انضمام القاهرة والمنصورة وشبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    قبول طلبات التعيين في وظيفة معاون نيابة من خريجي الحقوق والشريعة والقانون والشرطة دفعة 2024    اختتام ورشة عمل الزراعة المستدامة في العصر الرقمي بالأكاديمية العربية    بوتين: ترامب يريد إنهاء الصراع في أوكرانيا سريعا    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    65 دقيقة.. حامد حمدان بصاروخية لا تصد ولا ترد يقلص النتيجة . فلسطين 1-2 تونس    ريمونتادا، منتخب فلسطين يخطف تعادلا قاتلا من تونس 2/2 في كأس العرب    العثور على جثمان ثالث للأسرة المفقودة أبرزها، 3 حوادث تسيطر على أحاديث الشارع بالمنيا اليوم    فيلم "قصة الخريف" يشارك في مهرجان الجزائر الدولي    22 ديسمبر.. حفل توزيع جوائز الصحافة المصرية    الأزهر العالمي للفتوى: البَشِعَة جريمة إنسانية وصورة من الدجل والكهانة    أوقاف الشرقية تنظّم ندوة توعوية بالمدارس حول توقير كبار السن    اسكواش - ثلاثي مصري يتأهل إلى نصف نهائي هونج كونج المفتوحة    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    محافظ كفر الشيخ ومساعد وزير الخارجية يطلقان مكتب التصديقات الجديد بالغرفة التجارية    القومي للمرأة ينعي الحاجة سبيلة علي أحمد عجيزة رمز العطاء الوطني    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    مسلسلات رمضان 2026.. هالة صدقى تجسد دور والدة كزبرة فى بيبو    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    دار الإفتاء عن البشعة : ليس لها أصل فى الشرع والتعامل بها حرام ولا يجوز شرعا    صحة شمال سيناء تتعاون مع جامعة شرق بورسعيد الأهلية لتعزيز الرعاية الطبية والتدريب    عمرو مصطفى: أعتذر لكل من ضايقتهم وأشكر الهضبة    مصر تستهدف جذب الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع التعليم    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    خالد جلال: تكريمي من وزارة الثقافة يمنحي طاقة جديدة لمواصلة مسؤوليتي تجاه الفن والشباب    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    الإمارات تطلق مصنع متطور للمولدات الصديقة للبيئة ينضم إلى القطاع الصناعي في الشارقة    البورصة تسجل مستوى تاريخي جديد مقتربة من 41500 نقطة بختام الأسبوع    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    إحالة مدير وطبيب الطوارئ بمستشفى بركة السبع للتحقيق بسبب تقصيرهم فى أداء العمل    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    كرة طائرة - تواجد الصفقات الجديدة وغياب مريم مصطفى في قائمة سيدات الزمالك بمونديال الأندية    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    القاهرة الإخبارية: انتظام التصويت بدائرة الرمل في الإسكندرية.. والشباب يتصدرون    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    الأهلي يتحرك لحسم ملف ديانج رسميًا.. وعرض جديد خلال ساعات    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    رغم إصابته في أحداث 7 أكتوبر.. نتنياهو يدافع عن قرار تعيين سكرتيره العسكري رئيسا للموساد    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    "تعليم القاهرة" تدعو الطلاب لضرورة الاستفادة من المنصة اليابانية    الليلة.. حفل افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    تعليم البحيرة تصدر تعليمات مشددة للتعامل مع الحالات المرضية المشتبه بها داخل المدارس    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهد واشنطن : السيسي يعيش في "متاهة" ويخشي الموت من الملايين
يبيت حالياً في مكان غير معلن عنه
نشر في التغيير يوم 29 - 04 - 2014

توقع تقرير نشره (معهد واشنطن لدراسات الشرق الادني) ونشر في مجلة (فورين بوليسي) أيضا ألا تنعم مصر بالديمقراطية أو الاستقرار في عهد السيسي رئيسا مؤكدا أن "واشنطن لن تحصل على مصر التقدمية التي تريدها في أعقاب "الربيع العربي" والأمر الأكثر مدعاة للحزن أن المصريين لن يحصلوا عليها كذلك " .
وقال التقرير أن هناك ثلاثة عوامل أساسية تدعم عدم الاستقرار (أولها) الاقتصاد المتدعي وأسعار الطاقة ، و(ثانيها) حقيقة أن ملايين من الإخوان وأنصارهم يريدون مقتل السيسي رغم الحماية الجيدة التي يخضع إليها ، و(ثالثها) أن إن التهديد لحياة السيسي يعني استمرار السياسات الاستبدادية التي كانت عوامل محفزة للانتفاضات ضد كل من مبارك ومرسي .
