الوطنية للأنتخابات: فتح باب الاقتراع بالدوائر الملغاة غدًا بالداخل    استمرار التوافد على اللجان في السعودية ضمن المرحلة الأولى لانتخابات النواب    عاجل- تمويل ضخم بقيمة 165 مليون يورو لتطوير شبكة الكهرباء بدعم من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية    لأول مرة في تاريخها.. أوقية الفضة تقفز إلى 60 دولارًا بالمعاملات الفورية    أخبار الإمارات اليوم.. الإمارات تصدر مرسومًا بتعديل بعض أحكام قانون الشركات التجارية    أحدث تصوير جوي لمشروع إنشاء محطة تحيا مصر 2 بميناء الدخيلة    مدبولي يتابع مع وزير الاتصالات مستجدات العمل في عدد من ملفات الوزارة    مايكل كارنافاس: قائد الجنجويد الأسبق علي كوشيب ارتكب جرائم وفظائع في السودان    زيلينسكي يؤكد ثقته في رئيسة وزراء إيطاليا بشأن مفاوضات السلام ويثمّن دعم روما العسكري والسياسي    مصر تودع كأس العرب بعد الهزيمة من الأردن بثلاثية نظيفة    هاري كين يقود بايرن ميونخ أمام لشبونة في دوري أبطال أوروبا    خبر في الجول - بيراميدز يحدد موعد سفره إلى قطر لخوض إنتركونتينينتال    كرة طائرة - الزمالك يستهل مشواره بالخسارة أمام برايا البرازيلي في كأس العالم للأندية للسيدات    تحذير من طقس غد بالدقهلية.. شبورة مائية على الطرق وتوقعات بهطول أمطار    سقوط أمطار متوسطة على عدد من المناطق المتفرقة في دمياط    بعد إحالة "جنايني" الدولية بالإسكندرية للمفتي.. العوضي: يجب محاسبة المدرسة    إطلاق نار وتخويف وتخريب... تفاصيل حادثة انتهت بالسجن 5 سنوات    أبطال فيلم الست يحضرون العرض الأول في الرياض    رئيس الوزراء يستعرض مخطط تطوير المناطق المحيطة بالأهرامات والمتحف الكبير    هل يجوز صلاة قيام الليل في التاسعة مساءً؟ أمين الفتوى يجيب    هل يجوز غلق العين في الصلاة من أجل الخشوع؟.. أمين الفتوى يجيب    مستشار وزير الصحة: المركز الطبي المصري في جامبيا يفتح نفاذ الدواء المصري لغرب إفريقيا ويعزز الاستثمار الصحي    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للمجموعة الوزارية للتنمية البشرية    صحة الإسماعيلية تجرى الكشف علي 830 مواطنًا خلال يومي القافلة الطبية بقرية الدوايدة بالتل الكبير    تصاعد حدة القتال بين تايلاند وكمبوديا على طول الحدود المتنازع عليها    وتريات الإسكندرية تستعيد ذكريات موسيقى البيتلز بسيد درويش    توقف عضلة القلب.. وزارة الشباب والرياضة توضح تفاصيل إصابة لاعب بمباراة الدرجة الرابعة    فرق البحث تنهى تمشيط مصرف الزوامل للبحث عن التمساح لليوم الخامس    تركيا تدين اقتحام إسرائيل لمقر أونروا في القدس الشرقية    استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم لليوم الرابع في العصامة الجديدة    كوارث يومية فى زمن الانقلاب… ارتباك حركة القطارات وزحام بالمحطات وشلل مرورى بطريق الصف وحادث مروع على كوبري الدقي    "مصر للصوت والضوء" تضيء واجهة معبد الكرنك احتفالًا بالعيد القومي لمحافظة الأقصر    القومي للمرأة ينظم ندوة توعوية بحي شبرا لمناهضة العنف ضد المرأة    بدء تفعيل رحلات الأتوبيس الطائر بتعليم قنا    نيللي كريم: مبقتش أعمل بطولات وخلاص عشان أثبت إني ممثلة كبيرة    اليابان: تقييم حجم الأضرار الناجمة عن زلزال بقوة 5ر7 أدى لإصابة 34 شخصا    شتيجن يعود لقائمة برشلونة ضد فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    وفاة شخص صدمته سيارة بصحراوي سمالوط في المنيا    متحدث «الأوقاف»: مصر قرأت القرآن بميزة «التمصير والحب» لهذا صارت دولة التلاوة    القاهرة الإخبارية: قافلة زاد العزة ال90 تحمل أكثر من 8000 طن مساعدات لغزة    محافظ أسوان يفتتح الندوة التوعوية لمكافحة الفساد    غدًا.. فصل الكهرباء عن قريتي كوم الحجنة وحلمي حسين وتوابعهما ببيلا في كفر الشيخ    ليوناردو دي كابريو يهاجم تقنيات الذكاء الاصطناعي: تفتقد للإنسانية وكثيرون سيخسرون وظائفهم    جامعة قناة السويس تقدّم خدمات علاجية وتوعوية ل711 مواطنًا خلال قافلة طبية بحي الأربعين    رنا سماحة تُحذر: «الجواز مش عبودية وإذلال.. والأهل لهم دور في حماية بناتهم»    البابا تواضروس الثاني يؤكد وحدة الكنيسة خلال لقائه طلاب مدرسة مارمرقس بسيدني    رياضة النواب تهنئ وزير الشباب بفوزه برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو    قرار عاجل لمواجهة أزمة الكلاب الضالة في القاهرة    صلاح وسلوت.. مدرب ليفربول: أنا مش ضعيف وقلتله أنت مش هتسافر معانا.. فيديو    حزب الاتحاد: لقاء الرئيس السيسي مع حفتر يؤكد حرص مصر على استقرار ليبيا    الإحصاء: 92.9 % من مدارس التعليم قبل الجامعى متصلة بالإنترنت للعام الدراسى 2024/2025    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    وزارة الاستثمار تبحث فرض إجراءات وقائية على واردات البيليت    فحص 7.4 مليون تلميذ ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشهد المنطقة المركّب وأسئلته المعقدة
نشر في التغيير يوم 27 - 02 - 2014

لم يكن مشهد المنطقة بهذا المستوى من التعقيد والتركيب منذ عقود كما هو عليه الآن، بل إن بعض صراعاته تبدو معقدة ومركبة وحدها دون سواها، كما هو حال الصراع في سوريا.
وفي حين يحلو للبعض أن يرد ذلك إلى ما يسميه مؤامرة الربيع العربي، فإن الأمر لا يبدو كذلك بحال، فهذا المستوى من التعقيد لم يكن واردا في ذهن أحد، لا الكيان الصهيوني ولا الغرب ولا أي أحد، ولم تتوقعه أعتى الأجهزة الأمنية.
ونتذكر على هذا الصعيد تلك الضجة التي اندلعت في الكيان الصهيوني والهجوم على الأجهزة الأمنية المعنية التي عجزت عن توقع الانفجار الذي وقع بالمنطقة في ما عرف بالربيع العربي.
صحيح أن الصراع الدائر ما زال إلى الآن يضع الحب صافيا في طاحونة العدو الصهيوني، غير أن ذلك لا يشكل بالضرورة دليلا على أن مؤامرة قد حدثت، كما لا يعني أن المشهد سيبقى على حاله إلى أمد بعيد، إذ يمكن أن تسفر التطورات الجديدة عن مشهد آخر لا يذهب في الاتجاه المذكور.
إنه صراع على هوية المنطقة وعلى أوزان قواها الإقليمية، وفي حين ستبقى القوى الرئيسة في المنطقة موجودة (مع تغير في الأوزان)، أعني تركيا وإيران، والمنظومة العربية رغم تشتتها، فإن الكيان الصهيوني هو الوحيد الغريب فيها، وهو وحده القابل للزوال، ولو بعد وقت يطول أو يقصر، وسيكون عليه طوال الوقت أن يراكم من أدوات القوة ما يستنزفه ماليا، لكنها أدوات لن تخفي هشاشته أمام انتفاضة شعبية شاملة في الأراضي الفلسطينية.
