لا يتسع المقام هنا لحديث مطول عن معنى «الجهاد» فى الإسلام، ولست من المتخصصين فى هذا الموضوع على أى حال، غير أن العلامة الشيخ يوسف القرضاوى كان قد تفضل عام 2009 بإهدائى نسخة من كتابه المرجعى المهم «فقه الجهاد: دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته فى ضوء القرآن والسنة». وعندما عدت إليه مؤخراً اكتشفت أن الموقف الذى تبناه فى هذا الكتاب عن الجهاد، وحدد فيه معنى الجهاد وضوابطه الشرعية من منظور الإسلام الوسطى، يختلف إلى حد التناقض مع موقفه الأخير من الأزمة السورية، حيث اعتبر المشاركة فى القتال ضد النظام السورى نوعاً من «الجهاد»، وبالتالى فرض عين بالنسبة لبعض المسلمين، وفرض كفاية بالنسبة للبعض الآخر. فإذا ربطنا ذلك كله ببعض ما قيل فى استاد القاهرة، الذى تعامل مع نظام الأسد من منظور طائفى، باعتباره نظاماً يمثل «الرافضة»، وليس فقط نظاماً «باغياً»، لأدركنا خطورة المنزلق الذى يتجه إليه البعض لدفع مصر نحو المشاركة فى حرب طائفية فى المنطقة يصر البعض على إشعالها. إذا نحّينا البعد الفقهى لهذا الموضوع جانباً واقتصرنا على بعده السياسى، فسرعان ما سنكتشف أن «المجاهدين» المصريين الذين يصر البعض على تحريضهم على الذهاب للقتال فى سوريا، ومنهم دعاة سعوديون جاءوا خصيصاً لهذا الغرض، لن يكونوا مموّلين أو مسلحين من جانب الدولة المصرية، ولن يقاتلوا تحت علم مصالحها الوطنية، وإنما يمولون ويسلحون من جانب قوى وجماعات أخرى، دولية وإقليمية قد تكون من بينها الولاياتالمتحدة وإسرائيل. ولأن الثمرة النهائية التى سيتم جنيها من وراء «جهاد» هؤلاء قد لا تكون بالضرورة من نصيب الإسلام والمسلمين، لأن القاتل مسلم والمقتول مسلم فى الأغلب الأعم، فمن الطبيعى أن ينظر البعض إلى هؤلاء، من المنظور السياسى على الأقل، باعتبارهم «مرتزقة». فهل فكّر الدكتور مرسى فى كل هذه المعانى قبل أن يتوجه إلى الاستاد أم أنه كان يبتغى فقط رضاء البعض وتأييدهم له يوم 30 /6؟ ألم يكن من الأجدى أن تلقى مصر بثقلها وراء جهود التسوية ووقف نزيف الدم، بدلاً من أن تصبح طرفاً فى صراع لا تملك أدوات السيطرة عليه؟ أظن أنه لا يليق بمصر أن ترسل أبناءها للقتال نيابة عن السعوديين فى سوريا، وهو قتال لن يصب فى النهاية إلا لصالح إسرائيل، التى لها وحدها مصلحة فى تفتيت العالم العربى وإشعال نار الفتنة فيه. لقراءة المقال كاملا اضغط هنا