وروي كاتب التحليل الباحث (اريك تراجر) تفاصيل كثيرة عن الإجراءات الأمنية الفظة لحماية السيسي والقلق من أن يغتاله أحد مؤكدا أن "السيسي يبيت حالياً في مكان غير معلن عنه" ، كما أنه يرسل مبعوثين عنه إلى مناطق الريف لإلقاء خطابات بالنيابة عنه، ويرفض القيام بجولات في حملته الانتخابية بما تختلف تماماً عن مناخ الحملات الانتخابية الذي ساد في 2012، عندما كانت مقرات الحملات الرئاسية الرائدة تحت حراسة - على الأكثر - موظف إداري غير مسلح .
ولهذا أختار لمقاله الذي نشر يوم 23 أبريل الجاري عنوان (المرشح في متاهته الخاصة) أو The Candidate in His Labyrinth ، ونقل عن رئيس حملته الانتخابية أنهم نصحوه بالاختباء وعدم التجول في البلاد ، وكشف أن الشبكات العائلية التي غالباً ما يشار إليها ب "فلول" النظام السابق، بسبب دعمها للرئيس الأسبق حسني مبارك حتي التي قد تحسم فوز السيسي .
وينقل عن مؤيدين لهم وهم مضطرين لأنه لا يوجد بديل له قوله : "إذا رأينا مظاهرات ضد السيسي، فسوف يكون الأمر كارثة ، إذ ينظر الناس إلى السيسي على أنه الجيش، وإذا فقدوا الثقة في السيسي فسوف يفقدونها في الجيش، وهو المؤسسة الوحيدة لدينا .
نص المقال هنا
في ضاحية "التجمع الخامس" النائية التي تنعم بالثراء، توجد تحصينات كثيفة حول مقر الحملة الرئاسية للمشير السابق عبد الفتاح السيسي. وتقوم نقاط التفتيش بتطويق الشوارع المؤدية إلى الفيلا المكونة من أربعة طوابق، ويحيط بالمدخل ستة حراس مسلحون، أحدهم يحمل بيديه سلاحاً شبه آلي طوال الوقت.
ولكي تدخل إلى تلك المنشأة عليك إبراز بطاقة التعريف الخاصة بك، والمرور عبر جهاز كاشف للمعادن، وارتداء شارة زائر ذات كتابة ملونة، ثم المضي بصحبة أحد أعضاء طاقم الحملة الانتخابية عبر المبنى. وهذه تختلف تماماً عن مناخ الحملات الانتخابية الذي ساد في 2012، عندما كانت مقرات الحملات الرئاسية الرائدة تحت حراسة - على الأكثر - موظف إداري غير مسلح. لكن الفائز في تلك الانتخابات يقبع الآن في السجن، ورغم أن الرجل الذي أطاح به هو منافس رئاسي، إلا أنه أيضاً هدف رئيسي لأنصار «الإخوان المسلمين» المتحمسين للانتقام.
لا تخطئ فهمي: هناك العديد من أعضاء «الجماعة» الذين يريدون قتل السيسي. وشباب أعضاء «الإخوان» على وجه الخصوص أكثر حدة في هذا الشأن. وقد أخبرني ناشط في جامعة القاهرة ينتمي إلى «الجماعة» يبلغ من العمر 18 عاماً قائلاً، "يجب إعدامه لدى سقوط الانقلاب". أما قادة «الإخوان» المتحفظون فهم أكثر مواربة قليلاً. واقترح أحد كبار مسؤولي «الجماعة» بأن الخطوة الأولى باتجاه المصالحة الوطنية هي تشكيل "لجنة مستقلة" تتولى التحقيق في العنف المميت الذي أعقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي "وسوف تكون النتائج ملزمة للجميع، على أن تعتبر عمليات القتل...من الاغتيالات" - مشيراً إلى أن السيسي سوف يُدان بالاغتيال الجماعي ومن ثم سيكون مصيره الموت.
كما يخمن مسؤولو «الإخوان» طرقاً أخرى يمكن أن يحدث بها موت السيسي. فعندما قابلت القائد في جماعة «الإخوان» جمال حشمت في تركيا، التي فر إليها هارباً عقب الانقلاب، أشار إلى أن موت السيسي قد يأتي من مصدر مختلف : "أولئك الذين من حوله" - ويقصد بذلك أن مسؤولين مصريين آخرين - "قد يقتلونه من أجل وضع نهاية للأزمة" .
إن عطش «الجماعة» للدم - وكذلك ارتفاع مستويات العنف ضد أهداف من الشرطة والجيش - دفع العديد من المصريين إلى دعم رجل قوي مثل السيسي بمزيد من القوة. ولكن رغم انتشار ملصقات مؤيدة للسيسي والظهور العارض لمأكولات وملابس تحتية تحمل اسم السيسي، إلا أن "الهوس بالسيسي" ما هو إلا أسطورة .
ركود الحياة السياسية
وبدلاً من ذلك، يخيم على الحياة السياسية المصرية إحساس بالركود - شعور، حتى بين أنصار السيسي، بأنه لا يوجد أي شخص آخر، لذلك، فعلى الرغم من أن العديد من المصريين يرون أن السيسي هو أملهم الأخير وينوون دعمه بشكل كامل، إلا أنهم غير متفائلين. فهم يعلمون أن انتخاب رئيس يقع بشكل كامل في مرمى هجوم مئات الآلاف من أعضاء «الجماعة»، هو مغامرة محفوفة بمخاطر جمة، كما ينتابهم الشك من إعادة السلطة إلى الجيش. لكنهم يرون أن رئاسة السيسي هي أفضل بكثير من فراغ القيادة الكامل الذي يخشون حدوثه من دونه.
نصحته ألا يتجول في البلاد !
وبطبيعة الحال فإن حملة السيسي منتبهة جداً للخطر الكبير الذي يحيق بحياة المرشح. وعندما سألتُ مدير حملة السيسي محمود كارم عن المخاوف الأمنية، كان صريحاً: فقد قال "نصحته بألا يتجول في جميع أنحاء البلاد" .
ووفقاً للواء المتقاعد سامح سيف اليزل، وهو من أكثر أنصار السيسي صراحة في وسائل الإعلام المصرية، هناك ما لا يقل "عن 2 إلى 3" ملايين مصري "يكرهون" بقوة وزير الدفاع السابق. وأضاف "الجميع يعلم أنه مستهدف" .
ونتيجة لذلك، فإن السيسي يبيت حالياً في مكان غير معلن عنه. كما أنه سيرسل أيضاً مبعوثين إلى مناطق الريف لإلقاء خطابات بالنيابة عنه، عوضاً عن القيام بجولات في حملته الانتخابية.
ويبقى أن نرى إن كان باستطاعة السيسي إدارة مصر بفاعلية من دون القدرة على مغادرة العاصمة أم لا. لكن ابتعاده لن يمنعه من الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر إجراؤها في 26 و 27 أيار/مايو. وعلى أي حال، سوف يأتي الدعم الأكثر أهمية للسيسي من العشائر والقبائل الكبرى التي تهيمن على الحياة السياسية والاجتماعية المصرية خارج المدن الكبرى - وهي الجماعات التي تستطيع حشد كتلة حاسمة من الناخبين.
وعلى الرغم من أن الشبكات العائلية هذه غالباً ما يشار إليها ب "فلول" النظام السابق، بسبب دعمها للرئيس الأسبق حسني مبارك، إلا أنه ليست لها دوافع أيديولوجية في المقام الأول. فهدفها الرئيسي هو تعزيز سلطتها المحلية، وترجع معارضتها الرئيسية ل «الإخوان» إلى أن «الجماعة» حاولت إقصاءها عن الحياة السياسية بموجب المادة 232 من دستور «الإخوان» لعام 2012، والذي حظر على أعضاء «الحزب الوطني الديمقراطي» الذي كان قائماً أيام مبارك من دخول الحياة السياسية لمدة عقد من الزمن.
ويقول عاطف هلال، زعيم إحدى العائلات في محافظة المنوفية بدلتا النيل، الذي كان عضواً في البرلمان عن «الحزب الوطني الديمقراطي» : "تحدثنا مع نظرائنا الإسلاميين وقلنا "إن وجدتم أنني كنت فاسداً، فلتحاكموني" لكن القول بأن جميع أعضاء «الحزب الوطني الديمقراطي» كانوا فاسدين أمر خاطئ...وكان ذلك هو أكبر خطأ ل جماعة «الإخوان" .
وأضاف هلال أن رفض «الجماعة» العمل مع العائلات الكبرى زاد من حالة عدم الاستقرار عقب حكم مبارك وبحسب قوله، فإن "400,000 [عضو في «الإخوان»] لا يستطيعون حكم 90 مليون (مصري) .
وعلى الرغم من أنه لا يزال متشائماً بشأن المستقبل - إلا أنه يقول أنه لن يرشح نفسه مرة أخرى للبرلمان في أي وقت قريب، لأن البلاد لا تزال غير مستقرة جداً - ويرى أن السيسي هو الشخص الوحيد الذي يحظى بفرصة بعيدة لإعادة الأمن.
وأردف قائلاً : كانت هناك مشاكل كبيرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لذا فقد تراجع التقدم وحدثت الفوضى. لذلك فإنك بحاجة إلى رجل من الجيش لحكم البلاد على الرغم من أنني أعارض ذلك في الأوضاع الطبيعية" .
قادة الحزب الوطني يدعمون السيسي
وقد أعرب القادة السابقين لحزب مبارك الحاكم المتمركزون في القاهرة عن دعم يشوبه قدر مماثل من التردد للسيسي وأخبرني مسؤول سابق في «الحزب الوطني الديمقراطي» "لم نرغب مطلقاً قادة من الجيش، لكن القوتين المدنيتين قابعتان الآن في السجون. ف «الحزب الوطني الديمقراطي» في سجن عقلي و جماعة «الإخوان» في سجن فعلي، فلم يبق أمامنا سوى الجيش" .
ويقيناً، أن العديد من المصريين يحترمون السيسي. فهم يثنون على إطاحته بمرسي في أعقاب المظاهرات الحاشدة ضد «الجماعة» ويقدرون هدوءه وطريقته التعاطفية في الحديث، التي تتناقض بشكل حاد مع حديث مرسي الذي كان متكلفاً في الغالب. وقد أخبرني عبد العزيز فريد، الذي ترأس المجلس المحلي لقرية الباجور في دلتا النيل لفترة دامت سبعة عشر عاماً بأن "السيسي يأتي من خلفية مخابراتية [عسكرية]، لذا فإن لديه رؤية عالمية. وأعتقد أن إعلانه [عن ترشحه للرئاسة] كان واضحاً للغاية، وسوف يكون الناس سعيدين للعمل معه" .
لكن مرة أخرى، يعترف أنصار السيسي أنهم كانوا يفضلون مرشحاً آخر. وأردف فريد قائلاً، "أتمنى أن يظل وزيراً للدفاع. ولا يعني هذا إنني غير سعيد. فأنا لا أعارضه".
رجال الاعمال لا يؤيدون عسكري
إن مجتمع الأعمال من غير الإسلاميين، الذي دعم بقوة الإطاحة بمرسي في تموز/يوليو، ينتابه شعور مماثل بالفتور تجاه السيسي. ويقول رجل أعمال يخشى من أن يصبح وزير الدفاع السابق دكتاتوراً جديداً، "إن مقدار التهليل الذي حصل عليه قد يفسد تفكيره. كما أنه رجل عسكري، لذلك يعتقد أنه يعرف أفضل من الآخرين" .
ورغم هواجسهم، إلا أن كل رجل أعمال من غير الإسلاميين تحدثت إليه تعهد بالإسهام في حملة السيسي. ويقول أحدهم، "لا أريده أن يعتقد إنني ضده". ثم أردف معرباً عن قلقه، ماذا لو أخفق السيسي؟ "سيكون ذلك نهاية مصر".
وفي الواقع أن الخوف مما قد يأتي بعد السيسي يخيم على جميع المناقشات بشأن مستقبل مصر. فمعرفته الوثيقة بالجيش المصري تعني أن المصريين يخشون من أن تكون الضربة التي يتلقاها أحدهما ستكون ضربة للآخر - وهذا يُشل فعلياً حتى أولئك من غير أعضاء «الجماعة» الأقل حماساً بشأن طموحات السيسي السياسية.
ويقول أحد النشطاء اليساريين في الإسكندرية الذي شارك في حملة الإطاحة بمرسي لكنه يعارض الآن عمليات القمع التي يقوم بها النظام الحالي، "إذا رأينا مظاهرات ضد السيسي، فسوف يكون الأمر كارثة. ينظر الناس إلى السيسي على أنه الجيش، وإذا فقدوا الثقة في السيسي فسوف يفقدونها في الجيش، وهو المؤسسة الوحيدة لدينا".
وعلى نحو مماثل، حذر قائد منزعج من "حزب النور السلفي" في محافظة مطروح الواقعة غرب البلاد من أن سجن الآلاف من الإسلاميين قد أتاح انتشار التطرف العنيف داخل السجون، الأمر الذي خلق وضعاً أكثر تفجراً. ورغم هواجسه، لم ير بديلاً عن دعم السيسي. ويقول "نؤمن بأن الجيش المصري هو الجيش العربي الوحيد المتبقي ويجب حمايته. فالعراق وليبيا والسودان واليمن - جميعها تعرضت للدمار. ونحن ندعم الجيش رغم أنه ارتكب بعض الأخطاء من أجل الحفاظ على الدولة المصرية".
