يتسائل كثير من الناس عن سر السعادة والإجابة أن سر السعادة يتوقف على فهم المرء لنفسه ونجاحه فى الحياة والعيش بسلام مع هذه النفس والظروف المحيطة ، فالطفل الذي يولد عاجزا يحتاج إلى جو من الحب والطمأنينة يترعرع فيه, كما يحتاج إلى طعام صحي يكفيه..فإذا توافرت له هذه الأشياء, هدأت غرائزه الفطريةوساده الشعور بالغبطة والإرتياح... أما إن حرم منها أو من شيء منها... فإنه يشعر بعدم الطمأنينة وبأنه منبوذ مكروه أو بأنه جائع باستمرار...وعلى هذا تثور فينفسه غرائز التمرد والكراهية والشك...ولا يجد بدا من أن يناضل مسلكه هذ في نفسه وخير علاج لهذه الحالة: أن توحي إلى نفسك بأنك لست منبوذا...وبأنك كغيرك أن لك رسالة في الحياة..والمجتمع في حاجة إليك, كما أنه في حاجة إلى غيرك...وسوف يكون أكثر حاجة إليك كلما زاد ما تشعر به في أعماق نفسك من الحب والسرور والتفاؤل..وانتقلت عدوى ذلك منك إلى كل من يلقاك...أو يتحدث إليك وعليك أن تصم أذنيك عن ذلك الصوت الداخلي الذي يلاحقك هاتفا بك :"أنت تافه حقير فاشل, ....لا يعبأ بوجودك أحد....ورفاقك أفضل منك وأذكى وأوفر توفيقا ...وهم جميعا يسخرون منك . ويرى أحد كبار علماء النفس أنعقدة "بولكراتس" هي أعدى أعداء السعادة...وقد كان بولكراتس هذا حاكما ديكتاتوريا عاش منذ أكثر من ألفي عام...وحالفه الحظ فوفر له كل عناصر النجاح والثروة والعز والجاه..لكنه كان يخاف من المستقبل..ويعتقد أن الآلهة ما أغدقت عليه كل تلك النعم إلا لكي تنزعها منه فجأة لتمعن في النكاية به والسخرية منه.. وأشار عليه بعض خاصته بأن يقدم للآلهة قربانا..فأقام احتفالا كبيرا لتقديم ذلك القربان...وبدأ الإحتفال بالقاء أثمن خاتم عنده في عرض البحر...ثم عاد في موكبه البحري إلى الشاطئ....فما كاد يجلس لتناول الغداء حتى وجد الخاتم الذي ألقاه في البحر منذ ساعات قد عاد إليه في جوف سمكة مشوية مما صيد في ذلك اليوم...وهنا اشتد قلقه وخوفه...إذ اعتقد أن الآلهة لمتتقبل قربانه لإعتزامها الإيقاع به...ثم استغل أعداؤه فترة يأسه واسترساله في الهم...فأغاروا عليه....وحطموا عرشه ...وامبراطوريته ويقول هذا العالم النفسي: أن أناسا كثيرون يشبهون "بوليكراتس" فقد توافرت لديهم كل ما من شأنه أن يسعدهم...ولكنهم لم يعرفوا السعادة والراحة والسلام النفسي...لأنهم يتوهمون أن القدر متربص بهم لكي يسلبهم أعز ما يملكون.. .وبذلك جروا على أنفسهم الألم والأرق والصداع واضطراب الهضم...وغيرها من الأمراض العضوية الناجمة عن الإضطرابات النفسية...فكانوا غير سعداء