وهذا السبب هو الذي يجعل من جهود الكيان تنصب عمليا على منع تلك الانتفاضة من دون أن يجري دفع الاستحقاق المقابل، ممثلا في تسوية يرضى به قطاع من الفلسطينيين والعرب، ولا أقول جميعهم، لأن في هذا المحيط العربي جماهير عريضة لا يمكن أن تقبل بأي وجود للصهاينة في الأرض الفلسطينية.
ولعل من محاسن الأقدار أن السقف السياسي للتسوية -التي يعرضها الصهاينة- لا يمكن أن يكون مقبولا، وإذا قبله طرف فلسطيني ومنحته أنظمة عربية ما يلزم شيئا من شرعية فإنه سيبقى مشروعا هشّا لن يلبث أن ينهار بفعل قوى شعبية ترفضه، ويمكنها التخريب عليه بهذا القدر أو ذاك.
لعل أسوأ ما في المشهد من زاوية النظر العربية هو ذلك البعد المتمثل في إخراج مصر من دائرة الثقل الإقليمي، ليس في مواجهة إيران ومشروعها فحسب، بل -وهو الأهم- في مواجهة المشروع الصهيوني، لأن على حكام مصر الجدد أن يدفعوا من جيب القضايا القومية لأجل الحصول على الشرعية لنظام بوليسي قمعي يرتدي زيا ديمقراطيا، تماما كما كان على حسني مبارك أن يدفع من جيب تلك القضايا لأجل تمرير مشروع التوريث، الأمر الذي أخرج الشقيقة الكبرى من دائرة القوة والحضور على المستويين العربي والإقليمي منذ مطلع الألفية الجديدة.
أسئلة كثيرة تواجه المراقب وهو يبحث في مستقبل هذا الصراع الدائر في المنطقة، لعل أهمها مصير الثورة السورية التي لا تبدو في وارد الحل القريب، والمستقر في آن، وإلى جانبها مصير مشروع إيران في المنطقة، والذي بات يمتد من العراق إلى لبنان وسوريا وصولا إلى اليمن.
ولا شك في أن سؤال التسوية الإيرانية مع الغرب بشأن الملف النووي يبدو الأكثر حضورا في السياق نظرا لارتباطه بالملف السوري، والملفين العراقي واللبناني، وصولا إلى عموم مشروع إيران في المنطقة، ذلك أن فشل مشروع الحل شيء، ونجاحه شيء آخر.
فنجاحه يعني أن على إيران أن تعيد النظر في منظومة علاقتها مع الكيان الصهيوني كجزء من استحقاقات تلك التسوية، ويعني ذلك تحولها من دولة ترفع شعار المقاومة والممانعة إلى دولة ترفع شعار راعية المذهب التي تريد التمدد بقدر ما يمنحها ذلك من فرص، بل أكثر من ذلك، لأن ما يمنحها إياه يبقى قليلا إذا أخذنا في الاعتبار البعد الديمغرافي.
وكل ذلك سيدخلها في صراعات طويلة الأمد مع الجوار العربي والإسلامي الذي لن يقبل العبث بوضعه الداخلي عبر لعبة المذهب (لإيران تناقضاتها الداخلية الكثيرة التي يمكن التلاعب بها أيضا).
ولا يخفى أن ثمة صراعا آخر في الداخل الإيراني بين التيار المحافظ والإصلاحي، وهو صراع ليس من السهل الجزم بمآلاته، وليس صحيحا أن الخطاب الإيراني المزدوج حيال الغرب والكيان الصهيوني هو محض مسرحية، إذ يخفي تحته صراعا على كعكعة السلطة بين المحافظين الخائفين على مكتسباتهم، وبين الإصلاحيين الذين يستندون إلى شارع يريد التخلص من حقبة العقوبات والصراعات المدمرة.
