صفعة جديدة من المؤسسة العسكرية على وجه المحكمة الدستورية العليا، التي يصفها البعض بأكبر أذرع الدولة العميقة، والتي قام الرئيس المخلوع بتعيين معظم قضاتها. ففي زمن حكم العسكر .. لم يكن العسكر يقترعون، واليوم في ظل الحكم المدني، ثمة من يريد إقحام العسكريين في السياسة، ويمنحهم حق الاقتراع والترشح للانتخابات. موقف يعلي من أسهم الجيش لدى الشعب، حيث آثر مصلحة الوطن، وقرر حراسة مصالحه العليا، وعلى ما يبدو فإن المؤسسة العسكرية تعلمت من الفترة الانتقالية التي أمسكت فيها بزمام السلطة، واكتوت بنيرانها، وفشلت في جمع كلمة البلاد، وعادت أو أعيدت إلى مهمتها الأساسية. وفي أول رد فعل له على قرار المحكمة، أكد وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي أن الجيش سيظل بعيدا عن السياسة، وقال السيسي :"إن القوات المسلحة لن تسيس ولن تتحزب ولن تجر أبدا إلا أن تكون مؤسسة وطنية مسؤولة عن مصر والشعب المصري كله وهذا لن يتغير أبداً"، مؤكدًا أن الجيش هو الكتلة الصلبة فى مصر وكسيظل كذلك، الجيش المصري أسطورة وطنية، لن تتغير. وكأن الجيش أدرك أن المحكمة الدستورية جعلت من نفسها حزباً معارضاً جديداً من أحزاب مصر، فبعد أن تطوعت بحل البرلمان المنتخب، دون أن يُطلب منها الفصل فى الموضوع، جاءت هذا الأسبوع لتستدعي الجيش لمواجهة حكم الإسلاميين. وجد الجيش نفسه في مواجهة المحكمة الدستورية على خلفية صراع بين السلطتين التشريعية والقضائية، صراع يعتبره مجلس الشورى تغوُّلاً من المحكمة على الثورة، وإصرار على إفشالها، عن طريق حل المؤسسات المنتخبة. لكن هذا الصراع - على ما يبدو - لقي استحساناً من بعض أطياف المعارضة التي تقف إلى جانب الدستورية العليا. وعلى الجانب الآخر يقف القضاة ضد قانون السلطة القضائية، والذي يطيح بأكثر من ثلاثة آلاف قاضٍ فوق سن الستين. وأكد فهمي هويدي أن قضاة المحكمة قرأوا المادة 55 من الدستور التي اعتبرت أن مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني وقررت حق كل مواطن في الانتخاب والترشيح، لكنهم أغمضوا أعينهم عما قررته ديباجة الدستور التى تشكل مفتاح القراءة الصحيحة له، إذ نص البند الثامن من الديباجة على أن قواتنا المسلحة مؤسسة وطنية محترفة محايدة لا تتدخل فى الشأن السياسي. وأضاف أن العبارة واضحة وحاسمة في أن القوات المسلحة محظور عليها ليس فقط التصويت أو الترشح للانتخابات، لكن الحظر يتجاوز تلك الحدود بمراحل، يشمل كل ما له علاقة بالشأن السياسى على إطلاقه.