يواجه الأمن التونسي اتّهامات بارتكاب تجاوزات بحقّ أهالي مدينة سليانة بوسط غرب البلاد خلال احتجاجات دعت لإقالة المحافظ، فيما يواجه اتّحاد الشغل وبعض قوى اليسار تهما بتأليب الأهالي ضدّ الحكومة. وخلّفت الاشتباكات بين أهالي سليانة الذين طالبوا بتنحية المحافظ أحمد الزين المحجوبي وبين الشرطة أكثر من 300 جريح من بين المتظاهرين، فيما أوقعت خسائر بعدد من مراكز الأمن. ويقول الشاب بلال البياري (18 عاما) الذي يرقد بالمستشفى نتيجة إصابته بطلقات الرشّ على مستوى خدّه الأيمن، إن قوات الشرطة تعاملت ب"وحشية الماضي" لتفريق المتظاهرين. وأكد أنّ قوات الشرطة لجأت لاستعمال تلك الطلقات رغم أنّ المتظاهرين "لم يشكلوا خطرا"، وقال إنّ أحد أفراد الشرطة "تعرّى أمام أعين النساء والرجال حتّى يستفزهم". بدورها، أكدت السيّدة زكية الفالح قيام أحد رجال الشرطة باستفزاز المتظاهرين أمام مقرّ محافظة سليانة وشتمهم بعبارات نابية لإهانتهم. وقالت إنّ الشرطة قامت بمداهمة عدد من المنازل، مؤكدة أنّ منزل والدتها، الذي تقيم فيه، تعرّض لاقتحام من رجال شرطة "نهبوا" مبلغا من المال وهاتفا خلويا. من جانبها نددت منظمة هيومن رايتس ووتش باستعمال الشرطة "القوة المفرطة" ضدّ المتظاهرين، وطالبت بضرورة إصلاح الأمن ومحاسبة الذين أفرطوا باستخدام العنف دون موجب. لكن وزير الداخلية علي العريض أكد أنّ الشرطة لجأت لاستعمال القوة لحماية مقرات الأمن والممتلكات العامّة بعد أعمال شغب قام بها متظاهرون استعملوا فيها الزجاجات الحارقة. وأشارت وزارة الداخلية في تقرير لها إلى حرق تسعة مقرات أمن وحرس وطني وعدد من مقرات المعتمديات، إضافة إلى تهشيم مقرّ محافظة سليانة. وقالت إنّ تجارا في المحافظة تعرضوا للسرقة من قبل بعض المنحرفين خلال الاحتجاجات التي انطلقت يوم الثلاثاء الماضي وانتهت السبت. وكان رئيس الحكومة حمادي الجبالي، الذي تمسك ببقاء محافظ سليانة، دعا المجتمع المدني لتشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق وتحديد المسؤولين عن تطوّر الأحداث بالمدينة. ويتهم أعضاء بالحكومة وحركة النهضة عناصر من اتّحاد الشغل، أكبر منظمة نقابية، وأطرافا من أقصى اليسار وحركة "نداء تونس" التي يتزعمها الوزير الأول السابق باجي قائد السبسي، بقيادة "ثورة مضادة". وقال النائب بالتأسيسي عن حركة النهضة وليد البناني للجزيرة نت إنّ مطالب التنمية "حق مشروع"، لكنه أكد أنّ بعض النقابيين يعملون على توتير الأوضاع لإرباك الحكومة. وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها اتحاد الشغل مثل هذه الاتهامات حول دوره في الدعوة للإضرابات التي شلت عددا من المناطق. واعتبر البناني أن "هناك أطرافا نقابية استغلّت المطالب الحقيقية لأهالي سليانة لإحداث الفوضى". وأكد أنّ حزب "نداء تونس" قدم أموالا من أجل تأليب الأهالي ضدّ المحافظ، واتهم "الجبهة الشعبية" بتحريضهم على العصيان. وكان وزير الداخلية اتّهم القيادي بحزب "الجبهة الشعبية" شكري بلعيد بتحريض أهالي سليانة للإطاحة بالمحافظ. لكن شكري بلعيد نفى هذه الاتهامات مشيرا إلى أنها محاولة للتنصّل من المسؤولية. من جهته، نفى الكاتب العام الجهوي لاتحاد الشغل نجيب السبتي تورّط الاتحاد في تحريض الأهالي، مؤكدا أن دوره الاجتماعي يتطلب منه تأطير الاحتجاجات وتبني مطالب الجهة. وقال السبتي إنّ أهالي سليانة خرجوا للتظاهر السلمي بمفردهم على تخاذل المحافظ في تحسين الأوضاع، والتحموا باتحاد الشغل، "ولم يكن هناك أي تحريض لا من الاتحاد ولا من أيّ طرف آخر". وأكد أنّ اتهام اتحاد الشغل بشن "ثورة مضادة" هدفه تشويه صورته، مشيرا إلى أن الاتحاد كان في صفّ الثورة ولعب دورا حاسما في الإطاحة بالنظام السابق من خلال دعوته للإضرابات العامّة. يذكر أنّ اتحاد الشغل توصل لاتفاق مع الحكومة يقضي بوقف الاحتجاجات بسليانة مقابل سحب الأمن تدريجيا وتعيين المعتمد الأول (نائب المحافظ) بدلا من المحافظ السابق إلى حين تعيين محافظ جديد ودفع التنمية بتلك الجهة الفقيرة. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة