ورغم الحديث عن اجماع الحزب على سونيا، لم يتأكد بعد ما ان كانت ستتولى رئاسة الحكومة المرتقبة. فالواقع يقول ان بعض حلفاء المؤتمر أثاروا تساؤلات ازاء إمكانية تولي سيدة من اصل أجنبي رئاسة الحكومة في بلد يزيد عدد سكانه عن مليار نسمة. ويرى مراقبون ان النتائج المفاجئة للانتخابات تمثل عودة غير متوقعة للحزب الذي حكم الهند قرابة 45 عاما من جملة سنوات استقلالها ال57، اذ تعرض خلال السنوات الاخيرة لنكسات جعلت كثيرين يعتقدون انه اصبح مجرد اثر تاريخي. وجاءت نتيجة الانتخابات الاخيرة مخيبة لآمال حزب بهارايا جاناتا الهندوسي الذي كان من المتوقع عودته الى الحكم بفضل شعبية زعيمه أتال بيهاري فاجبايي، 79 عاما. وكان الحزب قد دعا لإجراء انتخابات مبكرة معتمدا على الطفرة الاقتصادية في الهند ومبادرة فاجبايي لتحقيق السلام مع الجارة باكستان. إلا انه حصل على عدد مقاعد اقل من تلك التي حصل عليها في انتخابات عام 1999، وبذلك فقد فاجبايي فرصة ان يكون اول رئيس للوزراء من خارج حزب المؤتمر ليكمل فترة خمسة سنوات في رئاسة الوزراء. وعلى الرغم من ان ظهور نتائج توجهات البلاد بعد فوز حزب المؤتمر بنتيجة الانتخابات الاخيرة سيستغرق بعض الوقت، فقد اعرب بعض قادة قطاع اعرب عن قلق واضح ازاء احتمال إبطاء الاصلاحات الاقتصادية، علما بأن حزب المؤتمر هو الذي ادخل هذه الاصلاحات عام 1991 عندما كان مانموهان سينغ وزيرا للمالية. وثمة قلق ايضا ازاء مصير السلام مع باكستان بعد ان بات التقدم الذي احرز في هذا الاتجاه اثر بناء الثقة خلال الشهور الاخيرة بين فاجبايي والرئيس الباكستاني برويز مشرف ومساعديهما. ويعتقد مراقبون ان انتهاء فترة حكم بهاراتيا ربما يؤدي الى تغيرات اخرى من ضمنها احتمال انتهاج سياسات اقل محافظة من الناحية الثقافية ازاء ازمة مرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز) في البلاد، فضلا عن احتمال انتهاء المساعي الرامية الى إدخال مواضيع هندوسية قومية في المناهج الدراسية. وكان حزب فاجبايي قد اعتمد حملة انتخابية على نمط حملة انتخابات الرئاسة الاميركية. إلا انها باءت بالفشل في نهاية الامر بسبب واقع النظام البرلماني الهندي اذ يحجم الناخبون الهنود عن التصويت للنواب الذين يشعرون انهم لم يوفوا بالوعود التي قطعوها. فقد رفض الكثير من الناخبين الهنود في المناطق الريفية فكرة «الهند الساطعة» التي روجت لها حكومة فاجبايي في إطار حملة علاقات عامة مكلفة. ويلاحظ ان الاستياء كان واضحا وسط مجموعات العمال الذين احتشدوا في شوارع نيودلي لمتابعة نتائج الانتخابات. فقد عبر كثير من هؤلاء عن غضبهم ازاء الاصلاحات الاقتصادية التي لم تكن في نظر البعض سوى «بيع لمؤسسات القطاع العام وانعدام الوظائف الحكومية وارتفاع في الاسعار». ويعتقد سوالي راج، الذي يعمل موظفا مصرفيا، ان ضغوط البنك الدولي على الحكومة الهندية في إطار هذه الاصلاحات يتحول الى ضغط على المواطن العادي. وعلى العكس من الولاياتالمتحدة، حيث غالبية الناخبين من الطبقة الميسورة الحال، فإن الفقراء هم الاكثر حرصا على الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الهندية. وهذا يعني ان الاقل اهتماما بالتصويت هم الذين ينتمون الى الطبقة الوسطى والعليا في المناطق الحضرية والمستفيدون بصورة عامة من العولمة والاصلاحات الاقتصادية. ويبدو ان حزب بهاراتيا قد عانى من ارتباطه بالتيار القومي الهندي الذي ساعد على صعوده. فقد قاوم المسلمون، الذين تعرضوا لحملات معادية في اقليم غوجارات عام 2002، محاولات استمالتهم من جانب الحزب الهندوسي. كما اتخذ نفس الموقف اولئك الذين ابدوا قلقهم ازاء إضعاف الهوية العلمانية للبلاد. لندن: «الشرق الأوسط» نيودلهي: إيمي وولدمان* والوكالات \r\n خدمة « نيويورك تايمز»