منذ عام 2009 ونحن نحذر من الفساد والإهمال فى دار الكتب والوثائق القومية، وخطر ذلك على الأمن القومى المصرى، يومها كنا نكتب أداء لواجبنا دون أمل حقيقى فى تغيير الأوضاع تحت نير نظام حسنى مبارك.. وكان رد فعل رئيس دار الكتب والوثائق حينها هو فصل عدد من العاملين المؤقتين بالدار ظنًا منه أنه مصدر المعلومات التى وصلتنا.. واستمر الحال على ذلك حتى قامت ثورة 25 يناير وأسهمنا فيها بقوة وأمل فى التغيير.. وواصلنا حملتنا على الفساد فى دار الكتب التابعة لوزارة الثقافة، منتظرين أن تنصلح الأحوال وتتحول الدار كما طالبنا مرارا لهيئة تابعة لرياسة الجمهورية، ولكن كانت المفاجأة، بل الصدمة، أن رئيس دار الكتب صار رئيسًا عن الثقافة كلها فى مصر، حين اختاره الدكتور كمال الجنزورى وزيرًا للثقافة.. وبعد أن كنا نطالب بإقالة محمد صابر عرب من رياسة إحدى هيئات وزارة الثقافة بتنا نطالب بإقالته من رياسة الوزراة نفسها، وما كدنا نفرح بنبأ استقالته يوم الاثنين الماضى، حتى قرر الدكتور هشام قنديل كالعادة، أن يحبطنا، بإعلانه أن الاستقالة قيد الدراسة، ثم أعلن متحدثه الرسمى بعد ثلاثة أيام أن صابر عرب باق فى مكانه.. وهذا ما يجعل أسئلة عديدة ملحة ومشروعة، فما الذى جعل قنديل يتمسك بوزيره الذى استقال معللًا استقالته برفضه الاعتداء على المتظاهرين وسحلهم؟ وما حقيقة العلاقة بين الرجلين: قنديل وعرب؟.. ومتى تنعم وزارة الثقافة بوزير ثقافة كفء ونزيه يعيد لها دورها فى حياة المصريين؟ هناك من يرى أن قنديل الذى يطالب الجميع بإقالته اليوم- لا فارق بين الإسلاميين والقوى المدنية- لن يقبل أن يستقيل وزير من حكومته فى هذا الوقت الحرج، فاستقالة الوزير إدانة مباشرة وقوية للحكومة ورئيسها، ووزير الثقافة الذى يدرك هذه الحقيقة ناور بورق الاستقالة، كما فعل من قبل فى حكومة كمال الجنزورى، واستقال، لأنه كان يعلم أن الوزارة ستتغير بعد الانتخابات الرئاسية، وكان يعلم أيضًا أن اللجنة التى يرأسها دكتور سعيد توفيق ستمنحه جائزة الدولة التقديرية، فأراد أن يسجل موقفا أخلاقيا باستقالته كى لا يكون منصبه الوزارى سببًا فى منحه الجائزة، واليوم تتكرر القصة على نحو آخر، فالوزير قد تقدم منذ شهور لجائزة دبى الثقافية، سرًا، والتى يشارك فى لجنة تحكميها، بالمصادفة، الدكتور سعيد توفيق، ومن المحتمل أن يفوز الوزير بالجائزة، التى تبلغ قيمتها مليون درهم، وستعلن نتيجتها الشهر القادم، فإذا فاز، فإنه سيكون قد استقال من منصبه منذ أسابيع، ولكن الحكومة هى من تمسكت به.. يبقى السؤال عن سر العلاقة الخاصة بين صابر عرب وهشام قنديل، التى تجعل قنديل يتمسك بوزير ثقافته، رغم أنه استقبل فى أغسطس الماضى وفدًا من موظفى دار الكتب قدموا له مستندات تتعلق بالفساد والإهمال فى دار الكتب والوثائق تحت رياسة صابر عرب، وسمعنا وقتها أن قنديل أوصى وزيره بحل مشكلاته مع موظفى الهيئة ومع الصحف الحكومية التى تهاجمه.. كذلك يبقى السؤال عن مستقبل وزارة الثقافة بعد ثورة يناير فى ظل استمرار هيمنة رجال فاروق حسنى عليها، وعن موعد الاستقالة الأخيرة والنهائية، لصابر عرب؟..