمنع مئات الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر    الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: مرضى الربو الأكثر تأثرا بالاحترار العالمي    تمنتها ونالتها.. وفاة سيدة قناوية أثناء أداء فريضة الحج    عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم في السعودية الاحد 16 يونيو 2024    يوم الحشر، زحام شديد على محال بيع اللعب والتسالي بشوارع المنوفية ليلة العيد (صور)    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    باكية.. ريهام سعيد تكشف عن طلبها الغريب من زوجها بعد أزمة عملية تجميل وجهها    حزب الله ينشر مشاهد من عملياته ضد قواعد الاحتلال ومواقعه شمالي فلسطين المحتلة (فيديو)    تعرف على سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    إصابة 9 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    إقبال متوسط على أسواق الأضاحي بأسيوط    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    أنتم عيديتي.. كاظم الساهر يهنئ جمهوره بعيد الأضحى المبارك (فيديو)    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    دعاء النبي في عيد الأضحى مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة كان يرددها الأنبياء في صلاة العيد    الدعم العينى والنقدى: وجهان لعملة واحدة    طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي    قبل صلاة عيد الأضحى، انتشار ألعاب الأطفال والوجوه والطرابيش بشوارع المنصورة (صور)    اتغير بعد واقعة الصفع، عمرو دياب يلبي طلب معجبة طلبت "سيلفي" بحفله في لبنان (فيديو)    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    إقبال وزحام على محال التسالي والحلويات في وقفة عيد الأضحى المبارك (صور)    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    خوفا من اندلاع حرب مع حزب الله.. «أوستن» يدعو «جالانت» لزيارة الولايات المتحدة    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماكفي يردد قصيدة تحير الأميركيين، لماذا بادرت السلطات الاميركية إلى التعجيل بإعد
نشر في التغيير يوم 10 - 03 - 2005

ومن بينهم روديارد كيپلينغ، الذين كانوا يوصفون بأنهم «شباب هِنلي»، يقفون دائماً وأبداً على سطوح السفن المحترقة، وكلٌ منهم سيد مصيره وقبطان روحه. وعلى نحو ينطوي على دلالة واضحة، لم يذكر أحد من المتحدثين اسم هِنلي، لأن أحداً منهم لم يكن يعرف من هو. واعتقد الكثيرون أن هذه القصيدة الشهيرة كانت من نظم ماكفي . وذهبت إحدى النساء المزاجيات إلى وصف هِنلي بأنه «اعرج من القرن التاسع عشر». فأجبتها برسالة شرسة بعثتها بالبريد الألكتروني: إن هِنلي الشاعر المبدع، صاحب الساق الواحدة «يتحدى بعظمته جميع التافهين الذين يمشون بساقين».
\r\n
\r\n
\r\n
من المؤكد أن السكينة الرواقية التي أبداها ماكفي في أيامه الأخيرة، تؤهله لأن يكون بطلاً من طراز أبطال هِنلي. فهو لم يشك من مصيره، وتحمّل المسئولية عما كان يُعتقد أنه قد فعل، ولم يتوسل طلباً للرحمة، كما تستدعي أجهزة الاعلام الاميركي السادية دائماً، وفي هذا الحين، تتراكم عنه تفاصيل متضاربة، فسيفساء تبعث على الحيرة في الواقع.
\r\n
\r\n
\r\n
ويبدو أكثر فاكثر بأنه قد زل إلى الزمن الأميركي الخطأ، وكان يحتاج إلى قضية تملأ حياته تماماً لكي يكتشف نفسه. إلغاء الرق أو المحافظة على الوحدة الأميركية كانا سيكونان أجدر بحياته من الغضب العارم على تجاوزات شرطتنا السرية الفاسدة. ولكنه انغرز في المكان الذي كان فيه. ولذلك أعلن الحرب على حكومة شعر أنها قد أعلنت الحرب على شعبها ذاته.
