form id="MasterForm" onsubmit="var btn=window.document.getElementById("psbtn");if(this.s && btn){btn.click(); return false;}" enctype="multipart/form-data" method="post" action="/mail/InboxLight.aspx?n=507280081" div id="mpf0_readMsgBodyContainer" class="ReadMsgBody" onclick="return Control.invoke("MessagePartBody","_onBodyClick",event,event);" فى كتابه طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد كتب عبدالرحمن الكواكبى مبينا طبيعة الحكومة المستبدة قائلا.
( الحكومة المستبدّة تكون طبعاً مستبدّة في كل فروعها من المستبدّ الأعظم إلى الشرطي إلى الفرّاش إلى كناسى الشوارع ولا يكون كلُّ صنفٍ إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقاً لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة وحسن السمعة إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدوهم بأنهم على شاكلته وأنصار لدولته ).
ويضيف أيضا (هذه الفئة المستخدمة يكثر عددها ويقلُّ حسب شدة الاستبداد وخفّته فكلما كان المستبدُّ حريصاً على العسف احتاج إلى زيادة جيش المتمجّدين العاملين لها المحافظين عليه واحتاج إلى مزيد الدقّة في اتِّخاذهم من أسفل المجرمين الذين لا أثر عندهم لدينٍ أو ذمّة واحتاج لحفظ النسبة بينهم في المراتب بالطريقة المعكوسة وهي أن يكون أسفلهم طباعاً وخصالاً أعلاهم وظيفةً وقرباً).
ويقول الكواكبى ( وربما يغترُّ المطالع كما اغترَّ كثير من المؤرِّخين البسطاء بأن بعض وزراء المستبدّ يتأوهون من المستبدّ ويتشكّون من أعماله ويجهرون بملامه ويظهرون لو أنّه ساعدهم الإمكان لعملوا وفعلوا وافتدوا الأمة بأموالهم بل وحياتهم فكيف – والحالة هذه- يكون هؤلاء لؤماء ؟ بل كيف ذلك وقد وُجِد منهم الذين خاطروا بأنفسهم والذين أقدموا فعلاً على مقاومة الاستبداد فنالوا المراد أو بعضه أو هلكوا دونه ؟ ) . إنتهى الإقتباس أحببت أن أبدأ بماكتبه الكواكبى لأنه يلقى الضوء على طبيعة فطرية لنظم الإستبداد أيما كانت سواء فى الشرق أوالغرب . فمنهج المستبد واحد وأدواته واحدة وإن إختلفت اللغة أوالزمان أو المكان. ولعل فترة الثلاثين عاما التى عاشتها مصر فى ظل آخر رؤساء الجمهورية الأولى ( المخلوع مبارك ) كانت مثالا حيا ومجردا لطبائع الإستبداد والمستبد . حيث كانت مصر تعيش فى مستنقع من الفساد لم تشهد له البلاد مثيلا على مدار تاريخها مما جعل مصر تحتل مراكز الصدارة دائما فى تصنيفات الفساد وأدناها فى تصنيفات الشفافية الدولية وغيرها. هكذا كان النظام المباركى ككل وإذا كانت القاعدة السياسية تقول ( أن حكم الكل ينطبق على الجزء ) فإن نظاما سياسيا فاسدا ومستبدا كنظام المخلوع يتطلب أن تكون مكونات هذا النظام ودعائمه فاسدة ومستبدة . ولكى يصبح النظام مفسدا ومستبدا فلن يكون كذلك إلا إذا سيطر على القانون ومؤسساته وأصبح له رجال رباهم على عينه فى كل مؤسسة.
