ما فعله البرد القارس والثلج باللاجئين السوريين تكرر بحذافيره مع نظرائهم الفلسطينيين فى قطاع غزة بوجه أخص، مع فارق أساسى هو أن معاناة الأولين أسهم فيها تقاعس الجيران أو قلة حيلتهم فى حين أن معاناة الأخيرين أسهم فيها تعمد الأقربين وتعنتهم. لقد توقفت محطة توليد الكهرباء فى القطاع بسبب النقص فى إمدادات الكهرباء. وعجز البعض عن تشغيل المولدات التى كانت تخفف من معاناتهم، بسبب عدم وجود الوقود، الذى انقطع مدده بعد إغلاق الأنفاق مع سيناء. ولاتزال غزة بغير كهرباء منذ خمسين يوما، وبغير وقود، يحرم أهلها من النور ومن التدفئة. وحين هطلت الأمطار بغزارة فإن القطاع امتلأ بالبرك، التى أغرقت مياهها مجارى الصرف الصحى، وامتلأ حى الشيخ رضوان، ومعسكر الشاطئ بتلك المياه المختلطة، ولحقت الأضرار بكل ساكنى بيوت الصفيح والمحتمين بالبنايات المدمرة جراء الاجتياحات الإسرائيلية. كما تضرر أكثر من 200 منزل فى حى الزيتون والشجاعية ومضارب البدو. وقال شهود عيان إن سلطات الاحتلال الإسرائيلى فتحت عبارتى مياه على الحدود شرقى خان يونس، الأمر الذى أدى إلى إغراق عشرات المنازل. التى نقل سكانها على وجه السرعة إلى مراكز للإيواء. أما تأثيرات البرد وانقطاع التيار الكهربائى على المستشفيات والمدارس والمعاهد فحدث فيها ولا حرج. إذا تعين عينا أن نتذكر ونحن نرتجف عذابات اللاجئين السوريين والفلسطينيين، فإننا لا نستطيع أن نتجاهل معاناة آخرين فى داخل مصر لا نعرف كيف أمضوا لياليهم فى أجواء الصقيع الراهنة. أخص بالذكر من هؤلاء المعتقلين الذين ازدحمت بهم سجون مصر وأقسام الشرطة ومعسكرات الأمن المركزى، سواء كانوا من الإخوان الذين تقول مصادر الجماعة إن عددهم تجاوز 14 ألفا، أو من عشرات شباب الثورة الذين ألقى القبض عليهم بسبب تظاهرهم فى الأسابيع الأخيرة. وإذا ذكرنا المعتقلين فإننا لا نستطيع أن نغفل المهمشين والضعفاء الذى لا يجدون مأوى أو غطاء ونرى أشباحهم المرتجفة مكومة تحت الجسور وفى أركان المبانى المهجورة والخربة. أسمع أصواتا نبيلة تدعو إلى فتح بيوت الله لإيواء عباد الله من اللاجئين السوريين. كما تتردد فى مصر دعوات أخرى لجمع الألبسة للمشردين الذين لا مأوى لهم. وذلك شىء طيب لا يحل الإشكال، لكنه أفضل من لا شىء. إذ إن الأمر أعقد من أن تحله تلك المساعى. وإلى أن تظهر الحلول التى فى مستوى الأزمة، فليس أمامنا سوى أن نجأر إلى الله بالدعاء: يا لطيفا لم تزل ألطف بنا فيما نزل. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا