عندما اصطف اللاعب البرازيلي نيمار مع فريقه لمواجهة المكسيك قبل نحو أسبوعين في واحدة من أولى مباريات كأس العالم، علم أن عبئاً ثقيلاً ملقىً على عاتقه القوي؛ ذلك أن توقعات الدولة المضيفة كبيرة، وتعول بشكل كبير على نجمها الساحر. ولكن يبدو أن البرازيل قد أسرفت في توقعاتها، إذ لم يظهر أداء النجم البرازيلي، الذي أجهش بالبكاء عندما رددت الجماهير النشيد الوطني، مستواه الذي انتظره المشجعون بشكل كبير. وثمة غرابة تكسو الأناشيد الوطنية؛ فالترانيم والألحان ما فتئت تبدو قديمة وغير ملائمة للحدث، كنوع من الموسيقى التي يكاد لا يرغب أحد حقيقة في الاستماع إليها في وقت معين. لكنها تحمل قدراً كبيراً من الأهمية، خصوصاً أن كأس العالم الذي يعتبر ساحة فريدة للمنافسات الوطنية، يعرض كافة هذه الأناشيد. ونشاهد اللاعبين يجهشون بالبكاء وينحبون، ونستغرق في التفكير عندما يظهر وجه أحد اللاعبين متحجراً وصامتاً. وفي منافسة العام الجاري، ردد مشجعو بعض الدول الأناشيد الوطنية بشكل مثير وبصوت بديع. وواصل كثير منهم خصوصاً مشجعي دول أميركا الجنوبية الغناء بعد الثواني التسعين التي خصصها الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» لعزف النشيد، وترددت أصداء صيحات الكولومبيين ب «المجد الأبدي» والتشيليين ب «مقبرة الأحرار» في أرجاء المدرجات. بيد أن الأناشيد الوطنية في كأس العالم والمباريات الدولية كثيراً ما تعكس أوضاعاً صعبة، ففي أوروبا على وجه الخصوص، يوبخ السياسيون الشعبويون والمنتمون إلى جناح «اليمين» دائماً لاعبين معينين بسبب عدم ترديدهم النشيد الوطني. ويمكن أن يرمز رفض الغناء بالنسبة لهؤلاء المتربصين إلى كل شيء بداية من عدم التزام نجوم اللاعبين الذين يتقاضون أجوراً عالية، إلى عدم وطنية أحد اللاعبين ينتمي إلى أقلية عرقية. وقبيل المنافسة، حثّ مدير منتخب إنجلترا اللاعبين على غناء النشيد الوطني البريطاني «حمى الله الملكة»، وبدا أنهم أبلوا بلاء حسناً في ترديده هذه المرة، لكن ذلك لم ينعكس على أدائهم في المباراة.. وكان فريق إنجلترا من بين أوائل الفرق المغادرة لكأس العالم. وخلال العام الماضي، انتقد حزب «الجبهة الشعبية»، الذي يعاني من رهاب الأجانب النجم الفرنسي كريم بنزيما بسبب عدم تلفظه بالنشيد الوطني الفرنسي. وبنزيما مثل قليل من اللاعبين الماهرين من أصول شمال أفريقية، لذا فهو مشتبه به في عيون بعض اليمينيين الفرنسيين. وعلّق اللاعب آنذاك: «إنني أحب الفريق الوطني، ولا أفهم لماذا يشكك أحد في ذلك»، مضيفاً: «حلمي أن ألعب مع المنتخب الفرنسي، لكن لا يمكن أن يجبرني أحد على الغناء». وعلى رغم ذلك يبدو بنزيما أفضل لاعب فرنسي في المنافسة الحالية. وفي بعض الأحيان، تتدخل حكومات الدول، فخلال الأسبوع الجاري، سنّ المشرعون في كازخستان قانوناً خاص بالرياضة والثقافة ينص على أن يتعلم الرياضيون النشيد الوطني للجمهورية السوفييتية السابقة. وربما أن السبب له علاقة بحادثة محرجة في عام 2012، عندما لم يدرك بطل الرماية الكازخستاني الفائز في حفل تتويج ببطولة في الكويت أن المنظمون أخطأوا بالنشيد الوطني لبلاده وعزفوا بدلاً عنه نشيداً آخر. نوع المقال: عام