4660 جنيها للجرام عيار 21.. تعرف على سعر الذهب اليوم الجمعة    البورصة المصرية تحقق مكاسب بقيمة 27.4 مليار جنيه خلال أسبوع    مصر والسعودية.. من وحدة المصير إلى تكامل الرؤى    على نوفل وهانى ياسر ثنائي جديد فى الزمالك بأوامر فيريرا    الهلال الأحمر: توجه فرق الاستجابة لموقع انهيار عقارى شبرا ومصر القديمة    U Arena يستعد لاستقبال صوت مصر النجمة أنغام بأولى حفلات مهرجان العلمين.. فيديو    عصام كاريكا يطرح برومو أغنيته الجديدة "تيجى نفارق وإحنا حبايب"    تعرف على فريق عمل مسلسل ولد وبنت وشايب.. علاء عرفة أحدث المنضمين    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    دي مارزيو: إنزاجي يطالب الهلال بالتعاقد مع إيزاك    تضم 7 مرشحين.. القائمة النهائية لمرشحي الفردي لمجلس الشيوخ بالفيوم    درجة الحرارة تصل ل 45.. الأرصاد الجوية تحذر من طقس الأسبوع حتى الخميس    موعد نتيجة الثانوية العامة 2025    «حماس»: إسرائيل فشلت في تحرير أسراها بالقوة ولا خيار أمامها سوى صفقة بشروطنا    المبعوث الأممي إلى سوريا يدعو لوقف الانتهاكات الإسرائيلية فورا    حزب العدل يطلق فعالياته الجماهيرية في 11 محافظة مع بدء الدعاية الانتخابية الرسمية    خبر في الجول - إبراهيم عادل يجتاز الكشف الطبي مع الجزيرة الإماراتي    درعك الواقي من ارتفاع الحرارة والرطوبة.. 6 أطواق نجاة و4 نصائح ذهبية و5 وصايا للإفلات من ضربة الشمس.. أحمد حسن : البقاء فى أماكن مكيفة وتناول السوائل.. منى إبراهيم: تأكد من تهوية المنزل جيدًا    ضبط المتهم بإدارة كيان تعليمي للنصب على المواطنين بالقاهرة    السفير اليابانى يؤكد عمق العلاقات مع مصر ويثمن جهودها لوقف الحرب على غزة    تقرير: نجم مانشستر سيتي على أعتاب الرحيل    «النواب» يقر خطة ترامب لخفض تمويل المساعدات الخارجية ب 9 مليارات دولار    نسرين طافش بالحجاب في المسجد النبوي    منها «الغيرة يعني حب».. 7 خرافات عن الحب والعلاقات يجب أن تعرفها    الشاطر يتصدر شباك التذاكر السينمائي بعد طرحه بدور العرض بأيام    براتب 10000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 90 وظيفة في مجال المطاعم    جامعة بنها الأهلية وكلية هيرتي الألمانية تبحثان التعاون الأكاديمي (تفاصيل)    حزب مصر أكتوبر: العلاقات "المصرية السعودية" تستند إلى تاريخ طويل من المصير المشترك    التفاصيل الكاملة لأزمة «الوفد في القرآن».. و«كريمة» يطالب بمحاكمة عبدالسند يمامة    ننشر أسماء 7 مترشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن محافظة شمال سيناء    لموظفي العام والخاص.. موعد إجازة ثورة 23 يوليو والمولد النبوي    مصرع عامل في حريق اندلع داخل 3 مطاعم بمدينة الخصوص    فتح طريق الأوتوستراد بعد انتهاء أعمال الإصلاح وعودة المرور لطبيعته    وسط أجواء احتفالية وإقبال كبير.. انطلاق الموسم الخامس من مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    فيلم "ريستارت" يحافظ على المركز الرابع في شباك التذاكر    جهاز تنمية المشروعات ينفذ خطة طموحة لتطوير الخدمات التدريبية للعملاء والموظفين    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفر الشيخ يفتتحون المرحلة الأولى من تطوير مسجد إبراهيم الدسوقي    حوار| سامية الطرابلسي: أم كلثوم وعبد الحليم وأسمهان رموز يجب الاحتفاء بها    زلزال بقوة 4 درجات يضرب مدينة نابولي    بعد تصريحه «الوفد مذكور في القرآن».. عبدالسند يمامة: ما قصدته اللفظ وليس الحزب    دراسة تربط بين نظافة الفم وخطر الإصابة بالسرطان.. نصائح للوقاية    المشاط تعقد اجتماعًا موسعًا مع منظمات الأمم المتحدة و التمويل الدولية لبحث تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    وزير الخارجية يواصل اتصالاته لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وتفعيل المسار الدبلوماسي    مجلس الوزراء: إعلانات طرح وحدات سكنية بالإيجار التمليكي مزيفة ووهمية    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    عاشور وناجي في القائمة النهائي لحكام أمم إفريقيا للمحليين    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    الكشف المجاني على 480 مواطنا بقافلة قريتي الروضة ببئر العبد والميدان بالعريش    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    مانديلا العرب ينال حريته.. فرنسا تفرج عن جورج عبد الله.. اعرف قصته    «أمن المنافذ» يضبط قضيتي تهريب ويحرر 2460 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    مواعيد وديات الزمالك في معسكر العاصمة الادارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن اعتماد وحدة السكتة الدماغية كمركز دولي من "WSO" العالمية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    نجم الزمالك السابق يشيد ب عبد الحميد معالي صفقة الأبيض المحتملة    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انعدام المساواة ليست قدراً
نشر في التغيير يوم 01 - 07 - 2014

على مدى ثلث القرن الأخير، شهدت الولايات المتحدة عملية بطئية، لكنها حثيثة، لتفسخ مكاسب النمو المعمم والشامل الذي أعقب الحرب العالمية الثانية إلى درجة أنه عندما ضرب الركود الاقتصادي الكبير في 2007 لم يعد أحد قادراً على تجاهل الشروخ العميقة التي باتت ترخي بظلالها الثقيلة على المشهد الاقتصادي الأميركي، فكيف وصلت الحال «بهذه المدينة الرابضة فوق تلة»، كما تحب أميركا أن تصور تميزها ورسالتها المتفردة، إلى هذا الدرك الأسفل من الفوارق الصارخة وانعدام المساواة؟ الحقيقة أن جزءاً من هذا النقاش حول اللامساواة أطلقه كتاب الاقتصادي الفرنسي، توماس بكيتي، بعنوان «الرأسمال في القرن الحادي والعشرين»، الذي استقر على فكرة مثيرة للجدل تقول، إن هذا التطرف الكبير في فوارق الثروة والدخل هو جزء أصيل من النظام الرأسمالي نفسه، بحيث يُنظر إلى الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، وشهدت نوعاً من النمو المتوازن، على أنها الاستثناء الذي لا يفسر القاعدة.
والحال أن هذه القراءة ليس ما رمى إليه الكتاب الذي يوفر سياقاً مؤسساتياً لفهم الفوارق الآخذة في التجذر، لكن مع الأسف لم يحظ هذا الجزء من الكتاب، الذي يبحث عن الأسباب الحقيقية وراء الفوارق وانعدام المساواة، بالقدر نفسه من الاهتمام الذي حظيت به القراءة الحتمية التي جعلت الرأسمالية والفوارق وجهين لعملة واحدة، كما لا تعدم الرأسمالية نماذج تكذب فكرة حتمية توجهها نحو الفوارق، ذلك أن الرأسمالية الإمبريالية للقرن التاسع عشر ليست هي الرأسمالية الديمقراطية التي يفترض أن تكون حالياً.
والأكثر من ذلك أن نسختنا الراهنة من الرأسمالية ليست سوى طبعة مزيفة تناقض أهم المبادئ الأساسية التي يقوم عليه نظام السوق، ولا أدل على ذلك من طريقة تعاملنا مع الأزمة الاقتصادية الأخيرة، حيث عممنا الخسائر على الجميع، فيما خصصنا المكاسب والأرباح، ومع أن المنافسة التي هي إحدى الركائز المبدئية للرأسمالية تقتضي نظرياً خفض الأرباح إلى الصفر، إلا أننا ومن خلال الشركات الاحتكارية الكبرى التي تراكم الأرباح قلبنا القاعدة، هذا ناهيك عن تعويضات مديري تلك الشركات التي تتجاوز في متوسطها دخل العامل العادي بحوالي 295 مرة، وهو المعدل الذي يتخطى بكثير ما كان عليه في السابق دون وجود رابط بالضرورة بين تلك التعويضات الخيالية وارتفاع المردودية.
وإذا كانت لا علاقة واضحة بين الهوة الكبرى في أميركا وقوانين الاقتصاد المعروفة والراسخة، فما الذي يفسر الفوارق الهائلة في الدخل وانعدام المساواة؟ الجواب المباشر والأكيد هو السياسات المتبعة وأسلوب ممارسة السياسة في واشنطن، فرغم الملل الذي يصيب البعض من تكرار الإشارة إلى نماذج أوروبا الاسكندنافية والنجاحات التي حققتها دولها، إلا أنه لا بد من الوقوف عندها، فتلك المنطقة حققت نمواً في الدخل الفردي يفوق ما أنجزته الولايات المتحدة، كما استطاعات ردم الهوة بين شرائح المجتمع في نوع فريد وناجح من إقرار المساواة والعدالة الاجتماعية.