\r\n
\r\n
\r\n
لحظة شاعرية واحدة في سيمفونية منسقّة من الحقد. خارج السجن، وقفت جماعة من المعادين للقوانين التي تبيح أحكام الإعدام، يتلون الصلوات معاً في التباشير الأولى للفجر، وفجأة ظهر طائر وحط على اليد اليسرى لامرأة واصلت تلاوتها للصلوات. وعندما وقفت أخيراً على قدميها، بقي الطائر في مكانه على ساعدها.
\r\n
\r\n
\r\n
صباح ماكفي الأخير
\r\n
\r\n
\r\n
زودتنا (السي. إن. إن) بنُتفٍ وشذرات عن صباح ماكفي الأخير. وأجاب عن سؤال: لماذا لم يقل على الأقل أنه يأسف لمقتل الأبرياء؟ بقوله: أنه كان يستطيع أن يقول ذلك ولكنه لو قال ذلك لما كان يعني ما قال. كان جندياً في حرب لم يبادر بشنها وكان هذا قبساً من الروح السائدة في شاعرية هنلي. وقد وصفه كاتب سيرته بأنه صادق وصريح إلى حد مفرط.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان ماكفي قد لاحظ أيضاً أن هاري ترومان لم يعرب أبداً عن أسفه لأنه قذف بقنبلتين ذريتين على يابان كانت مهزومة بالفعل، مما أدى إلى قتل حوالي (000,200) شخصٍ، معظمهم من النساء والأطفال الذين تصادف وجودهم. وارتفع نعيق أجهزة الإعلام بأن ذلك قد حدث في حالة حرب. ولكن ماكفي اعتبر نفسه، عن حق أو عن باطل، في حالة حرب أيضاً.
\r\n
\r\n
\r\n
وبالمناسبة فإن التطويب المتشدد لهاري ترومان قد أصبح الآن جانباً مهماً من النظام الاميركي الإمبريالي الذي يسير على طريق النشوء. ويشيع الاعتقاد أن القنابل قد ألقيت إنقاذاً للأرواح الأميركية. وهذا ليس صحيحاً. فالقنابل قد ألقيت لتخويف عدونا الجديد، ستالين. جميع قادتنا العسكريين الكبار في الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك أيزنهاور ونيميتز وحتى كورتيس ليماي، كانوا قد عارضوا استخدام ترومان للقنابل الذرية ضد عدو مهزوم يحاول أن يستسلم.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان صديق يعمل في البث التلفزيوني المباشر هو المرحوم روبرت ألان آرثر قد أنجز فيلماً وثائقياً عن ترومان. وسألته عن رأيه فيه، فقال: «إنه ببساطة يعطيك كل هذه الأجوبة المعلّبة. والمرة الوحيدة التي انتزعت فيها جواباً حياً منه، كان عندما اقترحت عليه أن يخبرني عن قراره بإسقاط القنابل الذرية على الخرائب الفعلية لهيروشيما.
\r\n
\r\n
\r\n
وصوّب نظره إليّ للمرة الأولى، وقال: «حسناً، ولكنني لن أعتذر لهم». من الواضح أننا هنا مع بطل آخر من شاكلة ابطال هِنلي، ولكنه تسبب في وقوع ضحايا عرضيين أكثر بكثير مما سبّبه ماكفي ، هل كان القسيس إم. فيردوكس هو الذي قال: أنه عندما يتعلق الأمر بقياس المسئولية عن جرائم القتل، فإن كل شيء في النهاية يتوقف على الميزان؟!
\r\n
\r\n
بعد مغامراتي في حدائق رافيلّو (كان مقدّم البرنامج من محطة تلفزيون (السي. بي. إس. ) براينت غَمبل على عادته هادئاً متواضعاً مجاملاً ولم يسحب سلك الاتصال)، توجهت إلى مكان اعدام ماكفي عن طريق مانهاتن. وظهرت في عدد من البرامج التلفزيونية التي قطع بثها عندما تلفظت بكلمة (واكو). وكانت مقدمة البرامج في محطة تلفزيون (السي. إن. إن) غريتا کان سَسْتيرن هي الوحيدة التي فهمت المعنى المقصود.
