كتبت مؤخراً عن تحول نيجيريا، بما تملكه من موارد طبيعية وثروة نفطية، بين عشية وضحاها إلى أكبر اقتصاد في أفريقيا، بإدخال صناعات جديدة جاذبة مثل قطاع الاتصالات وصناعة الأفلام. ولكن يبدو أن المحاسبين في أفريقيا ليس لهم نظير في أوروبا، وفي ظل القواعد المحاسبية الجديدة المعمول بها في الاتحاد الأوروبي التي تطلب من الحكومات حساب كافة الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية بغض النظر عن قانونيتها، اكتشفت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد أن اقتصاداتها تحظى بدعم أساسي جيد. ومن الممكن أن يؤدي حساب الإيرادات من تهريب المخدرات والمشروبات الروحية وتهريب التبغ وبعض الأنشطة الأخرى غير المشروعة، ضمن أرقام إجمالي الناتج المحلي إلى دعم معدلات النمو في إيطاليا بين واحد واثنين في المئة. وبشكل عام، يمكن أن يمثل «اقتصاد الظل» ما يزيد على 17 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإيطالي. ووفقاً للبيانات الإحصائية الإيطالية، تراجع إجمالي الناتج المحلي على مدى العام الماضي بنسبة 1.9 في المئة، وعلى أساس سنوي، هبط إجمالي الناتج المحلي في الربع الأخير من العام الماضي، ليصبح منخفضاً بنسبة 0.8 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2012. وعلاوة على ذلك، ستضيف الإيرادات من أنشطة تهريب المخدرات وغيرها من الأنشطة المحظورة زهاء 17 مليار دولار إلى الاقتصاد البريطاني الذي عانى من الركود خلال الأعوام القليلة الماضية من جراء الأزمة المالية العالمية. وستعتمد كل من إستونيا والنمسا وسلوفينيا وفنلندا والسويد والنرويج حساب إيرادات هذين النشاطين أيضاً ضمن إحصاءاتها الرسمية. وتبدو القواعد الجديدة منطقية بدرجة ما كوسيلة لإضفاء الاتساق والتوازن على الإحصاءات في أنحاء الدول الأوروبية ذات القوانين المختلفة، إذ يمكن لتاجر مخدرات في لندن أن يجني ثروة كبيرة مماثلة لتاجر آخر يعمل في العاصمة الهولندية أمستردام، إذ لا يعتبر بيع المخدرات من الجرائم بموجب القانون. ولكن هذه القواعد الجديدة تثير بعض القضايا عندما يتعلق الأمر بالتطبيق على أرض الواقع، فمثلما أوضح «معهد الإحصاءات الوطني» في إيطاليا، أن حساب قيمة هذه الأنشطة «بالغ الصعوبة» نظراً لأن هذه الأنشطة غير القانونية لا يتم الإفصاح عنها، حيث تتم بعيداً عن أعين الجهات الرسمية وأجهزة إنفاذ القانون. وبصورة عامة، تمثل الأنشطة الإجرامية المنظمة في أنحاء العالم نحو 870 مليار دولار، أو ما يساوي زهاء 1.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، حسب تقرير صادر عن مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ويمثل ذلك نحو نصف معدلات نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الماضي. وقد يبدو الأمر غريباً بعض الشيء بالنسبة للحكومات أن تقيد في إحصائياتها الرسمية الثروة الناتجة من أنشطة زجت بسببها بأناس في السجون، ولكن ألا يبدو ذلك قدراً ضئيلاً من النفاق باسم دقة الحسابات؟ نوع المقال: مقالات أقتصادية