أثار حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر نشاط جمعية الإخوان المسلمين الكثير من اللغط والتأويل والتساؤلات مثل هل بموجب هذا الحكم تحل جماعة الإخوان المسلمين ؟ وهل تستطيع الدولة وأعداء الجماعة من خلال هذا الحكم القضاء عليها تماما ؟ وهل الحكم يجوز الطعن عليه ؟ وهل الحكم سياسي ؟ .. في التقرير التالي يجيب خبراء قانونيين عن هذه الأسئلة. يقول قانونيون إن حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر نشاط جمعية الإخوان المسلمين هو حكم منعدم ولا قيمة له؛ لأنه صدر من جهة غير مختصة، حيث إن نظرها يكون من اختصاص محكمة القضاء الإداري. كما أكد بعضهم على أنه حكم سياسي، وأنه حتى بفرض صدور حكم بالحظر أو الحل من الجهة المختصة فإنه في جميع الأحوال لا ينسحب قرار حظر وحل جمعية خيرية ومصادرة أموالها ومقارها كجهة اعتبارية إلى الأعضاء، لأنهم أشخاص طبيعيون لهم ملكيات خاصة يحميها القانون والدستور، ولا يجوز التعميم والتجهيل، محذرين من خطورة ذلك في ظل عدم وضع معايير أو جهة تحدد انتماء الفرد أصلا، بل إنه لا يجوز المساس بملكياتهم إلا بناء على أحكام قضائية نهائية بناء على جرائم محكوم فيها بناء على أدلة قطعية وأجهزة تحقيق وبعد الطعن. وأكد المستشار محمد عوض - رئيس محكمة استئناف الإسكندرية - أن هذا الحكم منعدم وسياسي ونكاية في الإخوان ورافضي الانقلاب، وقال: "من يحل جمعية ليس من حقه التحفظ على أموال أعضائها، بل يحل مجلس الإدارة ويشكل مجلس إدارة جديد، فالحل قرار إداري يحظر النشاط لشخص اعتباري لا يمتد لأشخاص طبيعيين ومصادرة أموالهم، ولا شيء بالقانون اسمه لجنة تدير الأموال المصادرة". وأوضح "عوض" أن ما جاء بحكم حظر نشاط جمعية الإخوان لا علاقة له بالقانون، ولا نطلق عليه مسمى حكم أصلا؛ لأن القضاء العادي ليس له اختصاص بهذه الدعوى، فالمختص بها هو القضاء الإداري، ومحكمة الأمور المستعجلة كان يجب أن تحكم بعدم الاختصاص الولائي وإحالتها للقضاء الإداري. وكشف "عوض"،في تصريحات صحفية، أن منطوق الحكم به العديد من الأمور لا تمت للقانون بصلة، أهمها أنه حتى بحالة افتراض صدور حكم بحل الجمعية من محكمة القضاء الإداري، فإنه لا يمتد لمصادرة أموال وممتلكات الأعضاء، فالمحكمة تقول بالحل وتسكت، وأية مصادرة لأموال تكون من جهة النائب العام، بناء على أدلة وبعد الطعن عليها بقضية محددة باسم شخص طبيعي محدد. وتابع موضحا: أنه من المعروف عن الأحكام القضائية أنها محددة الجهة المختصة، ومحددة الخصوم والموضوع ومحل الدعوى، أي أن الحكم يكون محددا تحديدا دقيقا وليس مجهلا، وليس مستعصيا على الفهم والتطبيق، بينما فوجئنا بخطأ مهني جسيم، حيث لم يحدد الأشخاص الذين سيتم التحفظ على أموالهم، وما هي المعايير، ولماذا، وما هي الجمعيات الخيرية، وعلى أي أساس، مما يؤكد أنه حكم سياسي لا علاقة له بقانون أو دستور. ونبه "عوض" إلى أن قضية التحفظ على أموال الجمعية الخيرية التي يحظر نشاطها أو يتم حلها لا ينسحب على الأشخاص الطبيعيين من أعضائها أصلا، حتى بفرض أن القضية عرضت على الجهة المختصة بمجلس الدولة وحكمت بالحل، فهي لا تتدخل بأفراد، حيث تحكم بالحل فقط؛ لأن الجمعية شخصية اعتبارية لها مركز قانوني والأشخاص الطبيعيون من الأعضاء لهم أيضا مراكز قانونية ومن حقهم الدفاع عنها، ولا يحق التجهيل بالحكم ولا يحق التعميم ولا بناء افتراضات على جمعيات وأفراد مجهلين. وأشار "عوض" إلى أنه لا يوجد بالقانون شيء اسمه "لجنة حكومية لإدارة الأموال المصادرة"، فجهات التنفيذ معروفة متمثلة بالشرطة وقلم المحضرين. بدوره أكد د. ثروت بدوي - أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة – أن هذا الحكم ليس له أية قيمة قانونية؛ لأن المحكمة غير مختصة بنظر وجود الجمعيات والأحزاب السياسية أو أيا من هذا القبيل. من جانبه قال المستشار أحمد مكي - نائب رئيس محكمة النقض السابق – : إن حكم حظر نشاط جمعية الإخوان المسلمين هو اعتراف بالوجود؛ لأنه لا إلغاء إلا لشيء له وجود فعلي. وأكد "مكي" على أنه لابد من خصوم وأطراف محددة بالقضية، وهي إما الجمعية أو أشخاص محددة بالاسم، والحكم لا ينفذ إلا على ما كان طرفا فيه بالاسم، مؤسسة أو أشخاصا، وليس بشكل عام أو مطلق.