\r\n
\r\n
\r\n
وقالت بإدراك سليم «خطآن لا يمكن ان يؤديا إلى صواب واحد». وقد اتفقت معها تماماً. ولكن بما أنني ضد أحكام الإعدام، فإنني لاحظت أن ثلاثة أخطاء لا يمكن أبداً أن تؤدي إلى تحسين الوضع.
\r\n
\r\n
\r\n
وجاء بعد ذلك تأجيل تنفيذ حكم الإعدام، ورجعت إلى رافيلّو. وكانت أجهزة الإعلام الآن ترمقني بنظراتها. ومرة بعد أخرى كنت أسمع أو أقرأ أنني كنت قد كتبت إلى ماكفي أولاً، مهنئاً إياه، كما يفترض، على قيامه بأعمال القتل، وواصلت الإيضاح بصبر جميل كيف أنه، هو الذي كان قد بادر إلى مراسلتي، بعد أن قرأ ما كتبته في مجلة الفانيتي فير، واستمر يراسلني في فترات متقطعة طوال ثلاث سنوات، وكما حدث بالفعل، فإنني لم أتمكن من الذهاب، لذلك لم يكن بوسعي أن أرى بعيني طائر الفجر الذي حط على ذراع الإمرأة.
\r\n
\r\n
\r\n
كانت الرسالة الأولى تبدي تقديراً لما كتبته، فأجبته برسالة. ويظهر مدى حسي التجاري، من حقيقة عدم احتفاظي بنسخ من رسائلي إليه حتى الرسالة الأخيرة في مايو!.
\r\n
\r\n
\r\n
الرسالة الثانية بعثها من سجنه في كولورادو وهي تحمل تاريخ 28 فبراير 1999. «السيد کيدال، أشكرك على رسالتك. استلمت كتابك (الولايات المتحدة) في الأسبوع الماضي. وقد انتهيت منذ ذلك الحين من قراءة معظم الجزء الثاني (تأملاتك الشعرية). وينبغي أن أقول أن الجوانب الإملائية والنحوية كانت صحيحة تماماً في جميع ما كتبه، بينما من الغريب إن الخط كان متوازناً ومائلاً إلى اليسار، كما لو كان المرء ينظر إليه منعكساً في مرآة. ويستطرد قائلاً: «أعتقد أنك ستستغرب من المدى الذي أتفق فيه مع ما تقوله في المضمون. . .
\r\n
\r\n
\r\n
أما بالنسبة إلى رسالتك، فإنني أدرك تماماً أن «الثورة الشاملة ضد ما أصبحت عليه حكومتنا هي القصة الأكثر إثارة للاهتمام (وأعتقد الاكثر أهمية أيضاً) في تاريخنا في هذا القرن». وهذا هو السبب الذي جعلني أشعر بالإحباط تجاه القصص السابقة، التي تعزو انفجار مدينة أوكلاهوما إلى فعل «انتقامي» بسيط لما حدث في واكو، وهو أيضاً السبب الذي جعلني أشعر بسرور عارم، عند قراءتي لمقالك المنشور في عدد نوفمبر من مجلة (کانيتي فير).
\r\n
\r\n
\r\n
في السنوات الأربع التي مضت منذ الانفجار كان عملك هو الأول من نوعه الذي يستكشف الدوافع الأساسية لمثل هذا الهجوم ضد حكومة الولايات المتحدة ولذلك فإنني أشكرك. واعتقد أن مثل هذه التأملات المعمّقة هي ضرورية وحيوية إذا أراد المرء أن يفهم أحداث نيسان 1995.
\r\n
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من أن لدي ملاحظات عديدة أرغب في إلقائها عليك، فإنني ينبغي أن أُبقي هذه الرسالة بطول عملي، ولذلك فسأذكر مجرد ملاحظة واحدة: إذا كان العملاء الفيدراليون يشبهون «جمهرة من اليعاقبة في حالة حرب» مع المواطنين في هذا البلد، وإذا كانت الوكالات الفيدرالية «تشن الحرب يومياً» ضد هؤلاء المواطنين، أفلا ينبغي أن يُعتبر انفجار مدينة أوكلاهوما نوعاً من «الهجوم المضاد» وليس حرباً شخصية أعلنها فرد واحد؟
\r\n
\r\n
\r\n
ألا يكون الانفجار أكثر شبهاً بضربة هيروشيما منه بضربة پيرل هاربر؟ (أنا واثق من أن اليابانيين قد شعروا بمثل هذه الصدمة والدهشة تجاه ضربة هيروشيما، والواقع، ألم يكن هذا التأثير المتوقع جزءاً لا يتجزأ من الأهداف الإستراتيجية المتوخاة من ذلك القصف بالقنابل؟).
\r\n
\r\n
\r\n
وأعود إلى رسالتك، إنني لم اعتبر عمرك أبداً كعائق إلى أن استلمت رسالتك ولاحظت أنها قد كتبت بآلة طابعة يدوية؟ لا تقلق، فأحدث الدراسات الطبية تخبرنا أن ميل الإيطاليين إلى زيت الكانولا وزيت الزيتون والنبيذ يساعد على إطالة متوسط عمر الإنسان ويساعد في منع الإصابة بأمراض القلب لدى الإيطاليين لذلك فإنك قد اخترت المكان المناسب الذي تتقاعد فيه.
\r\n
\r\n
\r\n
مرة أخرى، أشكرك على رسالتك. وفيما يتعلق بأي قلق حول ماذا أو كيف تكتب إلى شخص «في وضعي»، اعتقد أنك ستجد أن العديدين منا لا يزالون أناساً عاديين بغض النظر عن تصور الجمهور لذلك فلا حاجة إلى اعتبارات خاصة فيما ترغب أن تكتبه كائناً ما كان. إلى المرة المقبلة، إذن ..».
\r\n
\r\n
\r\n
تحت هذا السطر وضع ماكفي بين فارزتين العبارة التالية: «كل إنسان طبيعي لا بد أن يستجيب إلى الإغراء أحياناً بأن يبصق على يديه، ويرفع الراية السوداء، ويبدأ في تقطيع الحناجر». إتش. إل. مِنِكن. اهتم بنفسك».
\r\n
\r\n
\r\n
وقد وضع توقيعه على الرسالة مخربشاً بالأحرف الأولى. ولا حاجة للقول، إن هذه الرسالة لم تتطابق مع أي مفهوم عنه كان لدي من قراءة الصحف الأميركية المسعورة تقودها كما تفعل دائماً «النيويورك تايمز»، بمحاولاتها الخرقاء في التحليلات الفرويدية (مثال ذلك أنه كان زهرة منكسرة لأن والدته تركت والده في عامه السادس عشر والواقع، يبدو أنه قد شعر بالارتياح).
\r\n
\r\n
\r\n
وفي فترة لاحقة، كانت هناك سنة أو ما يقرب منها عندما لم أسمع منه. وانصرف مراسلان من صحيفة في بوفالو (وكان قد ولد ونشأ في منطقة قريبة من بوفالو) يجريان مقابلات معه بغرض إصدار كتاب من تأليفهما بعنوان (إرهابي أميركي). واعتقد أنني كتبت إليه بالفعل لأقول له إن مِنِكن كان في كثير من الأحيان يلجأ إلى استخدام المبالغات السوفييتية وينبغي أن لا يؤخذ حرفياً بدرجة عالية. هل يمكن أن يقال الشيء نفسه عن ماكفي ؟ هناك دائماً الاحتمال المثير للاهتمام استعدوا للمؤامرة الاكبر من جميع المؤامرات بأنه لم يصنع ولم يفجرّ القنبلة خارج بناية المورّاه.
\r\n
\r\n
\r\n
ولم يعمل على نوال الفضل لوحده وبمفرده في رفع الراية السوداء وتقطيع الحناجر، إلا في وقت لاحق، عندما أصبح يواجه إما الموت أو السجن المؤبد. مما أدى إلى موجة من الغضب العارم لدى الميليشيات المنتشرة في أنحاء اميركا، التي تشعر حالياً بحنق شديد، أن ينال ماكفي الفضل منفرداً في عمل كبير، يقول البعض: أن العديدين قد شاركوا في تخطيطه وتنظيمه. وفي النهاية، إذا كان هذا السيناريو صحيحاً، فإن ماكفي والفيدراليين المكروهين معاً سيشتركان في عقلية واحدة.
\r\n
\r\n
\r\n
التعجيل بالاعدام
\r\n
\r\n
\r\n
كما توقع السناتور دانفورث مسبقاً، فإن الحكومة الاميركية قد سارعت إلى إعدام ماكفي بأقرب وقت ممكن (في غضون عشرة أيام من تصريح دانفورث للواشنطن پوست) لكي لا تضطر بهذه السرعة إلى تقديم ذلك الصندوق الذي كان ضائعاً، ويحتوي على وثائق قد توحي أن هناك آخرون متورطون في عملية الانفجار.
\r\n
\r\n
\r\n
ظهرت حقيقة أن ماكفي نفسه كان متلهفاً على ارتكاب ما يسميه «انتحار بمعاونة فيدرالية»، بأنها انعطافة غريبة في قصته مهما حاول امْرُؤٌ أن يجعلها تستقيم، فإنها لا تتماثل بأي شكل أبداً مع مؤامرة القاتل المخبول المنفرد (أوزوالد)، الذي قتله قاتل مخبول ثان (روبي) لأن لديه كما يزعم قصة ينبغي أن يرويها. وعلى خلاف (لي هارفي أوزوالد)، فإن ماكفي على شاكلة أبطال هِنلي، وجد أنه لا يستطيع أن يقاوم الإغراء للقيام بدور المقاتل المنفرد ضد دولة سيئة.
\r\n
\r\n
\r\n
ومع أنه في الرسالة الأولى التي بعثها لي لا يعترف بأي شيء، لسبب واضح يعود إلى استئناف محاميه للحكم الصادر عليه، فإنه يقول في رسالته الاخيرة إليّ بتاريخ 20 ابريل 2001، «مستر کيدال، إذا كنت قد قرأت الكتاب المعنون، (إرهابي أميركي)، فإنك ربما تكون قد أدركت بأنك أصبت كبد الحقيقة بمقالك المعنون (الحرب في داخل الوطن). وتجد طياً مادة إضافية استكمالاً لتلك الرؤية».
\r\n
\r\n
\r\n
ومن بين الوثائق التي أرسلها، كانت هناك وثيقة تتضمن نص حوار أجرته محطة (أي. بي. سي. ) مع طبيبه النفساني. وأجرى الحوار مع الدكتور جون سميث محاور من المحطة التلفزيونية بتاريخ 29 آذار من هذا العام. وكان الدكتور سميث قد عقد جلسة واحدة مع ماكفي ، قبل هذا الموعد بستة أعوام. ويبدو أن ماكفي قد أعفاه من قسمه الطبي بالمحافظة على السرية لكي يستطيع ان يتحدث إلى (مايكل) و(دان هيربك) اللذين قاما بتأليف كتاب (إرهابي أميركي).
\r\n
\r\n
\r\n
المحاور: أنت تقول أن تيموثي ماكفي «لم يكن مخبولاً» وأنه لم يكن يعاني من «أي مرض عقلي خطير». إذن لماذا في رأيك ارتكب مثل هذه الجريمة المريعة؟
\r\n
\r\n
\r\n
الدكتور جون سميث: حسناً، انني لا اعتقد أنه ارتكبها لأنه كان مخبولاً أو أساء تفسير الواقع. . . كان حساساً بإفراط، إلى حد أنه كان يعاني قليلاً من بارانويا الشك والارتياب، تجاه أعمال الحكومة. ولكنه ارتكب الفعلة لسبب يعود معظمه إلى رغبته في الانتقام للمذبحة التي وقعت في واكو. إلا أنه أراد أيضاً أن يعلن بياناً سياسياً عن دور الحكومة الفيدرالية، وأن يعرب عن الاحتجاج على استخدام القوة ضد المواطنين، لذلك أجيب على سؤالك الأصلي بالقول: إنه كان خياراً واعياً من جانبه، ليس لأنه كان مخبولاً، بل لأنه كان جدّياً.
