أعرب عدد من السياسيين ونواب البرلمان عن استغرابهم الشديد من التعديل الوزاري الذي تم إقراره أمس، معتبرين أنه "وهمي" وجاء بعيداً عن توقعات الشارع المصري ولم يعبر عن تطلعات المصريين، خاصة بعد مجموعة الكوارث والأزمات الأخيرة التي مرت بها الحكومة. وأكدوا أنه حتى لو حدث تغيير كامل للحكومة، فلن يحدث أي تطور أو إصلاح في مصر، ما لم يتم إجراء تعديل جوهري في السياسات والممارسات الخاصة بالدولة. واعتبر البعض أن التعديل يرسخ لمبدأ التوريث في مصر ويحقق مزيداً من التمكين لمجموعة جمال مبارك في مواقع اتخاذ القرار بالدولة. بينما توقع البعض الآخر حدوث تغيير كامل للوزارة، يتم الإعداد له الآن، وسيتم إعلانه خلال ساعات أو أيام من الآن. وأكد الدكتور محمد حبيب "النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين"، أن هذا التغيير لم يكن يتوقع أن يتم بهذا الشكل، معتبراً أنه لا ينبغي أن تطول التغييرات بعض الشخصيات أو المسميات فقط، ولكن الأمر يتطلب تغييراً في السياسات والممارسات والوسائل والغايات، وإلا فلن يحدث أي تعديل حقيقي. وقال حبيب: إن الإصلاح السياسي هو المحك الحقيقي لأي عملية نهضة سواء علي المستوي الداخلي أو الإقليمي، مشيراً إلي أهمية إلغاء قانون الطوارئ وإطلاق حرية الصحافة والرأي وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وتحقيق استقلال السلطة القضائية. واعتبر الدكتور منير فخري عبد النور "سكرتير عام حزب الوفد" أن هذا التعديل «غير مفهوم بالمرة»، بينما قال محمد عبد العليم داوود "النائب الوفدي بالبرلمان": إن هذا التعديل بعيد تماماً عن توقعات المواطنين، مضيفاً: كنا نريد تعديلاً شاملاً في السياسات وليس في الأشخاص. وتساءل داود: لماذا لم يشمل التعديل باقي الوزراء الذين تركوا أثراً سلبياً في الفترة الماضية وعلي رأسهم رئيس الوزراء نفسه؟! معتبراً أنه لا يوجد تعديل وزاري يحدث في مصر بناءً علي رغبة الشارع المصري. وقال: هذا التعديل ينم عن أن منظومة الإدارة في مصر أصابها «الزهايمر»، مطالباً بضرورة إجراء تعديل يشمل معظم الوزراء الحاليين. وأكد الدكتور محمد السعيد إدريس "الخبير الاستراتيجي في الأهرام وعضو حركة كفاية" لجريدة "المصري اليوم" المستقلة: أن أبلغ تعليق علي هذا التعديل "العجيب" هو "لا تعليق"! وقال أبو العز الحريري "عضو اللجنة المركزية لحزب التجمع ونائب رئيس الحزب": إن الحكومة أرادت مكافأة المستشار ممدوح مرعي "رئيس المحكمة الدستورية السابق" بعد أن قام بدور كبير في الانتخابات لصالح النظام، وكذلك نفس الدور في الدستور المصري وهو يقبض الثمن الآن، متسائلاً: ماذا فعل الدكتور عثمان محمد عثمان في وزارة التخطيط لكي يصبح مسئولاً عن التنمية الاقتصادية؟ وماذا سيفعل عبد السلام المحجوب في وزارة التنمية المحلية في ظل وجود قانون إدارة محلية فاشل؟ واعتبر الحريري أن هذا التعديل هو محاولة من الحكومة لإلهاء الناس عما يحدث من كوارث عن طريق إيهامهم بأن هناك تعديلات وزارية، مضيفاً أن ذلك التعديل يستهدف تكريس وجود مجموعة جمال مبارك في مواقع صنع القرار بالدولة. وأضاف: لم يتم إجراء تغيير في السياسات، مما يعني أن ذلك يعتبر مزيداً من التعديل لتحقيق عملية التوريث. وتوقع الدكتور محمد الجوادي «المؤرخ المتخصص في تاريخ الوزارات المصرية» أن يكون هناك تعديل وزاري كامل خلال هذا الأسبوع، وأنه قد يحدث خلال ساعات، ليشمل تغيير الدكتور أحمد نظيف رئيس الحكومة ومعظم وزرائه، معتبراً أن التعديل الذي حدث أمس كان محاولة من الحكومة لتهدئة الأمور بعد الهجوم العنيف الذي تعرضت له عقب كارثة القطارات. وأشار إلي أنه فيما يتعلق بإلغاء وزارة التخطيط، فإن ذلك نظام «أمريكاني غربي» حيث كانت هذه الوزارة آخر قلاع النظام الاشتراكي، ونص عليها الدستور لأول مرة عام 1956، وكان المقصود منها هو التخطيط بمعناه الأدبي والبلاغي وحتى لا تتكرر أخطاء غياب التنبؤ وكانت المسؤولة عن وضع الموازنة عندما أخذت مصر بالنظام الاشتراكي ولكن في الآونة الأخيرة شعرت بحاستي التاريخية بأن الدكتور عثمان محمد عثمان قد أطلق رصاصة الرحمة علي وزارته التي انتهي وجودها بعد التعديل الوزاري الجديد.