يصف «توم جريجان»، أهم المحللين السياسيين فى الولاياتالمتحدة حالياً، والرجل الذى خدم مع خمسة رؤساء أمريكيين من عهد نيكسون الجمهورى، إلى كلينتون الديمقراطى، يصف الرجل رونالد ريجان بأنه «الرجل الذى أعاد الأمل فى واشنطن، وجعل الانقسام الحزبى أقل أهمية، مما كان من قبل لأنه جعل لأمريكا ولكل الأمريكان أحلاماً مشتركة مرة أخرى». تعبيره صحيح، وتؤكد استطلاعات الرأى صحة ما ذهب إليه.المشكلة ليست فى الاستقطاب، المشكلة فى إدارته. مع حسن إدارته يصبح اختلافاً عادياً فى وجهات النظر، ومع سوء إدارته يتحول إلى احتقان وغليان. والسياسى الساذج أو الأنانى هو من يؤجج الصراع ويحول الاستقطاب إلى احتقان غير قابل للإدارة، ثم غليان غير قابل للسيطرة. رئيس الوزراء نور المالكى فى العراق يزيد العراق احتقاناً لأنه لا يريد ولا يجيد قراءة مخاطر ما يفعل. لقد أصبح عدواً للجميع، باستثناء إيران بطريقة فجة تجلب له، والأهم للعراق، المزيد من العداءات الداخلية والخارجية. هو مثال مباشر لمن يريد أن يفتعل أزمات داخلية وخارجية من أجل تحقيق مكاسب طائفية فى الانتخابات المقبلة. رئيس الوزراء السابق فى ليبيا، على زيدان، حاول ولكن الاحتقان فى ليبيا ليس مرتبطاً بسياسات، وإنما بالبنية القبلية والطبقية التى لا تعترف بوجود الدولة أصلاً ولا ترى من وجودها فائدة. من خصائص المجتمعات التى تنجح فى إدارة استقطابها أنها تعرف أن تفرق بين خمسة أنماط لعلاقة الناس بالسياسة، ولا تختزل العلاقة فى نمطين فقط. هناك السياسيون، وهؤلاء من يمتهنون مهنة السلطة سواء بأن يكونوا فى الحكم (هذه فئة) أو أن يكونوا فى المعارضة (هذه فئة ثانية). وهناك فئة ثالثة، وهم «النشطاء السياسيون» الذين يتحركون من أجل تحقيق مطالب، سواء وطنية أو فئوية، وهذه عادة فئة قليلة جداً من الناس من الناحية العددية، ولكنها يفترض أن تأتى مصادر قوتها من كون هؤلاء النشطاء قادة رأى عام لمن يفكرون مثلهم. وهناك رابعاً، من لا يقفون تماماً مع أحد الفصيلين، وهؤلاء يشبهون فى مصر من يطلق عليهم اسم «حزب الكنبة» لأنهم هم من إذا اختاروا المرشح الفلانى، فاز فى الانتخابات، وإن اختاروا المرشح العلانى فاز فى الانتخابات. نسميهم فى العلوم السياسية «Swing voters» أى الناخب المتأرجح، وهم عادة الفئة الأكبر عدداً.بدون هذه التركيبة الخماسية المتوازنة يتحول الاستقطاب إلى احتقان، ثم غليان، مثلما نشهده فى الكثير من البلدان. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا