هذا وقد اقتفت التعليقات والتخمينات الواردة أعلاه، أثر محللي واستراتيجي الرئيس بوش، الذين يقولون إنه طالما أن بوش يتفوق على كيرى انتخابياً من ناحية الأمن القومي والحرب على الإرهاب، فإن في كل مرة ترتعد فيها فرائص الأميركيين حيال ما يجري في العراق، أو مما يلوِّح به تنظيم القاعدة من تهديدات، وتنفيذ المزيد من الضربات والهجمات الإرهابية ضدهم وضد بلادهم، فإن ذلك سيكون بمثابة أداة رافعة لشعبية بوش، ويقدمه تلقائياً على منافسه كيري. بل يواصل الجمهوريون زعمهم تعليقاً على الشريط الأخير، أن أسامة بن لادن إنما قصد بشريطه هذا، أن يكون الفوز في المعركة الانتخابية هذه، من نصيب المرشح الأضعف، جون كيري. \r\n \r\n على عكس من ذلك، تذهب بعض الأجهزة الاستخباراتية للقول إن تنظيم القاعدة، يأمل في بقاء الرئيس الحالي جورج بوش، لكونه أفضل أداة لتنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الإرهابية، لاستقطاب المزيد من المجندين والمقاتلين إلى صفوفها، بسبب غزوه الكارثي للعراق، وبسبب قناعته العميقة بمبدأ \"نحن ضد الآخر\"، وبسبب علو النبرة المسيحية في خطابه السياسي والعسكري، ثم بسبب قناعته ضمن تلك النبرة، بأن الرب هو الذي يوجه ويرسم سياسته الخارجية تجاه العالم الإسلامي، والبلدان الشرق أوسطية. \r\n \r\n وعليه فإن المؤيدين والمتحمسين لحملة بوش الانتخابية، إنما يتبعون منطقهم الدارج العقيم نفسه: لأننا فشلنا في أن نوفر لكم الأمان الذي تنشدون، فإن عليكم أن تعيدوا انتخابنا، حتى تعطونا الفرصة لنجعلكم أكثر أمناً. ولأننا عجزنا عن القبض على أسامة بن لادن خلال السنوات الثلاث الماضية، فإنكم بحاجة لإعطائنا السنوات الأربع المقبلة، كي نتمكن من القبض عليه. ولأننا لن نهتم كثيراً بتأمين المتفجرات والمواد النووية الخطيرة في العراق، فإن في وسعكم الاعتماد علينا، ضماناً لعدم استخدام تلك المواد والمتفجرات ضدكم! \r\n \r\n وربما تستفزك رؤية أسامة بن لادن، وهو بتلك الصحة والعافية التي ظهر بها في الشريط، وما أبداه من عزم ونوايا، بشن المزيد من الكراهية والعنف ضد أميركا، وتثير فيك مشاعر الغضب أكثر من ذي قبل، على إدارة الرئيس بوش، نتيجة انحرافها بالحرب على الإرهاب وتنظيم القاعدة، إلى حرب على العراق وصدام حسين. وإنها لمهزلة ما بعدها مهزلة، أن نكون في كل هذا المأزق الذي نواجهه الآن في العراق، بينما يظل العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، حراً طليقاً، ويتمتع بحق الظهور، بل ومحاضرتنا متى شاء! \r\n \r\n وكان أسامة بن لادن، قد ظهر على شاشة التلفزيون، متباهياً بتدبيره وتخطيطه لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، مباشرة إثر ظهور الرئيس بوش في نيوهامشاير، مع بعض من أسر ضحايا تلك الهجمات، وهو يواسيهم ويطمئنهم بقوله: يعلم أسامة بن لادن اليوم، أننا نتعقبه ونقتفي أثره، وأنه لن يفلت من بين أيدينا. ربما كان أسامة بن لادن لم يسمع ذلك التهديد الذي أطلقه بوش، أو ربما آن لبوش أن يكف عن ملاحقة إبن لادن، ويسير وراء ذيله بدلا من تهديده! على العموم، إنه لموقف كاريكاتيري ساخر، ومثير للحزن حقاً. وعلى الرغم من ظهور ابن لادن الأخير، واصل بوش حملته الكلامية الجوفاء الخاوية، قائلا إننا لن نكون بحاجة إلى محاربة الإرهابيين هنا في تراب بلادنا، إن نحن خضنا الحرب ضدهم هناك في معاقلهم وساحات تواجدهم. ويلاحظ أن الرئيس قد تفادى ذكر اسم أسامة بن لادن، في إطار الاتجاه العام المنسق، الرامي لاستصغاره والتقليل من شأنه، وتحويله إلى نكرة، ضمن نكرات المقاتلين والمتمردين الإرهابيين في العراق. \r\n \r\n أما ردة فعل وزارة الدفاع حيال ما تكشف من أمر المواد والمتفجرات المسروقة من أحد المواقع العراقية، فقد كانت شبيهة هي الأخرى، بالمواقف الدارجة والمألوفة للإدارة الحالية. ومع العلم بأن المسروقات تشمل جرثوميات وذخائر، ومواد أخرى في غاية الخطورة، وأنها سرقت على ظهور الحمير وسيارات الشحن الخفيفة، بسبب عدم كفاية قواتنا في العراق لتوفير ما يلزم من أمن هناك، إلا أن مسؤولي الرئيس بوش، سخروا الجزء الأعظم من الموارد لإخفاء الحقيقة، أملا منهم في حماية الرئيس. وضمن ذلك وفي إطاره، واصل الجمهوريون حملتهم الإعلامية التي تروج لنظرية مؤامرة ضد الرئيس بوش، تقودها أطراف دولية تابعة للأمم المتحدة –من بينها محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علماً بأن الهدف هو فوز المرشح الديمقراطي جون كيري على حساب مرشحهم جورج بوش. \r\n \r\n وبينما يتظاهر البيت الأبيض بجديته إزاء إصدار قانون جديد، يقضي بإصلاح وإعادة تنظيم الأجهزة الاستخباراتية قبل موعد الانتخابات، إلا أنه لم يمارس أية ضغوط تذكر، على الأعضاء الجمهوريين في الكونجرس، بغية التوصل إلى اتفاق فيما بينهم لإصدار ذلك القانون. وهكذا تذهب جهود وتوصيات لجنة التحقيقات حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر، هباءً، وتظل بلادنا عرضة لهجمة إرهابية جديدة، ربما تكون أكثر عنفاً ودموية، متى استمر بوش ونائبه ديك تشيني، في تصريف شؤون البيت الأبيض، وتأمين بلادنا ضد الخطر الإرهابي. وخلافاً لترهيب تشيني للناخبين، وقوله إن أميركا ربما تتعرض لخطر إرهابي أشد وطأة، ربما تستخدم فيه الأسلحة النووية، في حال فوز كيري، فإن الخطر كل الخطر، يكمن في فوز بوش. \r\n \r\n \r\n مورين داود \r\n \r\n كاتبة ومحللة سياسية أميركية \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\"