منذ شهر أرسلت رسالة إلى شيخ الأزهر أسأله عن حكم التمرد على ولي الأمر الذي يقيم الصلاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ولم تصل إلي منه أي إجابة بالرغم من شدة الحاجة إلى مثل هذه الفتوى في هذه الظروف ، وبالرغم من أنني حملته مسئولية هذه الفتوى وبينت له خطورتها. واليوم أجاب فضيلته في الوقت غير المناسب ، وقد أجاب على غير السؤال الذي وجهته إليه ؛ فأما عن الوقت فقد حرم الناس من فتوى هم في أشد الحاجة إليها لمدة شهر كامل ، ثم أجاب بعد أن حدد كل إنسان موقفه دون الاستعانة برأي الأزهر ، وأما عن العلاقة بين الإجابة والسؤال فيجب أن أوضح الحقائق الآتية : 1. أن فضيلة الدكتور / أحمد الطيب أفتى اليوم بحل معارضة ولي الأمر ، ولم يبين ما يقصده بالمعارضة ، وأستطيع أن أؤكد أن المعارضة التي يفتي فضيلته بحلها هي اختلاف الرأي في بعض المسائل وهو أمر جائز شرعا طالما كان التعبير عن الاختلاف خاضعا للضوابط الشرعية وآداب الحوار ، ولكن السؤال كان عن خلع بيعة ولي الأمر ، وهو ما تعنيه حركة التمرد وهو ما لم يفت فضيلته فيه. 2. أن فضيلته أجاب على سؤال آخر لم أسأله إياه ولا أظن أن أحدا سأله ذلك ، وهو حكم المتمرد من حيث الإيمان والكفر ، فأعلن أن التمرد لا يخرج الإنسان من الملة واستشهد بحالة الخوارج الذين خرجوا على الإمام علي رضي الله عنه. 3. كان السؤال عن حكم خلع بيعة ولي الأمر هل هو فريضة أو واجب أو مندوب أو مباح أو مكروه أو حرام؟ وفي حالة حرمته هل هو من صغائر الذنوب أو من كبائرها؟ ومن المعروف في عقيدة أهل السنة والجماعة يافضيلة الدكتور أن ارتكاب الكبائر لا يخرج الإنسان من الملة ولم يسألك أحد هذا السؤال ، وإنما سألناك أن تبين لنا تحريم خلع البيعة الذي تعلمه أنت ويعلمه كل علماء المسلمين ، ولم تبين الحكم الذي سألتك عنه مع أنه كان يجب عليك بيانه دون أن يسألك أحد. وأذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سئل عن علم فكتمه ، ألجمه الله عز وجل بلجام من نار يوم القيامة". 4. أوضح سؤالي فأسأل عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم "من جاءكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه". 5. وأسأل عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، ويصلون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم " ، قيل : يا رسول الله ، أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال : " لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه ، فاكرهوا عمله ، ولا تنزعوا يدا من طاعة. أسأل فضيلة الدكتور / أحمد الطيب عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لاتنزعوا يدا من طاعة" وهل يعني تحريم خلع البيعة؟ 6. كما أسأل عن قوله صلى الله عليه وسلم " اسمعوا وأطيعوا ، وإن استعمل عليكم عبد حبشي ، كأن رأسه زبيبة" ، وهل يعني وجوب طاعة ولي الأمر وتحريم خلع بيعته؟ أو أن اللغة العربية التي نعرفها تختلف عن تلك التي يعرفها فضيلته؟ 7. وأرى من الضروري أن أسأل فضيلته : كم شخصا سيسمع فتواك هذه ويحللها تحليلا علميا مثل هذا التحليل؟ وكم مليون شخص سيسمعها فيظنك تحل التمرد وخلع البيعة فيندفع في ذلك التيار المدمر متحججا بأن شيخ الأزهر قد أحل معارضة ولي الأمر؟ هلا قدرت عواقب ما تقول والضرر الذي يمكن أن يعود على البلاد والعباد بسبب هذه الفتوى؟ 8. أحب كذلك أن أسأل فضيلته إن كانت معارضة شيخ الأزهر جائزة هي الأخرى ، والذي أعلمه أن مخالفة فضيلته في الرأي جائزة طالما التزمنا بالضوابط الشرعية وآداب الحوار ، ولكنني أسأل عن سحب الثقة من شيخ الأزهر هل يجوز شرعا أو لا يجوز؟ وليكن هذا هو السؤال الجديد الذي أستفتي اليوم فيه فضيلته.