قضاة "الدستورية" بيشتغلوا سياسة بالمخالف للقانون.. ومن دخل العمل العام يتحمل النقد تقدمت المحكمة الدستورية العليا ببلاغ للنائب العام ضد الأستاذ مجدى حسين رئيس حزب العمل الجديد ورئيس التحرير، والصحفى مرسى الأدهم، اتهمتهما فيه بالسب والقذف لأنهما نشرا فى عدد الثلاثاء الماضى على الصفحة الأولى صور أعضاء المحكمة تحت عنوان (مطلوبين للعدالة)، ويؤكد الدكتور السيد أبو الخير أستاذ القانون الدولى العام ل(الشعب) أن ما صدر عن الصحيفة لا يعد سبا ولا قذفا لما يأتى: أولا: دخول المحكمة الدستورية معترك السياسة مخالفةً بذلك قانون السلطة القضائية الذى حظر على القضاة العمل بالسياسة، وقد تدخلت المحكمة فى السياسة سواء بأحكامها المسيّسة وما مارسته تهانى الجبالى إبان عملها.. ومن دخل العمل العام يتحمل النقد، وهذا مبدأ دستورى منصوص عليه فى الدساتير كافة. ثانيا: حرية الصحافة من المبادئ الأساسية التى تقوم عليها الديمقراطية، وما صدر عن الجريدة يعتبر فى إطار ذلك، حتى إن القانون سمح لوسائل الإعلام استخدام ألفاظ قد تعد سبا وقذفا فى حق الموظف العام، وخاصة من يمارس العمل العام، وحرية الصحافة لا يمكن تقييدها لفئة معينة من الناس دون فئة أخرى. وقد أضفت المادة (46) من الدستور حمايتها على حرية الإبداع بأشكالها المختلفة، ونصت المادة (48) من الدستور على حرية الصحافة، فذكرت: "حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة، وتؤدى رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأى العام والإسهام فى تكوينه وتوجيهه فى إطار المقومات الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحقوق والحريات العامة"، كما أن حرية الرأى مكفولة بالدستور وفقا للمادة (45) التى نصت على "حرية الرأى والفكر مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير". ثالثا: ما صدر عن الصحيفة لا يعد سبا أو قذفا لأن بعض قضاة المحكمة الدستورية مطلوبون فعلا للعدالة؛ فقد سبق وأن تقدم الأستاذ محمد العمدة ببلاغ ضد السيدة تهانى الجبالى، وحفظ أيام المجلس العسكرى، ومطلوبون للعدالة فى بلاغ الأستاذ ناصر الحافى المحامى الذى اتهم المحكمة بتزوير حكم حل مجلس الشعب.. فوفقا للمادة (302) من قانون العقوبات التى نصت على "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة فى المادة (171) من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه".. ومع ذلك فالطعن على أعمال موظف عام أو شخص ذى صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة بشرط أن يثبت مركب الجريمة حقيقة كل فعل أسند إليه ولا يغنى عن ذلك اعتقاده صحة هذا الفعل. ولا يقبل من القاذف إقامة الدليل لإثبات ما قذف به إلا فى الحالات المبينة فى الفقرة السابقة). وتطبيقا لهذه المادة فإن ما صدر عن جريدة الشعب لا يعد قذفا؛ لأن هذه المادة اشترطت عدم صحة ما أسند إلى المجنى عليه، أى كذب ما قيل، وما صدر عن جريدة الشعب صحيح لأنهم فعلا مطلوبون للعدالة وفق بلاغ محمد العمدة ضد تهانى الجبالى، وبلاغ ناصر الحافى المحامى الذى اتهم المحكمة بتزوير حكم حل مجلس الشعب الذى أثبت تقرير اللجنة الفنية المشكلة من أساتذة كليات الحاسبات والمعلومات تزوير حكم، وأن المحكمة قد كتبت الحكم قبل سماع المرافعات وتبادل المذكرات، أى صحة البلاغ المقدم، مما يجعلهم فعلا متهمين وفقا للمواد (211 و 212 و 213 و 214) من قانون العقوبات وعقوبتها الأشغال الشاقة المؤقتة مع العزل من الوظيفة كعقوبة تبعية، مما يؤكد صحة ما ورد فى الجريدة. كما أن الفقرة الثانية من المادة ذاتها أباحت الطعن على أعمال الموظف العام، وقضاة المحكمة من الموظفين العموميين، لذلك ينطبق عليهم حكم هذه الفقرة، وما ورد فى الجريدة لا يعدو أن يكون طعنا على أعمالهم المتمثلة فى الأحكام الصادرة من المحكمة، لذلك فكل ما وقع من الجريدة يدخل فى إطار المباح من حرية الصحافة وحرية الرأى والطعن على أعمال الموظف العام، فضلا عن صحة الوقائع الواردة