\r\n
\r\n
\r\n
ولاحظ الدكتور سميث بعد ذلك أن ماكفي قد شعر بخيبة الأمل لأن أجهزة الإعلام قد نأت بنفسها عن أي حوار «حول سوءاستخدام الحكومة الفيدرالية للقوة».
\r\n
\r\n
\r\n
وأيضاً «تصريحه لي: إنني لم أتوقع نشوب ثورة، إلا أنه أستطرد يقول لي أنه قد أجرى مناقشات مع بعض رجال الميليشيات، الذين كانوا يعيشون في التلال المحيطة بكينغمان في أريزونا، حول مدى سهولة قطع الشريان البري الرئيس رقم (40) إلى نصفين، بوضع بعض المدافع على التلال هناك، وبذلك التدخل في المواصلات بين الشطرين الشرقي والغربي من الولايات المتحدة مناقشة تعج بالمبالغة الصارخة.
\r\n
\r\n
\r\n
مبالغة نعم، ولكنني أعتقد أنها تتلاءم مع خصائص شخصيات هؤلاء الثوار الذين يحلو لهم أن يصفوا أنفسهم بالوطنيين، وأن يروا أنفسهم بأنهم يشبهون المستوطنين الأميركيين، الذين انفصلوا عن انجلترا. ويقال أن عددهم يتراوح من مليونين إلى ثلاثة ملايين، ومن بينهم حوالي (000,400) من الناشطين في الميليشيات.
\r\n
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من أن ماكفي لم ينضم أبداً إلى أية فئة رسمياً، إلا أنه كان ينتقل بسيارته في جميع أنحاء أميركا، مشاركاً في أعمال ذوي الميول المماثلة والنزعات المتوافقة، من محبي الأسلحة النارية وكارهي الحكومة الفيدرالية. وعلم أيضاً، بحسب ما ورد في كتاب (إرهابي أميركي)، «أن الحكومة تخطط للقيام بهجوم واسع النطاق على مالكي الأسلحة النارية وأعضاء الجماعات الوطنية في ربيع 1995».
\r\n
\r\n
\r\n
وكان هذا هو كل الزناد الذي يحتاجه ماكفي للعمل الذي سيقدم عليه، أن يخلط أوراق اللعب، كما يقال مجازاً. (مذكرات تيرنر) هي حلم عنصري من أحلام اليقظة مؤلفها معلم سابق للفيزياء يكتب باسم مستعار هو اندرو ماكدونالد. وعلى الرغم من أن ماكفي ليست لديه أية مشاعر عدائية تجاه السود واليهود، وجميع الأعداء الآخرين للأمم «الآرية» البيضاء المختلفة، التي تجد تلك الشعارات مكتوبة على دبابات الوطنيين، فإنه مع ذلك يشارك «المذكرات» في هوسها بالأسلحة والمتفجرات والحرب الشاملة ضد «النظام القائم».
\r\n
\r\n
\r\n
وقد قيل الكثير عن حق في وصف ورد في الكتاب لكيفية صنع قنبلة مثل تلك التي استخدمت في مدينة أوكلاهوما. وعندما سُئِل عما إذا كان ماكفي قد اعترف بأنه قد استنسخ هذا الجزء من الرواية، أجاب الدكتور سميث قائلاً: «حسناً، إلى حد ما. أراد تيم أن يكون واضحاً بأنه، على خلاف (مذكرات تيرنر)، ليس عنصرياً. وأوضح ذلك تماماً، أما بالنسبة إلى الكتاب بوصفه مصدراً للتأثير، «إنه لم يكن يريد أن يشاركه أحد في الفضل».
\r\n
\r\n
\r\n
وعندما طلب منه أن يقدم خلاصة للموضوع، أجاب الدكتور الطيب ببساطة، «لقد كنت دائماً أقول لنفسي أنه لو لم تكن هناك مذبحة في واكو، لما كانت هناك قنبلة في مدينة أوكلاهوما».
\r\n
\r\n
\r\n
في النفاق
\r\n
\r\n
\r\n
أرسل لي ماكفي أيضاً موضوعاً كان قد كتبه في 1998 للنشر في القنوات الاعلامية. وكان العنوان الذي وضعه يُقرأ «مقالة في النفاق»:
\r\n
\r\n
\r\n
قالت الإدارة إن العراق ليس من حقه أن يكدس الأسلحة الكيمائية أو البيولوجية، لسبب يعود أساساً إلى كونهم قد استخدموها في الماضي، حسناً، إذا كان هذا هو المقياس الذي تتقرر به هذه المسائل، فإن الولايات المتحدة إذن هي الدولة التي ارتكبت السابقة في هذا المضمار. فالولايات المتحدة هي التي كدست هذه الأسلحة ذاتها (وأكثر منها) طوال فترة تزيد عن أربعين عاماً.
\r\n
\r\n
\r\n
وتدّعي الولايات المتحدة أنها قد فعلت ذلك لأغراض تتعلق بالردع أثناء «الحرب الباردة» مع الاتحاد السوفييتي، لماذا إذن لا يكون من حق العراق أن يستخدم السبب نفسه (الردع) بالنسبة إلى الحرب (الفعلية) التي يخوضها العراق مع جارته إيران التي تواجهه في تهديد مستمر؟.
\r\n
\r\n
\r\n
ومع ذلك، عندما تتحول المناقشة إلى العراق، فإن أي مركز لتصريف الشئون اليومية في بناية حكومية ينقلب فجأة إلى «درع». فكّروا في ذلك. (والواقع، أن هناك فرقاً هنا. فالإدارة قد اعترفت أنها كانت تعلم بوجود أطفال في أو قرب بنايات الحكومة العراقية. ومع ذلك، فإنهم ما زالوا يواصلون خططهم للقصف قائلين انهم لا يمكن أن يُعتبروا مسئولين إذا قتل أطفال، ولكن ليس هناك مثل هذا البرهان بأن معرفة وجود الأطفال كانت متوفرة بالنسبة إلى الانفجار في مدينة أوكلاهوما).
\r\n
\r\n
هكذا ينكر ماكفي أي معرفة مسبقة بوجود أطفال في بناية موراه، على عكس مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي كان يعرف بأن هناك أطفالاً في مجمّع الداوديين، واستطاع أن يقتل (27) منهم. يقتبس ماكفي مرة أخرى من القاضي برانديز: «حكومتنا هي المعلّم القوي القدير الموجود في كل مكان وزمان. وهي تعلّم الشعب كله بالقدوة، في الخير أو الشر».
\r\n
\r\n
\r\n
ماكفي يقف عند هذا الحد. ولكن برانديز يستمر بالكتابة في مخالفته: «الجريمة معدية. إذا أصبحت الحكومة هي التي تخرق القانون، فإنها تولّد الاحتقار للقوانين، وتشجّع كل رجل أن يأخذ القانون بيديه». هكذا استل هذا الجندي النموذجي سيفه البتار السريع الرهيب فمات الأبرياء. ولكن برانديز يواصل الكتابة فيقول أن الحكومة الخارجة عن سيطرة القوانين، «تشجع الفوضى، فالقول أن الغاية تبرر الوسيلة في تطبيق القانون الجنائي القول ان الحكومة يمكنها أن ترتكب الجرائم لكي تضمن إدانة مجرم شخصي سيجلب الويل والوبال».
\r\n
\r\n
\r\n
ويتساءل المرء فيما إذا كانت الأوپوس داي بتعدادها في المحكمة العليا بأكثرية خمسة إلى أربعة قد فكرّت ملياً في هذه الكلمات المختلفة تماماً، دعونا نقول، عن أحد مفكريها الأساسيين، ماكيافيلي، الذي أصر على أن الأمير ينبغي قبل كل شيء أن يجعل رعاياه يخافونه.
\r\n
\r\n
\r\n
وأخيراً، أرسل لي ماكفي ثلاث صفحات من ملاحظات مكتوبة بخط اليد ومؤرخة في 4 ابريل 2001، قبل أسابيع قليلة من أول موعد تحدد لأعدامه. وكانت معنونة (سي. جيه. ) إلى الأحرف الأولى لمن. إنني أوضح هنا لماذا قمت بتفجير بناية موراه الفيدرالية في مدينة أوكلاهوما. إنني أقدّم هذا التوضيح ليس طلباً للشهرة، ولا سعياً للفوز في مجادلة عن الحق والباطل. وإنما لكي يكون السجل واضحاً فيما يتعلق بتفكيري ودوافعي في تفجير مؤسسة حكومية.
\r\n
\r\n
\r\n
لقد اخترت تفجير بناية فيدرالية لأن مثل هذا العمل حقق أغراضاً أكثر مما قد تحققه الخيارات الأخرى. وفي مقدمتها، إن التفجير كان عملاً انتقامياً ورداً مقابلاً: هجوماً مضاداً على الغارات المتراكمة (وما سببّته من عنف وضرر) التي شارك فيها العملاء الفيدراليون طوال السنوات السابقة (بما في ذلك ما حدث في واكو، ولكن ليس حصراً بهذه الواقعة).
\r\n
\r\n
\r\n
وابتداء من تشكيل وحدات مثل وحدات «إنقاذ الرهائن» في مكتب التحقيقات الفيدرالي والتشكيلات الهجومية الأخرى في الوكالات الفيدرالية خلال فترة الثمانينيات، وانتهاءً بحادثة واكو، أخذت الأعمال الفيدرالية تتزايد في طابعها العسكري والعنيف، حتى وصلت في واكو إلى الحد الذي دفعت فيه حكومتنا مثل الصينيين بدباباتها ضد مواطنيها أنفسهم. ومن جميع الجوانب العملية والعملياتية، تحول العملاء الفيدراليون إلى «جنود» (يستخدمون التدريبات التي تقتضيها الحالة العسكري، وتكتيكاتها، وأساليبها، ومعداتها، ولغتها، وألبستها، وتنظيماتها، وعقلياتها) .
\r\n
\r\n
\r\n
وكانوا يقومون بتصعيد سلوكهم من هذه الناحية. ولذلك، كان القصد أيضاً من هذا التفجير أن يكون ضربة وقائية وعملية استباقية وخطوة رادعة، ضد تلك القوى ومراكز القيادة والسيطرة التابعة لها في داخل البناية الفيدرالية. وعندما تشن قوة عدوانية هجمات متواصلة انطلاقاً من قاعدة معينة للعمليات، فإن الاستراتيجية العسكرية الصائبة تقتضي أن يقوم الطرف المتعرض للعدوان بنقل القتال إلى العدو. وبالإضافة إلى ذلك، وباستعارة صفحة من السياسة الخارجية للولايات المتحدة، قررت أن أنقل رسالة إلى حكومة تتزايد عدوانيتها، بتفجير بناية حكومية والموظفين العاملين لديها الموجودين داخل البناية الذين يمثلون تلك الحكومة.
\r\n
\r\n
\r\n
كان تفجير بناية الموراه الفيدرالية شبيهاً تماماً من الناحيتين الأخلاقية والاستراتيجية بقصف الولايات المتحدة لبناية حكومية في صربيا، أو العراق، أو دول أخرى. وانطلاقاً من مراقبتي للسياسات التي تنفذها حكومتي ذاتها، فإنني نظرت إلى هذا العمل بوصفه خياراً مقبولاً. ومن هذا المنظور، فإن ما حدث في مدينة أوكلاهوما لم يكن يختلف في شيء، عما يمطره الأميركيون على رئوس الآخرين طوال الوقت. فإن وضعي العقلي كان حينذاك كما هو الأن.
\r\n
\r\n
\r\n
وضعاً سريرياً موضوعياً متجرداً من المشاعر والعواطف والأحاسيس. (لم يكن تفجير بناية الموراه مسألة شخصية تماماً كما أنها ليست مسألة شخصية عندما يقوم العاملون في القوات الجوية، أو القوات البرية، أو القوات البحرية، أو تشكيلات مشاة البحرية، بتوجيه قنابل أو صواريخ كروز ضد منشآت حكومة «أجنبية» والأشخاص الذين يعملون فيها.
\r\n
\r\n
\r\n
أملي أن يكون هذا التوضيح جواباً كافياً على سؤالك.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.