في سابقة هي الأولى من نوعها.. سيشرع المعهد الكاثوليكي بالعاصمة الفرنسية باريس، في تكوين وتخريج أئمة ومرشدين مسلمين ابتداء من شهر يناير 2008 . البرنامج التكويني المزمع العمل به سيتناول العلاقات بين المجتمع الفرنسي والدين الإسلامي، وقد اختار له واضعه أوليفييه بوبينو، وهو متخصص في علم الاجتماع الديني، عنوان "الديانات والعلمانية والتداخل الثقافي"، ويراد منه تكوين وتخريج أطر دينية على دراية بالقوانين العلمانية المنظمة للحياة الفرنسية العامة. ووصف البرنامج بأنه ذو صبغة علمانية، أي أنه لن يتناول القضايا والأمور الدينية الصرفة مثل العقائد والأخلاق والأحكام في الدين الإسلامي، بقدر ما يتناول التكييف القانوني لوضع الإسلام والمسلمين في جمهورية علمانية أصبح الإسلام فيها ثاني ديانة من حيث عدد المؤمنين به، وأول ديانة من حيث سرعة الانتشار وكثافة النشاط وقوة الحضور. وكانت جامعة باريس4- السربون قد حاولت من قبل وضع برنامج لتكوين وتخريج الأئمة والمرشدين المسلمين، إلا أن المشروع لم يخرج إلى الوجود، وكذلك وقع لجامعة باريس-8- سانت دوني. يذكر أن المعهد الكاثوليكي لباريس يعتبر مركبا جامعيا متعدد الاختصاصات، يضم كليات ومعاهد ومدارس عليا للمهندسين وتكوين الأطر، ومختبرات للبحث. وأنشئ المعهد بموجب قانون الجمعيات لعام 1901، وكسب الاعتراف الحكومي بكونه ذا منفعة عامة، وتسير دواليبه وفق القوانين الجامعية والمدنية، ويخضع لمراقبة وزارة التربية الوطنية والكنسية الكاثوليكية بروما. وهو أيضا عضو ضمن الفدرالية الدولية للجامعات الكاثوليكية التي تضم 200 جامعة كاثوليكية في ربوع العالم. ويعتبر مسجد باريس الذي يترأسه دليل بوبكر ذو الأصل الجزائري، المؤسسة الوحيدة التي تخرج بعض الأئمة لتلبية الطلب على الأئمة وتغطية المساجد الفرنسية. وحسب بيانات وزارة الداخلية الفرنسية، فإن عدد الأئمة بفرنسا يقدر ب1200 إمام، ليس فيهم سوى 25 إلى 30 بالمائة ممن هم فرنسيو الجنسية. وتؤكدا الإحصائيات الفرنسية الرسمية أن المغرب يستحوذ على النسبة الكبرى من الأئمة الناشطين بالمساجد الفرنسية بالنظر إلى أن جاليته هي أكبر وأوسع جالية مسلمة بفرنسا، إذ تبلغ 40 بالمائة. وتأتي الجزائر في المرتبة الثانية ب24 بالمائة، فتركيا ب15 بالمائة، ثم تونس 6 بالمائة، وأفريقيا والشرق الأوسط بنسبة 6 بالمائة، وما تبقى لفرنسا. وكان دومينيك دوفيليبان، الذي شغل منصب وزير للداخلية ثم منصب الوزير الأول، في الحكومة الأخيرة لجاك شيراك، قد اعتبر أنه من غير المقبول أن يكون 75 بالمائة من الأئمة غير فرنسيين، وأن يكون الثلث فيهم لا يعرف اللغة الفرنسية. وعرفت الحياة السياسية والدينية الفرنسية عدة فصول من أزمة الأئمة والمرشدين المسلمين، إذ طرد فيها بعضهم، واتهم آخرون ببث خطاب معاد للسامية، أو مهين للمرأة. وكانت قضية الإمام عبد القادر بوزيان، ذو الأصل الجزائري، وإمام مسجد فينيسيو، وأب ل16 طفلا، القضية التي شغلت الرأي العام سنة 2004، قد عرفت فصولا مثيرة من الطرد والعودة السريعة لعدم وجود قانون يسمح للسلطات الفرنسية إبعاد الإمام. غير أن البرلمان الفرنسي صوت على قانون يتيح للسلطات الفرنسية إبعاد أي مهاجر صدرت عنه بعض الأقوال أو الأفعال العنصرية أو المعادية للسامية. وهو القانون الذي علق عليه دوفيليبان يومذاك بأنه إن لم يبعد الإمام عبد القادر بوزيان، فإن الأئمة الآخرين لن يفلتوا منه. ويوجد عدد من الأئمة والمرشدين تحت المراقبة الدقيقة للمخابرات بأوروبا. وكان ميشيل جودان، المدير العام للأمن الفرنسي، قد صرح على قناة "ر.ت.ل" بأن عددا من الأئمة "المتشددين" يوجدون تحت أعين المراقبة بسبب تصريحاتهم المتزمتة. وأضاف أن المراقبة ليست مقتصرة على الأئمة، ولكن على عدد من الأشخاص الناشطين في مجال الدعوة الإسلامية بفرنسا ممن يمكن أن تكون تصريحاتهم وأقوالهم مثيرة ومهينة. وأكد مصدر أمني آخر، رفض الكشف عن اسمه، أن معظم الأئمة المراقبين يوجدون بمنطقة ليون مرسيليا وباريس، وأن أكثرهم من بلدان المغرب العربي، ومع بعض الأتراك. أما سويسرا، فقد تابعت فصولا مثيرة من حكاية المخبر السويسري الذي كلفته المخابرات السويسرية بالتجسس على هاني رمضان، واقتناص الفرصة لاتهامه بربط صلات مع "المجموعات الإرهابية" الناشطة بأوروبا والعراق. غير أن اعتناق المخبر للإسلام، جعله يعترف بحقيقة الأمر لهاني رمضان، ويفتضح أمر جهاز المخابرات والحكومة السويسرية