بالجريدة. وادعى نص البلاغ الذى تقدم به أمس الأول الأربعاء المستشار ماهر البحيرى -رئيس المحكمة الدستورية العليا- إلى النائب العام ضد كل من مجدى حسين ومرسى الأدهم، أنهما ارتكبا جريمة إهانة وسب لأعضاء المحكمة الدستورية العليا، حيث كتب رئيس تحرير جريدة الشعب الجديد معلقا على قرار المحكمة الدستورية بخصوص حل مجلس الشورى وعدم قانونية قانون الجمعية التأسيسية للدستور يؤكد أن "المحكمة الدستورية تصدر حكما مزورا لإرادة الشعب كغطاء سياسى لحركة تمرد"، بينما كتب مرسى الأدهم تقريرا يؤكد فيه أن وزارة "الإسكان" أثبتت اغتصاب المستشار "أحمد الزند" رئيس نادى القضاة ل 2200 فدان، والنائب العام السابق "عبد المجيد محمود" ل 900 فدان، وتضمن اتهام صندوق خدمات أعضاء المحكمة الدستورية بالاستيلاء على 300 فدان من أراضى الدولة، وهو ما نفته المحكمة فى البلاغ، نافية أن يكون أى من أعضائها حصل على متر واحد من الأرض المشار إليها فى الموضوع المنشور بالجريدة. وقال رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار ماهر البحيرى فى بلاغه إن "ما نشر بجريدة الشعب ينطبق عليه المادة رقم (184) من قانون العقوبات التى تنص على أنه: "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أهان أو سب بإحدى الطرق المتقدم ذكرها مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو غيره من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة". واعتبر أن نص المادة (184) من قانون العقوبات تنطبق على هيئة المحكمة الدستورية التى تتألف منهم، وأن القصد الجنائى فى جريمة الإهانة التى نصت عليها المادة (184) عقوبات يتحقق متى كانت بذاتها تحمل الإهانة ولا عبرة بالبواعث، ومن المقرر أيضًا، أن القصد الجنائى فى جرائم السب والإهانة يعتبر متوافرًا متى كانت ألفاظ السب وعبارات الإهانة متضمنة لعيب معين أو خادشة للناموس والاعتبار". وقال رئيس المحكمة: ما أوردته الصحيفة من أوصاف ونعوت "تتضمن مساسًا بكرامة وهيبة المحكمة الدستورية العليا، وتنطوى بظاهر عبارتها وواضح دلالتها على سب وإهانة المحكمة الدستورية العليا وجميع قضاتها عضوًا عضوًا، بوصمهم بأنهم مطلوبون للعدالة، لإصدارهم حكمًا مزورًا يعد بمثابة غطاء سياسى لحركة سياسية (تمرد)، فضلاً عن كونهم مغتصبين لأراضى الدولة بغير وجه حق"، مؤكدا أن "كافة الوقائع المنسوبة زورًا وبهتانًا لأعضاء المحكمة غير صحيحة ألبتة، ولم ولن يكون بمقدور كاتب الخبر ورئيس التحرير إثباتها لعدم صحتها أصلاً". وقالت: "كان القصد الجنائى للكاتب قد اتجه إلى إهانة المحكمة رمزًا وأعضاءً، وسبهم، غير عابئ بالعقوبات المقررة على ما أتاه، وجهر بمقصوده، واستخفّ بحكم القانون حين أعلن عن رغبته عدم البقاء خارج السجن جزاء وفاقًا لما سطرت يداه، وقد جاراه فى ذلك المدعو مرسى الأدهم فيما سطره فى الصفحة الثانية من عدد الجريدة المذكورة ذاتها". وعقّب على هذا الدكتور السيد أبو الخير مؤكدا أن استناد مقدم البلاغ على نص المادة (184) من قانون العقوبات بزعم إهانتهما للمحكمة وسبها، لا يجوز؛ لأن هذه المادة لا تنطبق على ما صدر عن جريدة الشعب، لأنه يقع ضمن حرية الصحافة والرأى، ولا يعدو أن يكون رأيا نص القانون على احترامه، كما أن السب غير متوافر لصحة الواقعة، حيث اشترط القانون فى السب عدم صحة الواقعة، وأن ما أوردته الصحيفة بشأن أحكام الشورى والتأسيسية وقانون الطوارئ لا يخرج عن كونه استفسارا عن سبب إصدار هذه الأحكام طالما أنها عديمة الأثر القانونى، ومن حق المواطنين أن يعرفوا ذلك لأن الشعب عادة يعرف أن الاحكام تصدر للتنفيذ، أما أن يرى الشعب أحكاما لا تنفذ ولا يترتب عليها أى أثر قانونى فهذا هو الجديد فى هذه الأحكام، لذلك استفسرت الجريدة عن سبب صدورها.. والواقع أن هذه الأحكام فعلا أهانت المحكمة وقللت من شأنها لعدم وجود أى أثر لها، لذلك فهى والعدم سواء كما صرح بذلك قضاة. فلا إهانة للمحكمة ولا سب لعدم توافر أركانهما المادية والمعنوية.