تحديات اقتصادية
وقد تصبح السطحية في دعم السيسي أكثر وضوحاً بعد أن يصبح رئيساً. فمن بين التحديات الرئيسية التي سوف يواجهها ستكون النقص في الغاز الطبيعي، الذي يؤدي بالفعل إلى انقطاعات متكررة في الكهرباء في كافة أنحاء البلاد، حيث إن الوقود يُستخدم في توليد 70 في المائة من الطاقة الكهربائية في مصر.
ووفقاً لمسئول في وزارة البترول المصرية، تبلغ احتياجات مصر لإنتاج الكهرباء في الصيف 125,000 متراً مكعباً من الغاز في الساعة، لكنها تستطيع حالياً توفير 70,000 متراً مكعباً فقط، كما أن خطة الحكومة الباهظة الثمن لاستيراد الغاز الطبيعي المسال سوف تترك عجزاً في احتياجاتها قدره 20,000 متراً مكعباً من الغاز في الساعة. وتشير بعض التقديرات إلى أن انقطاعات التيار الكهربائي سوف يتم تمديدها من ساعتين إلى ست ساعات يومياً، وسوف تحدث الانقطاعات الأسوأ في الصيف، بالتزامن مع الشهور الأولى لتولي السيسي لمنصبه.
وفي جميع الاحتمالات، لن تؤدي هذه الانقطاعات إلى احتجاجات جماهيرية فورية ضد السيسي. فالمصريون منهكون إلى حد كبير جراء الصخب والتقلب الذي ساد الثلاث سنوات الماضية، وبالتالي فهم على استعداد لمنح السيسي بعض الحرية للحركة.
غير أن هناك سببان رئيسيان لاحتمال أن تظل الحياة السياسية المصرية متقلبة على المدى الطويل :
أولاً : بينما يواجه كل زعيم وطني واقعياً تهديدات بالقتل، إلا أن حقيقة أن مئات الآلاف من أعضاء «الإخوان» - وربما بضع ملايين من أنصارهم - يريدون مقتل السيسي تعني أن التهديد بعملية اغتيال تغير قواعد اللعبة حقيقية وثابتة، بغض النظر عن الحماية الجيدة التي يخضع إليها الرئيس المصري القادم. وعلاوة على ذلك، فإن ديناميات القتل أو التعرض للقتل التي كانت سمة الحياة السياسية المصرية منذ الإطاحة بمرسي في تموز/يوليو 2013 تتسع باستمرار. فالقوى المؤيدة ل «الجماعة» هددت مؤخراً باغتيال مسؤولين في الحملة الانتخابية للسيسي من خلال نشر معلوماتهم الشخصية على الإنترنت.
ثانياً : إن التهديد لحياة السيسي يعني استمرار السياسات الاستبدادية التي كانت عوامل محفزة للانتفاضات ضد كل من مبارك ومرسي. وفي ظل خوف النظام الحالي من احتمال استغلال «الجماعة» لأي انفراجات سياسية من أجل العودة إلى السلطة والسعي للانتقام، فإنه يفرض بالفعل قيوداً صارمة على المعارضة لها تأثيرها على الجميع. وفي الأشهر الأخيرة، قام النظام حتى باعتقال نشطاء معارضين داخل العملية الانتقالية الحالية، حيث احتجز أنصار المرشح الرئاسي الناصري حمدين صباحي وحكم بالسجن ثلاث سنوات على نشطاء تظاهروا ضد الدستور الذي تم تمريره مؤخراً.
وفي الواقع أنه في عشية الانتخابات الرئاسية الثانية التي تجري في مصر خلال عامين، تمثل الحياة السياسية المصرية كارثة فعلية - كما ينتظر حدوث كارثة أكبر. وفي ضوء المخاطر الوجودية لكل لاعب سياسي، فإن ضغط واشنطن القائم على نوايا حسنة لتطبيق نهج سياسي أكثر شمولية ليس أمامه أي فرص للنجاح الآن. وينظر النظام الحالي إلى جهود تشجيع الديمقراطية على أنها مؤامرة مخادعة للتعجيل بوفاة السيسي. وفي غضون ذلك، يرى «الإخوان» وأنصارهم أن واشنطن تآمرت للإطاحة بمرسي ومن ثم ينظرون إلى مخاوف حقوق الإنسان الأمريكية على أنها مخادعة.
ولهذا السبب، لن تحصل واشنطن على مصر التقدمية التي تريدها في أعقاب "الربيع العربي". والأمر الأكثر مدعاة للحزن أن المصريين لن يحصلوا عليها كذلك .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.