لم تقم أي من الدول العربية (فيما عدا السلطة الفلسطينية في رام الله) بتقديم التهاني والتبريكات إلى اليهود بمناسبة السنة العبرية الجديدة، رغم اعترافهم بدولة الكيان الصهيوني، لكن الرئيس الإيراني روحاني ووزير خارجيته قدما التهنئة إلى جميع اليهود في العالم، في الوقت الذي تهتف فيه طهران بالموت لأمريكا وإسرائيل. ولم يكتف وزير الخارجية الجديد بمجرد التهنئة بالسنة العبرية، لكنه ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك حيث أكد عدم إنكار إيران للمحرقة النازية (الهولوكوست). وعلق الكاتب الأردني ياسر الزعاترة على الحدث قائلا: من الذكاء بالطبع أن يكون الغزل مع اليهود هو المفتاح الأهم للدبلوماسية الإيرانية الجديدة، إذ يدرك الجميع أن كل ما أصاب إيران من عقوبات وتحريض إنما كان نتاج ملفها النووي الذي لا يشكل خطرا على أميركا ولا على الغرب، بقدر ما يثير مخاوف لدى الكيان الصهيوني، وهي مخاوف تتعلق بكسر ميزان القوى في المنطقة، وليس بالخوف من استعمال النووي ضده بالفعل. وأضاف: فوز روحاني بالرئاسة لم يأت رغم أنف المرشد، إذ كان بوسعهم أن يقصوه قبل ذلك كما فعلوا مع آخرين، والأرجح أنه جاء بإرادتها تبعا لرؤية سياسية في الاتجاه الذي يعكسه خطاب الرجل الذي يقف سياسيا في مسافة بين الإصلاحيين والمحافظين، وإن رآه البعض إصلاحيا بسبب دعم خاتمي ورفسنجاني له في الانتخابات. ولفت الزعاترة إلى عادة المرشد في حال لم يعجبه شيء من كلام الرئيس أن يخرج معقبا، وهذا ما لم يحدث حتى الآن ما يعني أن روحاني. أما رد فعل نتنياهو فلم يمنح تلك التهنئة الكثير من الأهمية، رغم ما أثارته من ضجة وجدل في الأوساط الصهيونية نظرا لفرادتها، إذ واصل الابتزاز التقليدي قائلا إن الحكم هو على الأفعال، وليس على التهنئة بالسنة الجديدة! وبعد الموافقة الإيرانية على عرض سوريا وضع سلاحها الكيميائي تحت وصاية دولية، لتعكس روحية جديدة في التعاطي مع الشروط الدولية، رغم ما تنطوي عليه الصفقة من إمكانية تكرار السيناريو مع طهران، لتفكيك مشروعها النووي. وربط الكاتب بين بين التحول الإيراني وزيارة سلطان عمان إلى طهران، والتي قيل إنها تنطوي على وساطة مع واشنطن، وإلى جانبها زيارة نائب الأمين العام للأمم المتحدة "جيفري فيلتمان"، الذي يعرف إيران وتعرفه جيدا بسبب الاشتباك القديم معه في الملف اللبناني، وكذلك زيارة مدير دائرة الشرق الأوسط في الخارجية السويسرية ولفجانج آمادنوس برولهارت، وجميع تلك الزيارات ذات صلة بالعلاقة مع أمريكا والغرب، وبالملف النووي أيضا. ولعل أهم ما ورد في هذا السياق هو ما قيل عن نقل سلطان عمان رسالة من أوباما لخامنئي تدعو "لفتح صفحة جديدة"، الأمر الذي رد عليه مرشد إيران بطريقة إيجابية. وختم الزعاترة مقاله على صفحة الجزيرة نت بقوله إن إيران تبدو اليوم دولة جديدة كما يبدو. دولة تقلل الاشتباك مع الغرب، والكيان الصهيوني، من دون أن تلجم أطماعها الإقليمية.