مصيبتان خلفتهما البطالة وأصبحا نارا من تحت رماد تهد بإحراق المجتمع المصري كله هما العنوسة والإدمان .. فمن الطبيعي جدا أنه كلما تفاقمت مشكلة البطالة وأصبحت وحشا كاسرا يصعب السيطرة عليه زادت مشكلة العنوسة لعدم قدرة الشباب على إعالة أسرة وبالضرورة يصبح معظم هذا الشباب فريسة سهلة للغاية للدخول في دائرة الإدمان بسبب ما يعانيه من إحباط وقدر من اليأس الذي يدخله الشيطان في قلوبهم. العنوسة العنوسة هي تعبير عام يستخدم للإناث الذين تعدوا سن الزواج المتعارف عليه في كل بلد ، وهنالك بعض الناس الذين يخطئون ويظنون أن المصطلح يطلق على النساء فقط من دون الرجال , والصحيح أنه يطلق على الجنسين ولكن المتعارف عليه مؤخرا هو إطلاق اللفظ على النساء في الأغلب. تنتشر العنوسة في مصر بدرجة كبيرة وحسب الإحصاءات الرسمية يوجد في مصر 13 مليون شاب وفتاة تجاوزت أعمارهم 35 عاماً لم يتزوجوا، منهم 2.5 مليون شاب و 10.5 مليون فتاة فوق سن ال35 ومعدل العنوسة في مصر يمثل 17% من الفتيات اللاتي في عمر الزواج، ولكن هذه النسبة في تزايد مستمر وتختلف من محافظة لأخرى، فالمحافظات الحدودية النسبة فيها 30% لأن هذه المحافظات تحكمها عادات وتقاليد, أما مجتمع الحضر فالنسبة فيه 38% والوجه البحري 27.8%. كما أن نسبة العنوسة في الوجه القبلي هي الأقل حيث تصل إلى 25% ولكن المعدل يتزايد ويرتفع في الحضر وأسباب أنتشار العنوسة في مصر هو ارتفاع معدلات البطالة وغلاء المهور والإسكان علي وجه الخصوص وارتفاع أسعار تكاليف الزواج الأخرى الناتجة عن العادات والتقاليد المتبعة وكذلك ارتفاع معدل التعليم بالنسبة للإناث وأيضا تباين الكثافة السكانية من حيث الجنس حيث أن عدد الإناث أكثر من عدد الرجال. وجدير بالذكر أن ظاهرة العنوسة في مصر أدت لزيادة بعض الظواهر الغير مقبولة اجتماعيا ودينيا مثل ظواهر الزواج السري والعرفي بين الشباب في الجامعات والشذوذ الجنسي بين الفتيات وأيضا العنوسة للرجال تعتبر سببا في الإقبال علي إدمان المخدرات بالإضافة إلي أن المرأة تعاني من متغيرات هرمونية في مراحل حياتها، فالامر يتغير عند الزواج والانجاب، أما إذا كانت غير متزوجة فتحدث اضطرابات والفتيات العازبات غالبا ما يتعرضن للاصابة بأمراض نفسانية مثل الكآبة نظرا لفقدان حياة الاسرة وافتقاد الامومة". حلول مقترحة ومن الحلول المقترحة للحد من تزايد نسبة العنوسة تساهل المجتمع في قبول تخفيض تكاليف الزواج من مهور وتأثيث السكن وقبول فكرة تعدد الزوجات اجتماعيا ودعم وتشجيع الحكومة للمتزوجين من خفض الضرائب علي المرتبات للمتزوجين ودعم المؤسسات الخيرية عينيا لغير القادرين على مصروفات الزواج وزيادة التكافل الاجتماعي بين الأفراد بالمساهمة في تكاليف الزواج. الإدمان الإدمان .. هو عبارة عن اضطراب سلوكي يظهر تكرار لفعل من قبل الفرد لكي ينهمك بنشاط معين بغض النظر عن العواقب الضارة بصحة الفرد أو حالته العقلية أو حياته الاجتماعية ، والعوامل التي تم اقتراحها كأسباب للإدمان تشمل عوامل وراثية، بيولوجية، دوائية واجتماعية وتشمل البطالة. وقد كشفت إحصائية خطيرة لوزارة الصحة عن أعداد المدمنين في مصر مفاجآت من العيار الثقيل ، إذ أثبتت نتائج المسح القومي للإدمان عن عام 2008 أن نحو 9,8% من إجمالي عدد سكان مصر أي ما يقرب من 8 ملايين مصري تعاطوا المخدرات أو اختبروا تناولها أثناء فترات مختلفة من حياتهم منهم 3,1% تعاطوا المخدرات بشكل غير منتظم ، فيما أثبتت نتائج المسح عن تعاطي نحو 4,8% من إجمالي النسبة بشكل منتظم منهم 1,6% مدمنون على المواد المخدرة المختلفة بإجمالي 1,5 مليون شخص في مصر . وأشار المسح إلى مفاجأة أخرى في ترتيب قائمة المواد المخدرة الأكثر تفضيلا من جانب المتعاطين ، حيث أكد أن مخدر الحشيش ومشتقاته جاءت في المرتبة الأولى من قائمة المواد المخدرة التي يقبل على تعاطيها المواطنون في مصر بنسبة 93,5% بينما تأتي المواد الكحولية في المرتبة الثانية بنسبة 22,6% فيما تأتي العقاقير المخدرة والمؤثرة على الحالة النفسية ، وفي مقدمتها عقار الترامادول في المرتبة الثالثة بنسبة 11,7% بينما احتلت المواد المشتقة من الأفيون كالهيروين المرتبة الرابعة ب 7,2% بينما أتت المنشطات كالكوكايين في المرتبة الخامسة ب 5,3% . ويشير المسح إلى تعاطي بعض الأشخاص لنوعين أو ثلاثة من المواد المخدرة كالكحول أو الحشيش معا على سبيل المثال ، فيما أشارت مصادر مسئولة بالامانة العامة للصحة النفسية إلى صدور دراسة خلال عام 2009 استخدمت فيها ما يسمى بالعينة " الطيارة " أثبتت ارتفاع نسب تعاطي المواد الكحولية خلال مطلع عام 2009 الجاري مقارنة بالمواد المخدرة الأخرى وفي مقدمتها الحشيش ، لافتة إلى أنه من المقرر إجراء مراجعة الدراسة ، لارتفاع نسب مدمني الكحوليات مقارنة بمخدر الحشيش . وأوضحت المصادر إلى اختلاف نوع المخدر من المناطق الشعبية مقارنة بالمناطق ذات الدخل المرتفع ، لافتة إلى إقبال قاطني العشوائيات و الاحياء الشعبية على المخدرات ذات الروائح النفاذة والتي تستخدم بها الزيوت الطيارة مثل الكولا ، في المقابل لوحظ إقبال سكان تلك المناطق على المخدرات مرتفعة الثمن مثل الهيروين والتي يتم تعاطيها عن طريق مزج قدر ضئيل منها لارتفاع ثمنها مضافاً إليه مخدر كيميائي آخر وتسمى تلك العملية في أوساط المدمنين بالتعلية . فيما أكدت المصادر عدم اختلاف أنماط الادمان أو المواد المخدرة المستخدمة بين الجنسين سواء شباب أو بنات من المدمنين ، بينما تختلف تأثيرات المخدرات من قصير المدى إلى طويل المدى . عدو مصر بعد هذا السرد .. يرى الكثيرون أن عدو مصر الأول في الوقت الراهن ليس خارجي مثل إسرائيل أو بعض دول المنطقة وإنما هي البطالة فهي الوحش النصف نائم الذي يتربص بنا وإن لم نقض عليه أو على الأقل نحد من مخاطره سيكون هناك ما يحمد عقباه.