أما إذا فشل مشروع الحل (الاتفاق النووي) فهذا يعني أن منطق المحافظين قد ينتصر، وسيعني أن المناكفة مع الغرب والمشروع الصهيوني ستتواصل، إن عبر حزب الله، أو عبر دعم حركات المقاومة الفلسطينية، الأمر الذي قد يغري لاحقا بتطورات في الداخل الفلسطيني تؤدي إلى انتفاضة شاملة ضد مشروع التسوية في حال نجاحه، أو تغيير في المسار الفلسطيني في حال فشله.
الأمر ذاته ينطبق بهذا القدر أو ذاك في ما يتعلق بمصير تركيا أردوغان التي تعيش حالة من الارتباك بسبب حجم المؤامرة الكبير الذي يواجه الرجل، وتبعا لذلك علاقتها مع الكيان الصهيوني، خاصة في ظل انفجار قضية غاز البحر الأبيض المتوسط، وميل الكيان الصهيوني إلى التحالف مع اليونان وقبرص ضد تركيا، وسيعتمد الموقف بالنسبة إليهما على ما ستسفر عنه محادثات إيران مع الغرب، فضلا عن تطورات تركيا الداخلية في ما يخص الحزب الحاكم ومستقبله.
ثمة أمر آخر يتعلق بالربيع العربي نفسه، إذ إن إجهاضه في مصر لا يعني نهاية المطاف، فالموقف في مصر نفسها قد يتغير لاحقا بعد اتضاح عبثية الانقلاب ووعوده، ومن ثم إمكانية توحد القوى السياسية في الشارع من جديد ضد الحكم الجديد، ومن أجل استعادة الثورة المسروقة.
وسيعتمد الأمر أيضا على تطور الوضع في تونس وليبيا واليمن، وإمكانية ظهور حراك شعبي في عدد من الدول الأخرى يدفع باتجاه الإصلاح.
هناك العراق أيضا، وما يحدث فيه من صراع لا يبدو أنه سيحسم كما يريد المالكي، كما أنه سيعتمد على ما يجري في سوريا أيضا وآفاق الحل السياسي، وكذلك في لبنان، وعموم تطور المشروع الإيراني في ظل المفاوضات مع الغرب واتفاق النووي في شقه النهائي كما أشير من قبل، وكذلك حال علاقة إيران مع تركيا، والصراع السعودي الإيراني والحشد الطائفي في عموم المنطقة، ومصير الحركات الجهادية.
إنها حالة من السيولة الاستثنائية التي تسم مشهد المنطقة، والتي تقابلها حالة سيولة مقابلة في المشهد الدولي الذي لم يعد يتحكم به أحد، في ظل تعددية قطبية واضحة، وهي حالة قد تستغرق سنوات طويلة حتى ترسو على بر جديد، ربما (في حالة المنطقة) حتى يتعب الجميع من الصراع، وربما حتى تفرض الشعوب منطقها على الأنظمة، وتتم إصلاحات في الدول التي تحتاج إصلاحات، وربما تغيرات في أخرى.
نعود إلى القول إنه لا مجال أمام قوى الإقليم الثلاث الأصيلة (العرب، تركيا، وإيران) سوى أن تتعايش، فلن يلغي أحد الآخر، ولا مجال أمام السنّة والشيعة سوى أن يتعايشوا أيضا، إن كان على صعيد الدول، أم داخل كل دولة، لكن الكيان الصهيوني سيبقى هو الغريب الذي يتفق الجميع على ضرورة إنهائه، وقبل ذلك تحجيمه، وتلك حكاية أخرى ستعتمد بدورها على تطورات الوضع الدولي، وليس العربي والإقليمي وحده.
وإذا كان البعض قد رأى في ما يجري بشارة سوء، فإن الأمر قد ينجلي عن شيء آخر، إذ ربما يؤدي هذا الصراع إلى دفن الكثير من العنف في المنطقة، إن كان داخل كل دولة على صعيد علاقة الشعوب بالحكام، أم على صعيد التعايش بين دولها ومحاورها على نحو يصب في خدمة الشعوب.
رابط المقال:
http://www.aljazeera.net/opinions/pages/56014b1f-a731-4e05-8fbc-a9433805fe14


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.