سقطة جديدة، تلك التي وقع فيها الروائي علاء الأسواني، حين طالب باستبعاد من لا يعرفون القراءة والكتابة، من التصويت على الدستور، بحجة أنه سيتم خداعهم ب "الزيت" و"السكر" ليوافقوا على دستور لم يقرأوه!!!!. "الأميون لا مكان لهم تحت شمس هذا الوطن" .. ربما بات هذا منطق من أسموا أنفسهم ب "النخبة" الذين ظلوا ينأون عن المجتمع ويبتعدون عنه مكتفين بالجلوس في أبراجهم العاجية بعيداً عن مشاكل المواطن وهموم حياته، متاجرين بها عبر كتاباتهم وأحاديثهم الصحفية، حتى إذا ما قامت الثورة، هبت هذه النخبة للتحدث باسم الشعب وتعلن وصايتها عليه، وفجأة تحول هذا الشعب من قائد للثورة ومشعل لها، إلى تابع عليه أن يسير خلف "النخبة" ويأتمر بأمرها، لم لا، والمثقفون وأصحاب الرأي، "هما اللي بيفهموا" وباقي الشعب ليس مهيئاً لاختيار مستقبله ومصيره!!!. بذور هذه الرؤية الاستعلائية، ظهرت بشكل جلي بعد استفتاء مارس 2011، الذي خرج الشعب فيه ليرد بقوة على دعوات هذه النخبة بالتصويت ب "لا" ظنا منها أن الشعب سيسير ورائها، بعد أن ظلت طوال أيام الثورة تؤكد أن الشعب بات هو حاكم نفسه وأن هذه الثورة ثورة الشعب ولا وصي عليها، ولكن هذا الشعب - الذي قالت بنفسها أنه لا وصي عليه - رفض وصايتها وعبر عن رأيه بكل صراحة، الأمر الذي مثل بداية حقيقية للقطيعة بين هذه النخبة "الواهمة" وبين شعب كل ما يريده حياة كريمة دون مزايدة من أحد أو متاجرة أو إهانة. الأسواني في تغريداته "العجيبة" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، اعتبر اقتصار المشاركة على الاستفتاء على من يجيد القراءة ليس أمراً عنصريا، على حد زعمه، إنما قمة الاحترام للديمقراطية!!، مستنكرا مناقشة الأميين للدستور!!، حيث قال "قصر الانتخاب على من يعرف القراءة ليس عنصرية وانما احترام للديمقراطية كيف يناقش الدستور أميون؟".!!! واعتبر الأسواني أن حجته في هذا الأمر "منطقية وموضوعية"، إذ أن هذا الأمر من شأنه حرمان جماعة الإخوان المسلمين وجماعات تيار الإسلام السياسي، ممن أسماهم "جمهورهم الأساسي"، الذين يتم شراؤهم بالزيت والسكر، حيث قال الأسواني "الاخوان والسلفيون يستغلون الجهل والفقر، يدفعون الأميون للتصويت لأي شيء باسم الإسلام ويشترون اصواتهم بالزيت والسكر . هذه ديمقراطيتهم للأسف". ويبدو أن الروائي الكبير الذي يتباهى بثقافته وبليبراليته، بات غائباً عنه أن اكتساح الإخوان للانتخابات "النقابية"، تحديداً، لم يتم بفضل أصوات من أسماهم "جمهورهم الأساسي"، من الأميين، بل إن هذه النقابات التي تمثل صفوة المجتمع المهني والعلمي والثقافي، قد اختارت بإرادتها، قيادات الإخوان لتقود هذه النقابات، ووفقا لنظرية "صاحب يعقوبيان"، فإن صيادلة مصر وأطبائها ومهندسيها وعلمييها ومعلميها أصبحوا "أميين"، فقط، لأنهم انتخبوا الإخوان.!!!! سقطة الأسواني، لا تعد إقصاءً لنسبة كبيرة في الشعب المصري وانتقاصاً من حقوقهم، فقط، وإنما تعدتها لتصبح بمثابة "مكافأة نهاية خدمة" لأكثر من 40% من الشعب المصري، الذي عانى من فساد نظام مبارك فأصابه المرض والفقر والجهل، وبدلاً من أن ترتقي به مصر الثورة، أرادت النخبة أن تزيد من تهميشه وإقصائه، مستكملة المسيرة المباركية. عنصرية الأسواني! واستكمل الأسواني تغريداته، مؤكدا أن كلامه هذا يصيب تجار الدين بالهيستيريا لدفاعهم عن جمهورهم الأمي، إلا أن الحقيقة التي غابت عنه أن الانتقادات هذه المرة جاءته من شخصيات خارج التيار الإسلامي، الفنان أحمد عيد، انتقد بشدة الأسواني، معقباً بقوله "صح نمنعهم من الاستفتاء وبالمرة نمنعهم من المشاركة في الانتخابات وبالمرة كمان نمنع الفقرا عشان الزيت والسكر وتروح تنتخب انت لوحدك"، في إشارة للأسواني. كما اتهم نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" الأسواني بالعنصرية، لاقتراحه حرمان قطاع كبير من الشعب المصري من حقه الديمقراطى فى التصويت على دستور بلاده. واستنكر الناشط اليساري وائل خليل، تصريحات الأسواني، متهمًا إياه بالوقوع فى الخطأ، معلقًا بسخرية "ها ها ها مش علاء الأسوني لوحده الى عنده أفكار فاشية من تصويت البسطاء والأميين، مش هتصدقو لكن معظم النخب بتفكر كدة لكن بتخاف تقول". ووجه خليل رسالة شديدة اللهجة للأسواني قائلا: "علاء الأسواني ملناش كبير ولا غالي وانت غلطت..كلامك عن تصويت الأميين مرفوض..ولو على مواد الدستور نعملها تسجيل صوتى وبالعامية كمان". وأدان الناشط السياسي أيمن شويقي اقتراحات الأسواني قائلا: "يا لهوووى علاء الأسواني يطالب بإقصاء الأميين من التصويت على الدستور، ده مبارك لم يفعل هذا، ولم تحدث فى النظام العنصري بجنوب أفريقيا". وانتقد الناشط إبراهيم الجارحي ما جاء على لسان الأسواني قائلا: "الجهلة يا أخ علاء الأسوانى لهم الإنتخاب زيهم زيك، ولو تعرضوا للتضليل فهى مسؤولية النخبة المتعلمة، وزيادة عن اللزوم زى حضرتك".