فلماذا فشلت أميركا إذن في اتباع سياسات تشجع على المساواة؟
جزء من الجواب أنه وكما غيب النسيان فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فكذلك غيب أحد أهم خصائصها المتمثلة في التضامن، فما أن انتصرت أميركا في الحرب الباردة حتى خيل لها أنه لم يعد هناك من منافس على الساحة الدولية يزاحمها الريادة الأيديولوجية، وما عادت هناك بالتالي من حاجة لصياغة نموذج اقتصادي قائم على التضامن يرد على فكرة المساواة التي روج لها النظام الشيوعي.
ويبدو أن الأيديولوجية والمصالح تضافرتا للوصول إلى الخلاصات الخطأ بعدما اعتبر البعض أن مزيداً من التدخل الحكومي في الاتحاد السوفييتي يعني بالضرورة تدخلاً منعدماً في الولايات المتحدة، فضغطت الشركات والمصالح المتحالفة معها للتخلص من القيود واللوائح التنظيمية، حتى لو كانت هذه الأخيرة ضرورية لحماية البيئة والدفاع عن صحة المستهلك وعافيته، بل وسلامة الاقتصاد نفسه. لكن سيتبين لاحقاً أن أيديولوجية عدم تدخل الدولة في الاقتصاد زائفة ومنافقة وبأنها تغطي المصالح ولا علاقة لها بمبادئ الرأسمالية، ذلك أن المصرفيين الذين هم من أشد المنافحين عن اقتصاد السوق، كانوا أول من رغب في الاستفادة من مئات المليارات من الدولارات التي خصصتها الحكومة لإنقاذ الاقتصاد من وعكته، وهو أمر لا يقتصر على الركود الأخير، بل كان أحد الملامح الأساسية لهذه النسخة من الرأسمالية منذ فترة ريجان وتاتشر.
ولأن النظام السياسي الأميركي مرتبط بالمصالح الاقتصادية، فإن المال غالباً من يقرر السياسات، وتتحول الفوارق الاقتصادية إلى فوراق أخرى على المستوى السياسي، فيما هذه الأخيرة تقود بدورها إلى انعدام المساواة الاقتصادية، وهكذا دواليك في حلقة مفرغة، وكما يوضح ذلك «توماس بكيتي» في كتابه يسعى أصحاب الثورات الطائلة إلى الحفاظ على عوائد مرتفعة مقارنة بنسبة النمو الاقتصادي حتى بعد دفع الضرائب، وهم يقومون بذلك من خلال صياغة قواعد اللعبة التي تصب في مصلحتهم عن طريق التحكم السياسي.
وهكذا ينتهي بنا الوضع في إطار نظام لرعاية الشركات في وقت تخفض فيه الدولة رعايتها للفقراء، حيث يصر الكونجرس الأميركي مثلاً على إبقاء دعمه الموجه لكبار المزارعين، فيما تخفض المساعدات الغذائية للمحتاجين، وفي حين يقلص الدعم المخصص للبرامج الصحية تغدق الدولة مئات المليارات من الدولارات على شركات الأدوية.
أما البنوك التي تسببت في الأزمة المالية، فقد واصلت استفادتها من أموال الدولة، رغم استمرار تضيق على أصحاب الرهن العقاري الذين تحولوا إلى ضحايا الممارسات الابتزازية للبنوك والمصارف. وبالطبع فإن من يدفع ثمن هذا الشطط في السياسات المنحازة للشركات هي الديمقراطية والمجتمع، فالمحك الحقيقي للاقتصاد ليس في قدرة الطبقات المحظوظة على مراكمة المزيد من الثروة، ثم نقلها إلى الجنات الضريبية، بل في استجابته للمواطن العادي، لا سيما في بلد مثل أميركا يفاخر بأنه مجتمع الطبقة الوسطى، ولعله من القصص المؤلمة الدالة على جسامة الفوارق إحباط الشباب بسبب عجزه الانتساب إلى الطبقة الوسطى الآخذة في الانكماش.
وأخيراً لا يمكن طرح إشكالية اللامساواة على أنها مسألة اقتصادية تقنية، بل هي مشكلة سياسية تتمثل في ضمان أن يدفع من هو في أعلى قمة الهرم حصتهم العادلة من الضرائب، وإنهاء الامتيازات الخاصة التي يستفيد منها المضاربون، والشركات، وليس لأننا ضد الجشع يعني أننا ندعو إلى الحقد الطبقي. فالمساواة لا تقتصر فقط على توزيع عادل للدخل من خلال نسبة محددة للضرائب المفروضة على الأغنياء، إنما هي بالأساس إتاحة الغذاء للأطفال، وإقرار الحق في الولوج إلى مؤسسات العدالة، كما أنه إنفاق أكثر على التعليم والصحة والبنية التحتية ما دام ذلك في النهاية سيصب في مصلحة الاقتصاد سواء اليوم أو غداً.
نوع المقال:
مقالات أقتصادية
الولايات المتحدة الامريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.