لذلك لاغرابة فى أن تكون دولة القانون فى كثير من الأحيان أشد طغيانا وظلما من دولة الإستبداد لأن الظلم والطغيان هنا صار مشرعنا وله قانون يحميه وأصبح له قضاء يحكم له بقوانينه التى سنها . والدولة المستبدة أحد وجوهها الدولة الفاشلة وهى تلك الدولة التى تضع القوانين ولاتطبقها فأصبحت دولة رخوة إستبدت بحق الشعب فى أن يطبق القانون العادل وهذا وجه من وجوه نظام مبارك المستبدوالفاشل وفقا لمؤشرات الدولة الفاشلة بحسب مقياس صندوق دعم السلام ومجلة فورن بوليسى( حيث أنها الدولة التى لاتطبق القانون) وهكذا كان قضاء مبارك !!! فقد نجح نظام مبارك فى أن يغير المنظومة القيمية للمجتمع ككل متواطئا بوعى أو بغير وعى مع أعداء هذه الأمة لتنسحق سائرمؤسسات الدولة ويجرفها تسونامى الفساد فى ظل دولة الإستبداد فتصبح بحق دولة الإستبداد بالقانون وأحكام القضاء . ففى تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2007م بعنوان ( الفساد فى النظام القضائى ) ذكر أن النظام القضائى المصرى مثله مثل عديد من دول العالم الثالث لم ينجح فى الإفلات من منظومة الفساد حيث السيطرة الإدارية على شئون القضاء من جانب المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل ) والندب والتعيينات بالواسطة وذكر أن منصب النائب العام على مر العقود الماضية . عهد مبارك والجمهورية الأولى . إكتسب سمعة سيئة بإعتباره مكتبا للدفاع عن الحكومة على النقيض من ولايته الدستورية بوصفه المدافع عن الشعب . وفى إطار مانشرته صحيفة الوفد والمصرى اليوم منسوبا إلى وزير عدل مبارك محمود أبو الليل فى 26/1/2007م حيث وصف أمام اللجنة التشريعية بمجلس الشورى القضاء المصرى بأنه مترد وصعب ويسبب معاناة للمواطنين وقال كما جاء ( إننى أخجل بأن أقول أننا فى قضاء مترد لأسباب لا أستطيع الإفصاح عنها وأشار إلى أن أخطر مافى المسألة إنهيار المحكمة الإبتدائية والتى كانت تعتبر الخلية النشطة فى القضاء المصرى .. ثم قال لدى 2000 قاض ورئيس محكمة لوطلعت منهم 200 أو 300 قاض على المستوى اللى أنا عايزه ( أبقى جدع ) .
لذلك لا غرابة فى أن تقاوم سائر المؤسسات التى ترعرع سدنتها وحراسها فى عهد الإستبداد وتمرغوا فى وحلة لكن الأشد غرابة أن يكون بعض رؤوس القائمين على تحقيق العدل والمتغنين به هم أسرع المنسحقين والمنجرفين وأشد المقاومين للثورة والتغيير بل أصبحوا هم ( الزند ) الذى يشعل الثورة المضادة ويؤجج نيرانها كلما خبت ليسير القضاء فى إتجاهين متوازيين ومتزامنين ( أولهما تبرئة كل رموز مبارك المستبد وثانيهما إجهاض كل خطوةمن خطوات بناء النظام الجديد فأصبح القضاء فى حالة خصومة مع مصلحة الشعب واستكمال مؤسساته وصولا إلى تحقيق الإستقرار المنشود . حتى أنه يمكننا القول أننا فى مصر بعد الثورة نعيش حقا ( عصر القضاء بل عصر المحكمة الدستورية ) وأن الذى يحكم مصر هو القضاء الذى صنعه مبارك على عينه واصطنعه لنفسه وليس الرئيس المنتخب ومعه مؤسسات منتخبة أجهز القضاء على بعضها ويستعد للإجهاز على الباقى منها ضاربا عرض الحائط بإرادة الشعب الذى يستمد هذا القضاء سلطته منه ويلوى عنق النصوص ليحكم فى أى شئ ويدمر كل شئ ويصبح طريق الزند وناديه مثالا يحتذى وعلامة على كل ماهو فوق القانون والأمة لأننا نعيش عصرالقضاء بجدارة . وهنا لابد أن نسأل هل يحكم القضاء بنخبته مصر أم يحكم مصر شعب مصر الذى إختار من يحكمه .
لذلك فليس هناك بد من إعلان النفير لبدأ الإصلاح والتطهير فالمعركة معركة مصير . رحم الله الشيخ محمد الغزالى حيث يقول. (إن القاضى النزيه يكمل بعدله نقص القانون الذى يحكم به . أما القاضى الجائر فهو يستطيع الميل بالنصوص المستقيمة).