أحدث تأخر إذاعة حوار الرئيس محمد مرسي مع الإعلامي عمرو الليثي على قناة "المحور" حتى الساعة الأولى من فجر الاثنين، كثيرا من الجدل والبلبلة إذ اعتبره البعض تصرفاً ينتقص من هيبة مؤسسة الرئاسة، وإشارة إلى التخبط والعشوائية، وهو الأمر الذي يندر حدوثه في دول العالم التي تعتبر أحاديث الرؤساء والمسؤولين موعداً مقدساً لا يمكن الحياد عنه بأي حال من الأحوال، كما تباينت ردود الفعل على مضمون الحوار بين مؤيد ومعارض. صحيفة "التغيير" ترصد أهم السلبيات التي كشفت عنها أزمة تأخر الحوار الذي كان من المقرر عرضه في تمام الساعة الثامنة مساء الأحد، إلا أن البرنامج تأخر إذاعته حتى الساعات الأولى من صباح الاثنين بعد أن غط غالبية المصريين في نوم عميق. غياب البروتوكول يرى الدكتور باسم خفاجي المرشح الرئاسي السابق رئيس مجلس إدارة الأكاديمية الوطنية السياسية، أن الأزمة فجرت افتقاد مؤسسة الرئاسة لبروتوكولات تنظم ضوابط تحدث الرئيس، وقال في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يوم الاثنين :"هناك بروتوكول في كل الدول في الدنيا عندما يتحدث الرئيس عبر التلفزيون، المسألة مش فهلوة، هناك قواعد تتحكم فيما يظهر على الشاشة قبل الرئيس .. وما يظهر بعده مباشرة. وهذا الأمر تتحكم فيه غالبا في كل دول العالم مؤسسة الرئاسة". غموض انتشرت حالة من الغموض الشديد لتفسير تأخر حوار الرئيس، بما ترك المجال للقيل والقال حتى أن البعض فسر التأخير بأن مرسي طلب إجراء تعديلات وإضافات على الحوار. وجنحت تفسيرات أخرى نقلا على وكالة أنباء الأناضول إلى أن سبب التأخر يرجع لأسباب فنية بالقمر الصناعي نايل سات. كما ظهرت تأويلات أكثر غرابة مفادها أن قيادات إخوانية وراء تأجيل إذاعة الحوار المسجل، وأنها أصرت على مراجعة كاملة له قبل بثه. بل وامتد الغموض إلى مكان بث اللقاء، فتباينت التقارير حول نقل الشريط المسجل للحوار إلى ماسبيرو تمهيدا لعرضه عبر التلفزيون الرسمي، وأشارت تقارير أخرى إلى أن قناة المحور في مدينة الإنتاج الإعلامي هي صاحبة الحق في عرض الحوار المسجل. دعاية رخيصة كعادته واصل الدكتور حسن راتب مالك قناة "المحور" وأحد رجال نظام المخلوع هوايته في تلميع نفسه مستغلاً الحوار، وهو ما اعتبره الإعلامي إبراهيم عيسي بمثابة "اختبار تحمل" للمصريين، أن يتحملوا تلميع حسن راتب لنفسه لوقت طويل، تتخلله أغاني من النوعية التي برزت في عصر "أنس الفقي". كما اعتبر د. باسم خفاجي ذلك التصرف بالإهانة البالغة لمؤسسة الرئاسة التي تحولت بحسب رأيه إلى وسيلة اعلانية في يد صاحب القناة، وتابع: "يبدو انه لا توجد حدود لامتهان الرئاسة المصرية كمؤسسة سيادية وقيمتها وهيبتها تتناقص كل يوم. لايجب مساءلة ومحاسبة القناة فقد وجدت أن الرئيس يمكن أن يستخدم لجذب المشاهدين". سخرية فتح ذلك التخبط في مؤسسة الرئاسة المجال للكثير من التعليقات الساخرة، أبرزها ما كتبه الإعلامي الساخر باسم يوسف في حسابه على تويتر قائلا: "" الحوار تأخر عشان الشريط فى المونتاج بيشيلوا منه الإفيهات كلها.. ليه قطع الأرزاق ده؟"، وأضاف،" يقال أن الرئاسة مشاركة فى الإعلانات عشان تجيب تمن رفارف جديدة للعربية الرئاسية، ولذا هناك تأخير"، بالإضافة إلى آلاف التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي". مضمون الحوار تباينت الآراء بشأن مضمون الحوار بين انتقادات وإشادة، فعلى سبيل المثال لا الحصر قالت أماني الوشاحي – مستشار رئيس منظمة الكونجرس العالمي الأمازيغي لملف أمازيغ مصر ومنسق الشبكة المصرية من أجل الأمازيغ "الحوار لم يكن له داعٍ من الأساس، لأن د.مرسى لم يأت بجديد .. نفس الكلام، نفس العبارت، نفس حالة الانفصال عن الواقع .. إضافة إلى وضوح عملية المونتاج التي تمت للحوار قبل إذاعته". وأضافت في تصريحات أوردتها صحيفة الدستور: "أثناء الحوار قال عمرو الليثى إن مقر حزب غد الثورة تم حرقه أمس .. وبما أن مقر حزب غد الثورة تم حرقه يوم الجمعة إذن هذا الحوار تم تسجيله يوم السبت .. وإذا نظرنا إلى الباب فى منتصف الصورة سنلاحظ ضوء الشمس .. مما يدل أن التسجيل كان نهارا وليس ليلا .. والسؤال الآن لماذا تم تسجيل الحوار صباح السبت ليذاع فجر الاثنين؟". ويرى الدكتور علاء الروبي المدير التنفيذي للأكاديمية السياسية الوطنية أن إيجابيات حوار الرئيس فاقت سلبياته، معتبراً أن أهم الإيجابيات هو الإعلان عن عدد من الأمور الإيجابية لتقليل معاناة الطبقات الكادحة مثل زيادة الإعفاء الضريبي إلى 12 ألف جنيه ورفع معاش الضمان الاجتماعي إلى 400 جنيه و دراسة إعادة جدولة أقساط التاكسي الأبيض و إعفاءات من المصاريف وإعادة هيكلة الضريبة العقارية وتطوير 68 منطقة عشوائية. وأشار الروبي إلى أن مستوى الدبلوماسية والحضور في ردود الرئيس كان متميزا. بينما انتقد الروبي أسلوب مقدم الحوار عمرو الليثي ووصفه بالسوقي، مفسرا ذلك بقوله :"أعتقد أن التقاليد والأعراف المصرية تسمح لمقدم برامج "عمرو الليثي" أن يقاطع الرئيس كيفما يحلو له، ويخاطبه ب "أنت" والأسوأ هو عدم قدرة الرئيس على فرض الأسلوب الذي يناسبه بصراحة أنا حسيت إن اللقاء أقرب لاستجوابات النيابة منه إلى لقاء "مسجل" مع الرئيس". واعتبر الروبي أن فكرة الحوار المسجل تنتقص من الرئيس لأنها قد تدل على عدم القدرة على المواجهة. وتتمثل الإيجابيات أيضا في تقدم ملحوظ في مستوى أسلوب الرئيس، حيث قال خفاجي: "أرى أنه حقق تقدماً كبيراً في أسلوب مخاطبته للناس، وتميز حواره أنه تم ترتيبه بشكل أفضل من أي حوار سبق. كما أنه استطاع المناورة في الإجابة عن أسئلة كثيرة بطريقة أقرب للحرفية منها للهواية وهو أمر يحسب له رغم حاجتنا كشعب إلى إجابات كثيرة. بالعموم أرى هناك تقدما واضحا في الأداء الإعلامي".